عبارات التشجيع... هل تساعدنا في تحقيق أهدافنا؟
مهند الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا أعلم لماذا تخيلت أن الزمن عاد إلى الوراء، وتذكرت كيف كان الخوف مسيطراً على جميع تصرفاتي، خصوصاً وأن زملائي في المدرسة لم ألتمس منهم تشجيعاً للتغلب على الخوف والخجل حين كنت أرغب في إلقاء قصيدة العلم وبعض الأناشيد في الوقفة الصباحية خلال مرحلة الدراسة الابتدائية، كذلك هو الحال بالنسبة لزميلي (محمد) الذي كان دائماً ما يُصاب بالإحباط؛ نتيجة لانعدام التشجيع والاهتمام من قبل والديه في كل مرة عندما يأتيهم بخبر نجاحه وتفوقه، فيتحول الفرح والحماس إلى اللامبالاة.
 لم تستمر هذه المعاناة طويلاً، فعندما حان الوقت أن ننتقل من منطقة إلى أخرى أُجبرتُ على الانتقال إلى مدرسة أخرى في المنطقة الجديدة، وفي أول يومٍ أدخل فيه المدرسة أصبت بدهشة كبيرة..! وغمرت الفرحة قلبي، لم أشاهد استقبالاً جميلاً لهذه الدرجة من قبل مديرة المدرسة والمعلمات، وكيف ذهبت برفقة معلمتي إلى الصف الذي كان بمثابة غرفة جميلة فيها العديد من الأدوات والشاشات الذكية والرسمات والصور المعلقة على الجدران، ورائحة طيبة يشعر مستنشقها بالراحة والأمان.
 رحب الجميع بحضوري، وبدأ الدرس على بركة الله تعالى، ومما لفت نظري أن المعلمة تتعامل مع التلاميذ بطريقة لطيفة جداً، وكأنهم أولادها، تمازحهم وتحترمهم وتجيب عن أسئلتهم جميعها، مما أثار حفيظتي ودفعني إلى المشاركة معهم، فشاهدت كيف استمعت المعلمة لما أقول وطلبت من التلاميذ أن يصفقوا لي، وأثنت كثيراً على مشاركتي، الأمر الذي دفعني إلى الاستمرار في المشاركة والتفاعل في جميع الأنشطة داخل الصف. 
 في يوم من الأيام، كان الجميع على استعداد كامل للبدء في الوقفة الصباحية المعتادة في نهاية كل أسبوع، والتي تتضمن رفع العلم العراقي وإلقاء القصائد والأناشيد ومجموعة من الأنشطة والفعاليات المتنوعة، رغبت كثيراً بإلقاء قصيدة العلم أمام الجميع، وتحقيق هذا الحلم الذي يراودني كثيراً طول مرحلة دراستي الابتدائية، لكن شيئاً ما في داخلي يمنعني من ذلك، والخوف جعلني أشعر برهبة كبيرة، فقررت أن أذهب إلى معلمتي لتساعدني في ذلك، فرحبت كثيراً بهذه الفكرة، وبدأت تتكلم معي وتُسمعني عبارات تشجيعية كثيرة جعلتني أنتفض وأذهب دون تردد، وبدأ الخوف يزول شيئاً فشيئاً حتى وجدت نفسي أمام المئات من التلاميذ، وبدأ لساني بإلقاء قصيدة العلم، ويدي مرفوعة إلى الأعلى، وعيني تنظر إلى العلم العراقي الذي يرفرف عالياً وينثر ألوانه في سماء المدرسة، وصوتي يصدح في الأرجاء، حتى انتهيت من ذلك لأسمع صوت الأيادي وهي تصفق لي بحرارة لما أبليته من بلاءٍ حسنٍ، ومنذ تلك اللحظة، استمرت مسيرتي الدراسية وأنا لم أترك نشاطاً، إلا وشاركت فيه دون تردد أو خوف.
 أدركت حينها أن التشجيع والتحفيز له الدور الأكبر في تحقيق أهدافنا، وكيف يمكن للمعلم أن يعد أجيالاً قادرة على تحدي الصعاب وتجاوز المخاوف والتحلي بالشجاعة والإصرار على التفوق والنجاح، وتنمية المواهب وإبراز الطاقات.
 إذ نجد اليوم مجموعة من المدارس التي تتبناها العتبة العباسية المقدسة في محافظة كربلاء المقدسة تحتضن ملاكات تربوية وتعليمية متميزة لديها القدرة والمهارة الكافية في تنمية قدرات المتعلمين وتطوير مواهبهم وفسح المجال لهم في إبراز ما لديهم من طاقات ومهارات والعمل على تبنيها ورعايتها على النحو الأمثل؛ لأن الروضة والمدرسة تمثل البيت الثاني الذي يتحمل العبء الأكبر في تربية وتعليم الأطفال، إذ يحتاج الطفل في بداية حياته إلى من يحتويه ويشجعه على اظهار طاقاته وقدراته والعمل على تطويرها، كذلك الطفل في مراحل دراسته الأولية يحتاج إلى الرعاية والاهتمام ومواصلة تشجيعه من خلال استخدام عبارات إيجابية، مثل: (أحسنت، هذا رائع، أنت مبدع دائماً، أنت قادر على تحقيق ذلك، استمر بدأت تتميز...)، وغيرها من أساليب التشجيع التي تسهم في تشكيل شخصية الطفل وتوجهاته، والابتعاد عن تخويفه وإبراز عيوبه واخطائه؛ لأنها سبب رئيس لتحجيم طموحاته وتقليل ثقته بنفسه، ولا سيما أن الطفل يتخذ من شخصية المعلم قدوة له في مرحلة الروضة والدراسة الابتدائية إلى جانب ولي الأمر، فهو المسؤول عن اتباع أساليب تدفع الشخص إلى تقديم الأفضل واستمرار النجاح والتفوق ليس في مجال الدراسة فقط، وانما على مستوى الحياة الشخصية والاجتماعية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند الفتلاوي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/05



كتابة تعليق لموضوع : عبارات التشجيع... هل تساعدنا في تحقيق أهدافنا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net