تماما مثلما كنت أرى
ينطلق خلفها دراعي
فلا يقبض سوى الريح...
تماما مثلما تعلن السبْلة
انكسارها على التُويج
وتخطف منه لمسة الجريح...
يذهب بعيدا عنها يتبلل وحيدا
ينطفئ كل حب مريض
بالموت يستريح...
عندما تخبو هواجس الأشجار
تتحرك الأوراق بالليل وتصيح...
(مهلا أيها السائر مهلا
قد استوفيت من قلبي خيطا سهلا..
قد حدثتك حينما كنا نمشي
تحت زخات المطر..
عن أنشودة هوميروس
وهي فاقدة البصر...
والآن تأتي
وأرى في عينيك سكرة الإليادة
وثمالة الخمر...
تُجنّح مع حوافر الهذيان...
يصيبك الغثيان...
تصطك في أعماقك أجراسَا...
صرصرةً عاتية
مسخرة في جراحك اليابسَة...)
تماما مثلما كنت أقول
هكذا تذوب الذكريات
تذوب حتى الممات...
فما عادت تؤكد حضورها
في غيابها
باسمة مستبشرة
بزخات المطر...
ذكريات اسم كبير
وقلب عظيم
لا يدق ولا ينبض في الصيف
تمارس السباحة في الشتاء
كي يرتدي جسمها رداء البرد...
يأبى النوم الالتحافَ...
أقلب كل أوراقي عساني
أجد كلمة... همسة... حرفَا...
لاشيء
سوى أشباحا تذكر بغروبها
أحلامي في يقظتي
تفرش زرابي
من ورق شجرة السماء الباسقة
تنحني ببطء
تهجرني ببطء
تضيء جانبا من حياتي
تضيق حولها الأدرع
تفر إلى مملكة
بعيدة خلف كواليس الدنيا...
هكذا أحتمل الأسى إكراما لغيابها
واحتمل ألما يسحبني
في سماواتي
نحو صورتها الباقية
أمدها نظراتي
كي لا تحترق في لج الثلج...
ذكريات*: اسم فتاة، كانت فاتنة الجمال والرشاقة،تغري الطلاب بجمالة.
توفيت في صيف 1993 بحادثة سير بعد كتابة هذا النص فيها
في 12/11/1993
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat