صفحة الكاتب : السيد اسعد القاضي

من الذي قتل الإمام الحسين (ع)؟ هل هم شيعة الكوفة؟
السيد اسعد القاضي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نسمع من هنا وهناك أصواتاً تحاول إلقاء اللائمة في مقتل الإمام الحسين (ع) على شيعته الذين في الكوفة، وأنهم هم الذين قتلوا سيّدهم الحسين (ع)، وهتكوا حرمته، وسبوا عياله وانتهبوا ثِقله.

لكن النظرة المنصفة والبحث الموضوعي في مصادر التأريخ ـ التي عندنا وعند غيرنا ـ يوصلانك إلى أن الشيعة هم أبرأ الناس من هذا الفعل الشنيع الذي حزن عليه كلّ شيء في الوجود.

ومن أجل التعرّف على الحقيقة بالدليل والبرهان علينا أن نعرف..

1ـ إن أهل الكوفة ـ  في تلك الفترة ـ هم الجيش الذي فتح به عمر بن الخطاب العراق، أصلهم من اليمن والطائف والمناطق المحيطة، اتخذ من الكوفة موقعاً ليستقر به، ولا يتحمّل أعباء الرجوع إلى موطنه الأصلي، وربما يحتاجه الحاكم لتوسعة الرقعة الجغرافية الإسلامية.

2ـ  أما الهوية الدينية لهذا الجيش، فبعضه معتقد بأحقيّة أمير المؤمنين (ع)، وهم القلّة، وأكثرهم لا يعتقد بذلك، كما هو شأن عامة المسلمين بعد وفاة النبي (ص)، بل حتى في حياته (ص)، لكنّ هذه العقيدة لا توئر على طبيعة طاعة الجيش لقائده،  فهناك عوامل أخرى تجعل الجيش أطوع ما يكون لقائده، كانتظار العطاء، والطمع في الغنيمة، والخوف من الحاكم في حال التقصير بالواجبات العسكرية، وغيرها.
3ـ حاول أمير المؤمنين (ع) ـ يوم كان في الكوفة ـ تغيير بعض البدع ـ كصلاة التراويح ـ، إلا أن عامة أهلها منعوه وصاحوا: وا سنة عمراه، تأسفاً على ذهاب تلك السنة التي أحدثها خليفتهم الذي يأتمّون به، وهذا يعطينا دلالة واضحة على أن الأكثرية ليست معتقدةً به (ع).

4ـ تغيّرت عقيدة بعضهم فقط، فأصبحوا معتقدين بإمامته (ع)، وذلك لما شاهدوا فضائله (ع) وعدله ومكارم أخلاقه وجسّد لهم سيرة النبي (ص)، لكن ليس كلّهم، بل ولا أكثرهم، وإنما القليل منهم، والباقون لا زالوا غير معتقدين به (ع).

نعم، هم منقادون له (ع) باعتباره قائداً للجيش، شأنه شأن بقية الجيوش وانقيادهم لقاداتهم، وقد تقدّم الكلام عنه.

5ـ عدد كبير من هذا الجيش وبعد قضية التحكيم فارق أمير المؤمنين (ع)، بل كفّروه، وهم الخوارج، فقاتلهم (ع) وقتل أكثرهم في النهروان، وبقي عدد قليل منهم، وكان لهذا العدد القليل دور في تضليل الناس، حيث التحق بهم من التحق وكثروا وصار لهم وجود وتأثير.

6ـ الكوفة تشتمل على عدد لا يستهان به من حلفاء بني أمية وأتباعهم، وكان لهم دور بارز في إبعاد الناس عن اتّباع الحق، وإخبار الشام بما يجري في الكوفة من إيجابيات وسلبيات.

تحصّل مما تقدم أن الكوفة في زمان مقتل الحسين (ع) كانت تشتمل على..
1ـ عامة المسلمين ممن لا ينتمون للأمام الحسين (ع) انتماء عقائدياً، وربما أكثرهم غير مستعد لمواجهته (ع) عسكرياً، والمباشرة بقتله وهتك ستره، لكن لا مانع عندهم من أن يكونوا سبباً ـ ولو سبباً بعيداً ـ وتمهيداً للمواجهة العسكرية، فيقطعون الطرق ـ مثلاً ـ ويمنعون الناس من الوصول إلى الإمام الحسين (ع)، بل ويمنعونه (ع) من دخول الكوفة مثلاً، أو أي تحرّك لا يرضى به قائد الجيش، وغير ذلك مما يصلح أن يكون تمهيداً لقتالهم، من دون أن يباشروا بأنفسهم القتل والقتال.
كما حصل ذلك للحرّ بن يزيد الرياحي (سلام الله عليه) حيث منع الحسين (ع) من التحرك نحو الكوفة، لكن لم يكن مستعداً لقتاله، بل غير مستعد لشتمه وسبّه. 
2ـ الخوارج، وهم مستعدون لقتل الإمام الحسين (ع) متى ما سنحت لهم الفرصة، كما حاولوا قتل الإمام الحسن (ع)، لكنهم لم يفلحوا.
3ـ أتباع بني أمية وحلفائهم، وموقفهم من أهل البيت (ع) واضح لا يحتاج إلى بيان وتفصيل.
4ـ أتباع أهل البيت (ع)، وهم قليلون بالقياس إلى مجموع سكّان الكوفة.

وهنا نتساءل..
أيّ واحد من هذه الأصناف الأربعة ممكن أن يقوم بجريمة القتل لسيد الشهداء (ع) وأصحابه وأهل بيته وحرق خيامهم وهتك عوائلهم وسبيهم؟. هل الشيعة؟ أم الخوارج وأتباع بني أمية؟ أم عامة المسلمين؟.

خصوصاً وأن الشيعة ـ من أقدم زمن وهو زمن النبي (ص) وإلى عهد الإمام الحسين (ع) ـ لم يسجّلوا على أنفسهم أي إساءة لساداتهم (ع)، فضلاً عن التمهيد لقتالهم، فضلاً عن محاولة قتالهم، فضلاً عن المباشرة بقتالهم، فضلاً عن القيام بقتلهم.

فظهر أن تهمة قتل الشيعة لإمامهم وسيّدهم الإمام الحسين (ع) تهمة باطلة، من ورائها جهات معروفة، حاولت تعمية الحقيقة على الجهلة والمغفلين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد اسعد القاضي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/25



كتابة تعليق لموضوع : من الذي قتل الإمام الحسين (ع)؟ هل هم شيعة الكوفة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net