صفحة الكاتب : جعفر المحمدي

تأملات في أيات (2)
جعفر المحمدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124))
كان النبي ابراهيم –عليه السلام- شخصية لها وزنها ليس عند المسلمين واليهود والنصارى فحسب بل حتى عند المشركين لذلك احتج عليهم رب العزة والجلال بهذا الشخصية المهمة, لانهم حرموا ما احل واحلوا ما حرم وبما انهم يقدسون شخصية النبي ابراهيم –ع- وجب عليهم الاقتداء به.
وبالفعل شخصية ابراهيم -ع-  لها تأثيرها الديني في العقلية العربية بل بالعقلية الانسانية, فهو ,كان امة بذاتها , لأنه اجتمعت فيه من صفات الكمال ما يجتمع في أمة, فصدق فيه قول أبي نؤاس: « »
                 ليس على الله بمستنكرٍ               أن يجمع العالم في واحد
ومن صفاته في هذه الآيات المباركة: « »
1.    (انَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) (اختلفوا في تفسير امة, ونقل الرازي اربعة اقوال ارجحها قولان: الاول انه يعدل امة بما فيها ، أنه كان اماماً, ومهما يكن فأن المراد هنا أنه كان عظيماً) « » ويمكن الجمع بين القولين المتقدمين لانه فعلاً كان رجلاً عظيماً ويمكن ان يعدل أمة بما فيها كما انه كان اماماً ليس لقومه فحسب بل للأقوام التي خلفته, (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) « » والامامة التي جعلت لإبراهيم -ع- كانت متأخرة نسبياً عن مرحلة للنبوة وانما هذا يدل على عظم قضية الامامة والتي سنناقشها في وقت لاحق اذا كتب الله لنا البقاء.
2.     (قَانِتًا لِلَّهِ) أي مطيعاً له, وطاعة لله هي من اوصلته لهذه المقامات العالية يقول احد علمائنا -رحم الله الماضين وحفظ الباقين- انما ابراهيم -ع- وصل ما وصل من المقامات هو سبب طاعته للأمر الالهي حيث اطاع امر الذبح (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103))« » فبمجرد أسلما طاعةً لله انهالت عليه الكرامات والمقامات العالية فكيف بمن اعطى كل ما عنده من ذاته واولاده وعياله لله وهو ينظر لأبنائه واخوانه واصحابه وهم مجزرين في ارض كربلاء فكيف لا يكون بقائه سرمدياً ما بقيت البشرية وهذا العطاء والتضحية هو شأن الانبياء والاولياء.
3.    (حَنِيفًا) مستقيماً متبعاً الحق تاركاً الباطل.
4.    (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هذا رد على المشركين الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم –ع- .
5.    (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ)  قد أخلص الشكر لله فيما انعم عليه.
6.    (اجْتَبَاهُ) اختاره للنبوة, او اختاره للإمامة او اختاره لكلاهما.
7.    (وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو دين الاسلام لا اليهودية ولا النصرانية (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين) « ».
8.    (وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) ممكن ان تكون هي تعظيم جميع اهل الأديان السماوية له، واعترافهم بنبوته.
9.    (وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) تلبيه لدعوته حيث قال (رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) « » 
وانطلاقاً من الآية اللاحقة (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) « » يستدل الشيخ محمد جواد مغنية على ان الاسلام وديانة ابراهيم -ع- شيء واحد في العقيدة ونبذ الشرك فمن يدعي أنه على دين ابراهيم -ع- , وهو ينكر نبوة محمد -ص- فقد ناقض نفسه من حيث يريد او لا يريد.

وقبل ان اختم لابد أن أوجه شكري وتقديري لأستاذنا الدكتور عبدالحسن الكعبي لإهدائه لي تفسير الكاشف حين علم بحاجتي إليه..
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

                                                 جعفر المحمدي
                                               15/محرم الحرام/ 1441هـ
                                             15/9/2019م


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المحمدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/12/10



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في أيات (2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net