يقال أن الأشياء تعرف بأضدادها، وتتضح الأمور بما يقابلها.. ويقال أيضا يمكنك أن تعرف الناس متى ما عرفت ما يكرهون، أي أن معرفة الأشياء لا تتوقف عليها حصرا وإنما يمكن أن تعرف بالقرينة او الدليل.الملف الأمني في البلاد يعاني ضعفا حقيقيا منذ سقوط النظام، ومفاصل المنظومة الأمنية تعاني من تفكك وسوء إدارة وفقدان للتنسيق وعدم وجود ترابط منطقي بين مفرداتها. اذ ان الأيام الدامية تكررت بحيث لم يعد بوسعنا معرفة الخميس الدامي من الاثنين الأسود، وما عاد بإمكاننا إحصاء عدد الخروقات الأمنية التي شهدتها مدن ومحافظات البلاد. ولكي نتعرف على مدى جهوزية هذه المنظومة لتولي مسؤولية الحفاظ على أرواح العراقيين علينا أولا معرفة كم هو حجم التهديد الذي يشكله الإرهاب وقوى البعث الصدامي والتكفيريون؟ وما هي إمكانياتهم ؟ والى اين بإمكانهم الوصول ؟.المتتبع والراصد للخروقات الأمنية سيجد بسهولة أن هذه القوى مجتمعة كانت وعلى مدى السنوات التسع المنصرمة قادرة على الوصول الى أي نقطة او مكان او بقعة من خلال سياراتهم المفخخة او بواسطة الانتحاريين او حتى الكواتم، ولعل نظرة واحدة على شريط الاخبار تغني عن التشعب بالتفاصيل وذكر الأمثلة. وهذا يعني بالضرورة أن زمام المبادرة كان دائما بأيدي الإرهابيين والخارجين على القانون فالنجاح الأمني يعني الأمان وبخلافه نلمس أن هناك فشلا مستشريا ينتقل من وزارة الى أخرى ومن وزير الى آخر (الدفاع والداخلية) حصرا، أي ان المنظومة بكاملها بحاجة الى إعادة تأسيس او تغيير كامل يمكن ان يعيد الأمور الى نصابها ويحقق على الأقل التوازن المعقول بين الإرهاب وقوى الأمن. الأيام القليلة الماضية ورغم وجود اكثر من 100 ألف عنصر أمني في شوارع العاصمة وبرغم التشديد الأمني المكثف الذي أدى الى شل حركة المواطنين فقد استطاع الإرهابيون الوصول الى مناطق متفرقة من العاصمة فضلا عن باقي مدن العراق، دون أن تصد كل هذه الإجراءات الأمنية هجماتهم، أو تشكل أي عائق أمامهم، وهذا الأمر يؤشر الى أن زمام المبادرة في اختيار المكان والزمان هو دائما بأيدي الإرهابيين حتى مع وجود أنباء عن اعتقال بضعة إرهابيين او ضبط سيارة مفخخة هنا او هناك.الملف الأمني العراقي بحاجة الى إعادة نظر فالأرقام تتحدث عن مقتل 11 عراقيا كل يوم كمعدل وهذا رقم مخيف جدا، فالذين يقتلون في الشهر 330 عراقيا، وأحيانا أكثر من ذلك خاصة عندما تتأزم الأمور بين الفرقاء السياسيين، لذا فأمام من تولى زمام المبادرة وتصدى للمسؤولية أمران لا ثالث لهما، أولهما أن يحمي العراقيين ويحافظ على أرواحهم باعتماد أساليب حديثة في عملية محاربة الإرهاب او التنحي لفسح المجال ام الكفوئين لتصحيح مسار العمل الأمني وبالتالي حقن دماء الأبرياء ممن يقتلون يوميا بدم بارد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat