خابَ سعيهُ
فاطمة السعدي

 «ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله»(فاطر ايه 43)

لم تكن أساليب المكر والخداع البراقة والأماني المزيفة التي قدمها الملك العباسي المأمون للامام الرضا "ع"  من تنازله عن العرش وترشيحه له لولاية العهد  إلا  مسرحية سياسية أجاد المأمون نسج فصولها وتوزيع أدوارها وحسن توقيتها ولم تخفى على الامام اهدافها... واكمالا لسياسته الماكره اخذ  المأمون يعقد المناظرات الساخنة  و يحشد لها كبار العلماء من مختلف الملل والنحل  التي ظاهرها التعريف بشخص الأمام الرضا ولي العهد  وفي الحقيقة أن الهدف منها الإيقاع بالامام والتهوين به ، وأن يقضي على عقيدة الشيعة بكل معالمها فيما إذا عجز الإمام الرضا عن الإجابة. فإنه يتخذ من ذلك وسيلة لعزل الامام عن ولايه العهد و لنقض ما تذهب إليه الشيعة من أن الإمام أعلم أهل عصره وأدراهم بجميع أنواع العلوم، وهذا قد يؤدي في نظره إلى زعزعة كيان التشيع وبطلان عقيدتهم في أهل البيت. لكن الامام واجه التحدي وشمر عن ساعد الجد ، وحاجج رؤساء الأديان   ، ومن خلال عملية مطارحة الأفكار أذعن قادة الفكر الآخر للأدلة العلمية القاطعة التي أوردها الإمام عليه‌السلام حتى أن البعض قد أشهر إسلامه امثال عمران الصابئي .ظهرت مقدرة الرضا "ع" و علميته الفائقة وسعة اطلاعه ،و بالنتيجة تعززت و برزت شخصية وارث النبـوة   كإمـام معصوم و حجة فرضته الشريعة على العباد  في الأرض.
 لقد أتاح المأمون مـن حيـث لا يشعر فرصة ذهبية لظهـور عـلـم الإمام "ع" و بروزه إلى الساحة الاجتماعية .«...ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون » (الانعام  ايه123)   هذه المناظرات و اللقاءات التـي كانت تحتدم بين الرضا "ع" واصحاب الأديان والافكار الفلسفية المختلفة هيأت وضعاً و مناخاً مساعداً للثقافة و العقائـد الشيعية، و التـي لولاها ما كانت  تظهر الثقافة و العقائد الإمامية . وجد المأمون أن إمامنا قد بهر الألباب وحير العقول بعلميته الفائقة وقطعه لحجة كل من حاجه أو ناظره كما وجد أن إمامنا أظهر قدرة فائقة على مداراة الناس وحسن التصرف مما جعل الجماهير تتعاطف معه وتتبارى في تكريمه والاحتفاء به ، فحسده على مكانته العالية في نفوس العلماء والعوام على حد سواء ، أنقلب السحر على الساحر وخاب سعيه واخذ  يقلب كفيه من الخيبه ويعض شفتيه من الحنق والغيض  فقد شقي بعين ما حسبه سعاده لنفسه وظنه فوز....صار سبباً لانتشار علوم الأئمة و أخبارهم في ممالك المسلمين.  تمكن علماء أهل السنة من رواية حديثهم  و فضائلهم من مصدر من مصادرهم و هو الإمام الرضا ، وبذلك ساعد هذا الوضع والمناخ الجديد من دخول احاديث واخبار الشيعه في كتب أهل السنه والجماعه ومن ثم تحقيق انجاز علمي وثقافي كبير"

الموضوع السابق كان للسياب صديقاً :الشاعر محمد علي اسماعيل

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat