صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

شَرَفُ الإسلام.. الشِّيعَة !!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

دخلَ النبيُّ صلى الله عليه وآله مكة فاتحاً، ثمَّ صعَدَ المنبر وقال:

أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَفَاخُرَهَا بِآبَائِهَا، أَلَا إِنَّكُمْ مِنْ آدَمَ (ع)، وَآدَمُ مِنْ طِينٍ، أَلَا إِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ عَبْدٌ اتَّقَاه‏ (الكافي ج8 ص246).

تقوى الله هي الميزان الأوحد عند الله تعالى، وليسَ الشَّرَفُ إلا بها، ولا العزّ والمجد والسؤدد عند الله عزّ وجل إلا للمتّقين، وقد اقترن الإسلام حقاً بالتقوى، فقال أمير المؤمنين عليه السلام:
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَام‏ ! (الكافي ج8 ص19).

هكذا يصيرُ الوضيعُ في الجاهلية شريفاً بالإسلام، والشريفُ في الجاهلية وضيعاً ما لم يؤمن بالله ويُطِعه ويتقيه.

ولكن..
ما كان المسلمون على طَرزٍ واحد، فمنهم المؤمنُ حقاً، ومنهم المنافق الذي لم يؤمن بالله طرفة عين، كان لا بدَّ من ميزانٍ يُعرَفُ به الشريفُ من الوضيع، فليس كلُّ من انتسب للإسلام صار شريفاً عند الله ولو كان ظالماً غاصباً عاصياً.

وهذا إمام الحقِّ أمير المؤمنين عليه السلام يكشفُ أعظم المعاني فيقول:

أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِزّاً، وَعِزُّ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ !
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ شَرَفاً، وَشَرَفُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ ! (الكافي ج8 ص213).

فأنّى لكثيرٍ من المسلمين أن يكونوا من أهل الشرف وهم أعدى أعداء الشيعة ؟!
وكيف لأعراب اليوم أن يتشرَّفوا بالإسلام وقد نبذوا واضطهدوا وقهروا (شَرَفَ الإسلام) ؟!

ثم تسمع من يقول:
لماذا فَقَدَ أكثرُ العَرَب والمسلمين عزَّهم ومجدَهم وشَرَفَهُم ؟!

إنّ الشيعة هم شَرَفُ الإسلام، وإمام الشيعة (شَرَفُ الْأَشْرَاف‏) كما عن الرضا عليه السلام !
وقد تخلّى جلُّ المسلمين عن الشيعة وعن إمامهم، فمِن أين لهم الشَّرَف ؟!

أيُكتَسَبُ الشَّرَفُ باتّباع مَن كان وضيعاً ذليلاً في الجاهلية والإسلام ؟! والإعراض عمَّن شرَّفهم الله وأعزَّهم ؟! إنَّ فاقدَ الشيء لا يعطيه، فليسَ بمقدور من لم يكن شريفاً أن يُغدقَ على أتباعه شيئاً من الشَّرف !

إنّ ماءَ السَّماء طاهرٌ مُطَهِّرٌ لما يلاقي، ينسابُ فيتركُ أثراً طيباً في أرضٍ تحملُهُ إليها ملائكة السماء.
أما القاذورات فلا تصبَغُ ملاقيها إلا بالنجاسة والقبائح.

وهكذا تكون مجالس أهل التقوى، ومجالس أهل الفجور..
فالأولى محلُّ رحمة الله، والثانية محلُّ غضب الله.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ سَيِّداً، وَسَيِّدُ الْمَجَالِسِ مَجَالِسُ الشِّيعَةِ !

لا تسودُ مجالسُ الملوك والرؤساء وأصحاب النفوذ في العالم اليوم المجالس مهما تعاظَمَت، فَـ (سَيِّدُ الْمَجَالِسِ مَجَالِسُ الشِّيعَةِ) !

المجالسُ التي يُذكَرُ فيها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله العترة الطاهرة..
المجالس التي تلهجُ بذكر فضائل آل محمد وكراماتهم ومعاجزهم..
المجالس التي تُبثُّ فيها علومُهم ويتعلُّمُ فيها شيعتهم..
المجالس التي تُذكرُ فيها مصائبهم وتُذرفُ فيها الدُّموع عليهم..

كلُّ هذه.. سادة المجالس.. مجالسُ يُحبُّها الله ورسولُه.. تُدخلُ السرور على آل محمدٍ عليهم السلام، والغيظ على أعدائهم..

ثمَّ تسري هذه القاعدة حتى إلى الأرض التي يسكنها الشيعة !

يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ إِمَاماً، وَإِمَامُ الْأَرْضِ أَرْضٌ تَسْكُنُهَا الشِّيعَةُ !

هذه أرضُ الشيعة تَؤمُّ كلَّ أرض ! مع كلِّ ما يعتريها من فَقرٍ وعَوَزٍ وحاجةٍ واضطراب.
هي الأرضُ المحسودة من أعداء آل محمدٍ، يسعون فيها فساداً، ويعملون على خرابها، ويأملون أن تُهتَكَ أستارُها، وأن تزولَ صلةُ الوصل بين أهلها وبين آل محمد عليهم السلام !

يُدركُ المؤمنُ كلَّ ذلك، وهو الذي ينظر بنور الله، ويعلم أنّ البلاء الذي ما فارقه يوماً سيتعاظم..
ألم يقُل الإمامُ القدوةُ عليٌّ عليه السلام يوماً: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا خَلَقَنَا رَبُّنَا إِلَّا لِلْبَلَاءِ !

وهكذا حالُ الشيعة، يعظُم عليهم البلاء، وعلى مجالسهم وعلى أرضهم، ويستكثرُ عليهم المخالفُ والظالمُ كلَّ عِزٍّ وشَرَف، فيسلبهم كلّ مظاهر العزّ في الدنيا، ويعجز عن أن يسلبهم إيمانهم، وهو الشَّرَفُ حقاً وصدقاً !

عن الباقر عليه السلام:
لَا تَرَوْنَ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمِعْزَى الْمَوَاتِ الَّتِي لَا يُبَالِي الْخَابِسُ أَيْنَ يَضَعُ يَدَهُ فِيهَا، لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تَرْقَوْنَهُ، وَلَا سِنَادٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أَمْرَكُمْ (الكافي ج8 ص263).

هكذا يصيرُ حالُ الشيعة قبل الظهور.. لا نَصيرَ لهم ولا مُعين.. مستضعفون مقهورون.. لا يُشرَّفون بشيء ولا يستندون على شيء !
هكذا يراهم المخالف، ولكنَّهم في حقيقة الأمر أهلُ الشَّرف.. أليس (َشَرَفُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ) ؟!

فيصبرون ويتَّقون وينتظرون إمامهم.. ولا يحيدون عن طريقه رغم كيد الكائدين، وحسد الحاسدين.

إنَّهم ليسوا شيعة عليٍّ فقط!
إنَّهم شيعة الله تعالى !
وحزبُ الله عزَّ وجل !

لقد قال النبي (ص) لعليٍّ عليه السلام:

يَا عَلِيُّ:

1. شِيعَتُكَ شِيعَةُ اللَّهِ
2. وَأَنْصَارُكَ أَنْصَارُ اللَّهِ
3. وَأَوْلِيَاؤُكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ
4. وَحِزْبُكَ حِزْبُ اللَّهِ ! (أمالي الصدوق ص16).

لهؤلاء الشيعة الغلبةُ.. بوعدٍ من الله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُون‏)

هذه هي الغلبة.. لحزب الله.. حزب علي وآل علي.. شيعته الميامين الأبرار.. مهما دارت عليهم الدوائر، يصبرون ويؤمنون بوعد الله تعالى، ثم يخاطب أحدهم إمامه علياً عليه السلام قائلاً:

اجْعَلْنِي يَا مَوْلَايَ مِنْ حِزْبِكَ، وَأَدْخِلْنِي فِي شَفَاعَتِكَ، وَاذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّك‏..

والحمد لله رب العالمين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/11/08



كتابة تعليق لموضوع : شَرَفُ الإسلام.. الشِّيعَة !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محسن ، في 2021/11/16 .

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ملاحظات:

لا يوجد فيها تعريف للشيعة.

لا يوجد فيها توضيح للسلوك المطلوب تجاه مفردات او مؤسسات المجتمعات.

لا يوجد فيها تقييم للمجتمعات الحالية في بلاد المسلمين وخارجها من حيث قربها او بعدها من جوهر التشيع.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net