أَثارني فلمٌ قصيرٌ يظهرُ فيه فرنٌ حجريٌّ كبيرٌ وعاملانِ متحرزان أَشد التحرزِ والوقاية الصحية, يدخلانِ نعوش الموتى داخل الفرن والنيرانُ تلتهبُ بقوة . قيل أَنَّ الحدث في ايطاليا!! إنَّه الرّعبُ بعينه .. هللتُ وحوقلتُ مما أُشاهد متسائلًا كيف تكون نهاية الانسان بهذه الطريقة البشعة التي تثير مكامن الخوف والرعشة في مفاصل الجسد الحيّ , وليس بالغريب على أَقوام اعتادت أن تحرق جثث موتاها , لكن البشاعة هنا تكمن في الطريقة المرعبة وعند أقوام من الديانات الموحدة التي تحترم الانسان حيّا وميّتا. مما يؤدي الى ازدياد حالات الهلع والرعب في النفوس التي هي بأمسّ الحاجة اليوم الى من يبعث فيها بشائر الطمأنينة والتهدئة والامان. ومارأيناه في بلدنا خلال الاسابيع المنصرمة من مواقف لبعض المواطنين ممن هدد ورفع السلاح بوجوه ذوي الموتى لرفضهم أَن تدفن جثث المصابين بالفايروس اللعين (كورونا) بالقرب من مناطقهم أو المقابر القريبة منهم ممَّا أَثار موجة استياء عارمة بين مؤيد ومعارض. ومرة أخرى في هذا الظرف العصيب الذي تتزاحم فيه المخاوف من المجهول تجيء فتوى الامام المفدَّى آية الله العظمى السَّيد السيستاني (دام ظله) متزامنة مع تعليمات منظمة الصحة العالمية التي تقول ) إنَّه وخلافًا للاعتقاد الشائع، لا يوجد دليلٌ على أنَّ الجثث تشكل خطراً بعد الإصابة بأمراض وبائية بعد كارثة طبيعية، وذلك لأنَّ معظم الجراثيم المسببة للأمراض لا تبقى على قيد الحياة لفترة طويلة في جسم الإنسان بعد الموت). وهذا يدلل على عمق الالتزام الواعي بالشرائع السماوية وماجاء به الاسلام الحنيف في إكرام الانسان حتى بعد الموت, وتماشيا مع المصالح العامة التي ليس فيها ضرر للمجتمع , نصت الفتوى في جانب منها على عدم جواز حرق الميت وشددت على ذويه الممناعة في الحرق والاصرار على الدفن. بل لامانع من الدفن في المقابر العامة . وقانا الله وإياكم كلَّ مكروه إنَّه هو السميع العليم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat