صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

محمد بن أبي عمير ، الفقيه المُمتَحن
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من فقهاء الشيعة وكبّار رواة الحديث ، تشرّف بمصاحبَة ثلاثة ائمة هم ( الكاظم والرضا والجواد ) صلوات الله عليهم ، قال عنه الشيخ الطوسي : إنه كان أوثق الناس عند الخاصة والعامة وأنسكهم نسكا وأورعهم وأعبدهم ..

بسبب صفاته ومكانته وصحبته للائمة ع تعرّض لأقسى انواع التعذيب من قبل العباسيين ، وقيل أنه بقي في السجن ١٧ عاماً .

ارادت منه السلطة ذات مرة ان يعطيها اسماء الشيعة ، فرفض وامتنع وقال اعرف من الشيعة محمد ابن ابي عمير و محمد بن ابي عمير و محمد بن ابي عمير .. الخ فضُرب حتى أغمي عليه ..

يقول رضوان الله عليه : في حالة من حالات الضرب صارت عندي لحظة ضعف ، حاولت ان انطق واذكر اسماء جملة من الاصحاب ، فتمثل امامي شيخي محمد بن يونس بن عبد الرحمن وكان متوفياً حينها وهو يقول لي : يا محمد اياك ان تنطق بكلمة ولو متَّ تحت السياط .. فاستعدت رباطة جأشي وصمدت ..

حملوه بعدها الى بيته وصودرت أمواله ونُهبَ داره حيث كان بزازاً وتاجرا .. واصبح بين عشية وضحاها فقيراً لا يملك شيئا ..

يقول السيد محمد باقر الصدر : قصة نهب داره هي التي جعلتنا نخسر كثيراً من أسانيد رواياته ..

فكتبه كانت مما صودر منه واصبحت اكثر رواياته التي اشتغل بإعادة كتابتها بعد الحادثة من المراسيل .. ولهذا يعدّ جملة من الفقهاء مراسيل ابن ابي عمير بقوة المسانيد ..

ومما يُذكر شاهداً على شدة ورعه هو أن احد عملائه المتلكئين في سداد دينه عندما كان ذا ثراء جاء ليسدد له الدَين بعد ان سمع بما جرى على ابن ابي عمير من ابتلاء وفقر .. وقال له : يا شيخي اني كنت معسراً ولما سمعت بما جرى عليك بعت داري وجئت لأسدد ما بذمتي لكي تستعين بالاموال على امور دنياك ..

وهنا ظهر معدن هذا الفقيه الورع ، وقال له : سمعت من اشياخي عن الامام جعفر الصادق ع انه يقول : ( لا يباع دار سكن في وفاء دين ) خذ هذا المال اليك والله خير الرازقين ..
يقول السيد باقر الصدر ما محصله : انه التزم هنا بآداب الرواية وليس بالتزاماتها الواجبة ، لان الحرمة منحصرة عند اجبار الدائن للمَدين ببيع داره ، اما عند تبرع المَدين بذلك فتصبح مكروهة .. وهو ابتعد عن الكراهة هنا وفاءً لإمامه ..

بهكذا اصحاب خاض الائمة عليهم السلام عباب بحار الظلم والطغيان ، وبهكذا مخلصين واتباع وصَلَنا مذهب اهل البيت عليهم السلام ..

كلّما كانت مرحلة التأسيس اكثر صرامة واكثر التزاماً من اهلها بما أسسوه كلما كان المؤَسَس ارسخ جذوراً وأطول عمراً واعلى شأنا ، كلما كانت البدايات مُحرقة كلما كانت النهايات اكثر اشراقا ..

توفي ابن ابي عمير في سنة ٢١٧ للهجرة وعمره ٩٠ عاما ..

ملاحظة : النصوص المذكورة اعلاه جاءت بالمضمون


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/07/18



كتابة تعليق لموضوع : محمد بن أبي عمير ، الفقيه المُمتَحن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net