الإمامُ الحسين(ع) جوهرُ الوجود الإنساني
د . اسعد البصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ليس من شك في أن الإنسان منذ وجد على هذه الأرض وسعى في مناكبها، وقضية المعتقد الديني تستحوذ على القدر الأهم في حياته وسعيه، وإذا ما دققنا أكثر في مستوى المعتقد الذي يحمله (يعتنقه) ومدى اهتمامه به، لاتضح لنا أنه لم يكن ترفاً أو كمالياً، بقدر ما هو قضية حياة أو موت؛ فالإيمان الديني الذي أسس على معتقد راسخ في أسرة تعد من أشرف الأسر على الإطلاق عند العرب، فهي التي لم تسجد لصنم، ولم تنشأ على شك في ما دعى إليه الجد الكريم محمد(ص)، بدعوته لنقل البشرية من حياة العبودية إلى حالة التحرر من عبادة الأوثان أو الأصنام، لذا كان حمل المعتقد والإيمان به إيماناً مطلقاً، هو المستقبل المليء بالأخطار التي تهدده منذ إشهاره الرفض للظلم، وهي كلها أخطار محتملة، أي أنها قد تكون وقد لا تكون، تحدث أو لا تحدث، فإذا ما حدثت فهو هالك لا محالة، حيث قال الإمام الحسين(ع): (موت في عز خير من حياة في ذل)، وإذا لم تحدث فسوف تمضي به الحياة، ولكن أية حياة تلك التي يسودها الظلم، والترقب ويملؤها الفزع والرعب، يرى أمة تتدهور نحو رذيلة الحاكم وفساده.. أيبقى في مكانه؟ قد يجرف السيل أمة جده ويدمرها وقد لا يحدث شيئاً من ذلك على الإطلاق.. لكنه لا يستكين للظلم، فهو القائل(ع) لأخيه محمد بن الحنفية وهما بعد في المدينة: (يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية).
 ولم يكن من حل أمامه إلا أن يضع نهاية لهذا التدهور في أوضاع أمة جده المصطفى(ص)، فحمل معه أهل بيته وعشيرته طالباً الإصلاح في هذه الأمة، فهو معرض لسيل جارف من المرتدين الذين اشتراهم السلطان، وهو يعلم أن مؤيديه ومناصريه قد نكثوا العهد - من قبل - مع والده في مواقف عدة في لحظات الحسم.. وبناءً على معرفته تلك وعلمه المسبق… اتخذ قراره الذي لا رجعة فيه، وأدى به علمه إلى أن ذلك الطاغية لا يرحم، وانه يريد موته حتماً إذا ما أعلن الثورة عليه، أو أن التعامل معه والخضوع له أكثر مرارة من الاستشهاد… وإذا ما أدت معرفته إلى كل ذلك اتخذ قراره في المواجهة التي لا بد منها…

 والحقيقة انه ليس هناك من هو أحوج منا اليوم لأن نتذكر سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) المثال في قوة الإرادة وصلابة العزيمة في المواجهة والدفاع عن قضيته، قضية الوجود الإنساني بأسره، ومن هنا عدت انعطافاً خطيراً في حياة الأمة، لم تمحها عشرات القرون، وما زالت تتجدد كل عام… فنحن في حاجة إلى تأكيد لثورة الحسين(ع) في معناها وما آلت إليه من نتائج، وليس الواقعة بحد ذاتها، وإنما رموزها وأبعادها النفسية… فلقد ظلت ذكرى استشهاد الحسين(ع) تصدع في نفس كل مسلم غيور، رفض ويرفض الذل والمهانة، فهي واقعة خسر الحسين أهله وعشيرته من أجلها، ولكنه علّم الكون كيف تكون قوة المبادئ، وقوة الإرادة، فمحي أثر يزيد بعد أن عاش مهووساً (مرض الهوس) بمقتل الحسين، وعاش اللوثة العقلية في حياته بفعل ما اقترفه من ذنب، وانمحى أثره بعد موته، وظل الحسين شاخصاً بذكراه عبر القرون، ذكرى تظل تتجدد عبر العصور.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد البصري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/04



كتابة تعليق لموضوع : الإمامُ الحسين(ع) جوهرُ الوجود الإنساني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net