لربما روايتي لم يسبقها مثيل، ولم يكن لها نظير، أنا أحدثكم عما شاهدته بعيني، واسألوا عني من تريدون، أنا رجل عقل، ولم يجرؤ الكذب أن يمسّ لساني يوماً، وهناك من يشهد معي بأن ما أرويه لكم حقيقة.
شاهدها الكثير ممن تواجد في الكعبة ساعتها، كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب، ومعي كما قلت لكم ناس من عبد العزى بيت الله الحرام، كان ينتابني شعور غريب وانا انظر لفاطمة بنت اسد، وهي تقبل على الطواف؛ كونها كانت حاملاً، ويظهر ان الطلق قريب، سمعتها وكأنها تعيش لحظات الطلق: ((يا ربّ، اني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من كتب ورسل، واني مصدقة بكلام جدي إبراهيم، وانه بنى البيت العتيق، وبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت لي ولادتي)).
كلما أعرفه في لحظاتها أن هذا الهمس كان له دويّ صارخ هز لي كياني، فانتبهت وكأني كنت أتوقع حدوث شيء ما غريب، واذا بالبيت ينفتح عن ظهره، صحت فزعاً وانا أرى الجدار ينشق لتدخل فاطمة فيه، وتغيب عن ابصارنا، والتصق بعدها الحائط فقد نهضت، ونهضت معي اغوار نفسي قافزاً نحو الجدار، لعله ينفتح لنا، لكنه قفل الباب ولم ينفتح.
هذا المشهد جعلني في حيرة من أمري، وقررت حينها أن أبقى انتظر متى ما تخرج فاطمة بنت اسد، لا استطيع أن أبعد المشهد عن ذهني، ولا استطيع ان احمل نفسي بعيداً عن المكان، ربما سيقولون جُنّ ابن قعنب، لا يهم فالحقيقة اكبر، وما رأيته في عيني اكبر من هواجس الاخرين.
طيب اذا كذبوني؟ هل سيكذبون العباس بن عبد المطلب أيضاً؟ هل سيكذبون ذلك الحشد من الناس الذين شاهدوا ما شاهدت؟ وأما عن قراري بملازمة المكان، فهذا شأني ربما هو فضول كما يقول الآخرون، لكني انظر الى الحدث من عمقه الوجداني والى قداسة هذا المولود، لهذا لابد أن أكون أول من ينظر الى وجهه.
مضى اليوم الأول لا شيء جديد أضع اذني على الجدار، ولا اسمع شيئاً، بدأ الناس يتعاطفون معي وكأنهم يترحمون على عقلي الذي اخذته الحادثة، مر اليوم الثاني ولقد ظهر الجهد عليّ ولكن لا بأس بالانتظار، ومر اليوم الثالث والرابع واذا بها تخرج وبيدها رضيع، هذا أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، صرخت من شدة فرحي: ماذا تقولين يا سيدتي؟
فقالت:ـ اني فُضّلت على من تقدمني من النساء؛ لأن آسيا بنت مزاحم عبدت الله سراً في موضع لا يحب ان يعبد الله فيه الا اضطراراً، ومريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى اكلت رطبا جنيا، وانا دخلت بيت الله الحرام، فأكلت من ثمار الجنة، ولما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سمّيه علياً، فهو علي والله العلي الأعلى ان شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي، ووقفت على غامض علمي هو الذي سيكسر الأصنام، ويطهر بيتي، وهو الذي سيؤذن فوق ظهر البيت، فأنا أحب من أحبه وأطاعه، والويل لمن ابغضه وعصاه.
هذه روايتي بين أيديكم، وبكامل قواي العقلية، وأقول لكم: أنا لست مجنوناً ولله الحمد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat