رسالة إلى إبنتي ..القسم ٨
رعد الغريباوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رعد الغريباوي

وأحب لك ثالثاً أن تري معي انه اذا كان لا ضير على الفتاة المهذبة من الحب الشريف ، فإن الحق كثيراً ما يختلط بالباطل ، وأن في الناس من يحسن الزعم ويتقن الكذب ومن يغرر بالطيبات الشريفات . والإنسانية ، مع الأسف ، لم تستطع حتى اليوم اكتشاف ميزان للحب كميزان الحرارة يضعه الأنسان على قلب زاعم الحب ليقيس درجة حرارة قلبه وصدق حبه ، ولذلك كان لا بد للفتاة الذكية الواعية من أن تسمع الكثير وان تشجع القليل وتصدق الأقل وتتحصن بالخلق القويم والفهم العميق ليتميز بين الغث والسمين ، بين الحق والباطل .
ولا تفهمي يا بنيتي ، اني أنكر الحب ، أو أتنكر له ، على العكس ، إنني أومن به أعمق الإيمان ، وأعتقد مخلصاً انه أعظم القوانيين البشرية وخير قواعد السلوك وأفضل أنواع التعامل بين الناس ، ولكنه كالذهب الخالص يزيفه اللصوص ويغشه من لا خلاق لهم . ومن هنا كان حرصي على أن تعوذي بخلقك القويم وعقلك النير كلما استبهم عليك الطريق وحزبك الأمر .
وإني وان كنت قد قررت لك ميزان تقاس به العاطفة فإني دالك على معيار أخلاقي قد يفيدك اذا ادلهم عليك الخطب ، إنه القاعدة البسيطة القائلة بالا تفعلي في السر ما تستحي منه في العلن .
أظن أن هذه القاعدة الأخلاقية عاصمتك من كثير من مواقع الزلل التي يوحي بها الرجل الشرير أو النفس الضعيفة .
ولن اترك حديثي إليك عن الحب قبل أن أقول لك اني لا أومن بالحب الصاعق ولا أعتقد بأصالته وصحته ، اني أعتقد أنه في معظم الأحيان نزوة عابرة تأفل بالسرعة التي بزغت بها ، وأنه في الأعم الأغلب دليل نفس غير متزنة وعقل غير بصير . هذه عقيدتي وهذه خبرتي وما اظنك تخطئين لو صدقتني .
كما أني لا أحب أن أترك حديث الحب قبل أن أقول لك اني مؤمن بأن الحب يقوم أول ما يقوم على الاحترام والتقدير ، وأن الأحترام ينهض على أساس من المعرفة والألفة ، وأن المعرفة بحاجة دوما إلى زمان ..
ثم اني لا أحب أن أنسى القول بأن الحب الزوجي الصحيح ينقلب مع الأيام إلى صداقة ، وجوهر الصداقة - مرة أخرى - الاحترام المعرفة .
وأخيرا أكد لك ان الحب الحقيقي هو الحب الذي ينمو مع الأيام ويزداد مع التعايش ويزدهر بالحياة المشتركة . فلا عليك أن بدأ حبك صغير ثم نما ، قليلاً ثم زاد .
نكمل معكم الحديث في الحلقة القادمة ، فتابعونا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat