صفحة الكاتب : علي علي

ما تحت العباءة
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مع تناسل بني آدم تناسل الخير والخيرون من دون انقطاع، مقابل هذا تناسل الشر، وتناسب الشريرون وتصاهروا في مناكب الأرض، فبدت موازينها معتدلة تارة بفعل بسط الخيرين أفكارهم وأفعالهم، ومقلوبة تارات أخرى بفعل الشريرين ومعتقداتهم ومكائدهم وغدرهم، فهم -الشريرون- اعتادوا على الخراب، ولايهنأ لهم عيش إلا بإشاعة الدمار وسط معيتهم وإن كانوا من أبناء جلدتهم، وبين هذا وذاك نشأت دول واندثرت أخريات.

  من بين هذه الدول أرض وادي الرافدين التي شهدت منذ الأزل تكالب الشريرين عليها، مع أن أغلب الخيرين والصديقين والأولياء والأتقياء عاشوا فوق أرضها، وكثير منهم وارى جثمانهم ترابها، فاكتسب بضمهم قيمة عليا سمت بسموهم وعلت بعلوهم. وأرض مثل هذه من الواجب الحفاظ على إرثها الحضاري، وهذا لن يتم إلا ببسط القوة والقدرة والسيطرة والهيمنة لدى حاكميها، ومن يتقلدون مراكز صنع القرار وتنفيذه فيها، لاسيما المسؤولين عن حمايتها، وتزداد الحاجة الى القوة أكثر من هذا، عندما يطفو على السطح نفر ضال ليس لاعوجاجه تقويم بالنصح والإرشاد، فتغدو القوة بكل اتجاهاتها ودرجاتها، الوسيلة الوحيدة في التعامل مع انتهازيين ونفعيين ومفسدين، لايمتلكون من الشرف والقيم والأخلاق والمبادئ حدا أكثر مما موجود في الضباع والثعالب، لما تحمله من صفات المكر والغدر والخديعة.

  إن مفسدي اليوم يمتلكون من الشر وجهين، الأول ظاهر يتمثل بأقوالهم، والثاني باطن يتجسد بأفعالهم ونياتهم المبيتة، وفي حقيقة الأمر أن الباطن أضحى أكثر وضوحا من الظاهر، وأقرب للقراءة والإدراك منه، فصار سواء لدى العراقيين حالا الباطن والظاهر. فأفكار ساستنا غالبا ماتكون مقروءة قبل نطقهم بها، لاسيما بعد أن خبرهم العراقيون وأدركوا تماما مبتغاهم في المفردة التي يتفوهون بها، وهذا طبعا بفضل تصريحاتهم خلف مايكروفون هنا أو على منصة هناك، وقد فاتهم ان العراقيين يتمتعون بقوة فراسة ودقة تخمين وصحة حدس، وأغلبهم كما نقول؛ “يقرون الممحي”، وقد باتوا يدركون مغزى تصريحات الساسة قبل بثها، وصاروا يستشفون النيات المبطنة والمعلنة على حد سواء، حتى صار المخفي منها محسوسا وملموسا وواضحا، وضوح الفنار في عرض البحر.

  شاهد حديثي في كل ماتقدم، هو المخاوف التي تساور أغلب العراقيين، من عدم مصداقية الكتل التي نادت بالإصلاح والتغيير منذ سنوات، واعتصمت متخذة لنفسها مكانا قصيا تحت قبة البرلمان، ومعلوم أن كتلنا وأحزابنا وقوائمنا هي كما يقول مثلنا؛ (سيف المجرَّب) ورؤساؤها وأعضاؤها مجرَّبون بما لايسعد صديقا حميما، ولا يفرح عراقيا شريفا، ولايغيظ عدوا بغيضا، وإنه لمن المؤسف أن غبارا بدأ يعلو سماء تلك الكتل السياسية التي عوّل على أعضائها العراقيون في تخليصهم من غول سياسة التحاصص، ولا أظنني أستبق الحكم في الانتخابات المقرر إجراؤها مبكرا، واستعجل اتهامهم في تمويه من نصبهم ممثلين عنه، فالأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور، لاسيما أن الخديعة هذه المرة لن تنزع ثوب المحاصصة الخليع، الأمر الذي يذكرني بمثلنا العراقي الدارج؛ “من فوك هلله هلله ومن جوه يعلم الله”.

aliali6212g@gmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/04



كتابة تعليق لموضوع : ما تحت العباءة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net