بمثل هذا الجاهل قتلوا الصديقة الزهراء! سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
كان بحثُنا في الكلالة، وهذه القضيّة حُجةٌ بالغةٌ على إبطال الباطل وإحقاق الحق، غاية الأمر أنّه ينبغي أن تُحَلَّلَ تحت مِجهَرِ العلم من المبدأ للمنتهى.
أمّا مبدأ هذه القضية، فإنّ ما نقله الأعيان والأركان كابن كثير، وهو مِن الأئمة الذين وقعوا مورد قبول الكلّ هو ما يلي:
أنّ عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تورث الكلالة؟
قال: فأنزل الله "يستفتونك" الآية.
قال: فكأنَّ عمر لم يفهم، فقال لحفصة: إذا رأيتِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم طِيب نفسٍ فسَليه عنها.
فرأت منه طِيبَ نفسٍ فسألته عنها، فقال: أبوك ذكر لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها.
قال: فكان عمر يقول: ما أراني أعلمها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال (تفسير ابن كثير ج1 ص608).
هذه الكلمات حجةٌ، فماذا يقول ابن كثير؟ وبماذا يجيب؟ النبي صلى الله عليه وآله يقول: ما أرى أباك يعلمها!!
أيُّ مرتبة من الجهل يثبتها هذا الكلام؟! حتى أن شخص الخاتم صلى الله عليه وآله يقول: ما أرى أباك يعلمها!! والنتيجة أنه صلى الله عليه وآله لم يجبها، وقال عمر أنه محروم من علمها للأبد.
والسؤال لأمثال ابن كثير والفخر الرازي، وكلِّ علماء العامة: أيُّ أهليَّةٍ لشخصٍ في هذه المرتبة من المستوى الفكريّ المتدني؟! لدرجة أنه لا يمكن أن يفهم آيةً أولاً؟! ويوسطّ حفصة ثانياً لتسأل النبي صلى الله عليه وآله!
ثم يقول لها النبي صلى الله عليه وآله أنّ أباها هو الذي سأل، وأنه لا يرى أنّه سيعلم هذه الجملة!
بعد كل هذا، فإن الحجّة البالغة في ما يلي وهو صحيح السند:
أخذ عمرُ كتفاً وجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: لأقضين في الكلالة قضاءً تُحَدِّثُ به النساء في خدورهن.
فخرجت حينئذ حيَّةٌ من البيت فتفرقوا، فقال: لو أراد الله عز وجل أن يتم هذا الأمر لأتمَّه. وهذا إسناد صحيح. (تفسير ابن كثير ج1 ص608)
فإنّ مَن سلّم أنّه سيبقى جاهلاً بها إلى الأبد، جَمع الناس ليحكم في نفس القضية! والمهمُّ بعد هاتين القضيتين، أنّ أبا بكر يُسأل فيقول: لا أعلم! وسأقول برأيي! وإن أخطأت فمن الشيطان! ثم عمر نفسه عندما صار خليفة قال أن الكلام في الكلالة هو نفس ما قاله أبو بكر!
فبماذا تجيب الدنيا على هذه التناقضات؟
مَن يكون بمثل هذا المستوى من البداية للنهاية، هل يكون لائقاً بخلافة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله؟
هذه ليست كلمات علماء مذهبنا، هذه مطالب مسلمة عند أعلام العامة!
وكيف يحلّ هذه المعضلة كلُّ من يعتقد بخلافة هؤلاء الرجال؟!
ما هي الخلافة؟
نحن بعيدون عن التعصُّب، ونُتِمُّ الحُجَّةَ ونُحَاوِرُ بالحكمة والمنطق وِفقَ أدقّ موازين البرهان.
الخلافة عند العامة هي: وهذا المطلب عند الازهر ونحن ننقل الكلام الذي اعترفوا به جميعاً:
الخلافة هي الرياسة العامة في التصدي لإقامة الدين بإحياء العلوم الدينية، وإقامة أركان الإسلام، والقيام بالجهاد وما يتعلق به من ترتيب الجيوش، والفرض للمقاتلة وإعطائهم من الفيء، والقيام بالقضاء وإقامة الحدود ورفع المظالم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم (وليّ الله الدهلوي في إزالة الخفاء، نقله عنه الميلاني في نفحات الازهار ج17 ص315، والسيد حامد في عبقات الأنوار ج11 ص257)
فإنّ الخليفة هو الذي يُقيمُ الدين، والدين عند الله الإسلام، والإقامة بإحياء العلوم الدينية، فهل يَحِقُّ لمثل هذا الجاهل أن ينوب عن النبي صلى الله عليه وآله في مثل هذا العمل؟!
هذا هو الُمحَيِّر! يعتقدون من جهةٍ هذا الاعتقاد في الخلافة! ثم يجعلون مَن كان جاهلاً الى هذا الحد خليفةً للنبي!
في الجهة المقابلة أمثالُ ابن كثيرٍ والفخر الرازيّ والذهبيّ لا أياً كان! نقول لهؤلاء: الحجة البالغة الإلهية أنكم تُعَرِّفون خلافة النبي بمثل هذا التعريف، ثم تجعلون خليفة النبي من كان على حدٍّ من الجهل لا يعرف معه معنى كلمةٍ من القرآن!
فكيف يمكن لمثل هذا الجاهل إقامة الدين؟! الدين الذي ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.
ختم الكلام: مطلبٌ نقله البيهقي في السنن الكبرى، والدارمي في السنن، وبهذه الجملة يُختَمُ البحث، وهذا متن ما نقلوه:
عن الحكم بن مسعود الثقفي قال: شهدتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أشرك الأخوة من الأب والأم مع الأخوة من الأم في الثلث، فقال له رجل: قضيت في هذا عام أوّل بغير هذا!
قال: كيف قضيت؟
قال: جعلته للأخوة من الأم ولم تجعل للأخوة من الأب والأم شيئاً.
قال: تلك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا (السنن الكبرى ج6 ص255).
فما حَكَمنا به العامَ الماضي على ما هو عليه، وما نحكم به الآن على ما هو عليه! هل هذا دين؟!
بمثل هذا الجاني قتلوا الصديقة الزهراء عليها السلام، وإلى الآن لم يستيقظوا من الغفلة!!
وقد وصل البعض إلى حَدٍّ من الجهل يتأذى معه من تبيين الحقائق بهذا الشكل!!
ولكن رغماً عنهم جميعاً.. ينبغي أن تُجتَثَّ جذور الباطل من أساسه، ويثبُتَ الحق الضائع لأمير المؤمنين عليه السلام، وأن يُثبِتَ بابُ السيدة الزهراء الذي احترق أيَّ باطلٍ كانوا عليه! وأيّ صاحبِ حَقٍّ أجلسوا في بيته!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat