صفحة الكاتب : كوثر العزاوي

خادمُ "الحسين" أم خادمُ نفسه؟!!..
كوثر العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في كل عام ومع حلول الذكرى الفاجعة لواقعة الطف الأليمة، ومع اقتراب ذكرى مسيرة الأربعين الخالدة وأثنائها، اعتادت أسماعنا التقاط مفردات خاصة مردوفة بمشاهد ومظاهر وظواهر استثنائية لانراها إلّا في شهرَيْ الحسين تحديدا، ولعلّ الأبرز هي مفردة "خادم" "خدّام" "خِدمة"وكلها تأخذ حيزًا واقعيًا تترجمه الأفعال ضمن حركة ملموسة حيّة على مستوى البذل والعطاء وفتح البيوت ونصب السرادق وتأهيل المساجد والحسينيات، ورصد الأموال والمساهمات العينية والتبرعات النقدية، كما تبهرك السلوكيات وفنون التعامل الذي يتَّسم بالأدب واللطف والرحمة والتواضع حدّ الخضوع، يحضى به الزائرين والوافدين الى ارض كربلاء الحسين "عليه السلام" من كل بقاع العالم الاسلامي والغربي! إكرامًا باسم الحسين"عليه السلام"ومن هذا المنطلق، يجب العمل على بلورة هذه الفكرة -الخِدمة- واشتقاقاتها ليصبح كل شيء يرتيط باسم الحسين"عليه السلام" لابدّ أن يخضع لمنهجية معنوية، بمعنى آخر،  أن يخلق منها برنامجًا عمليًا حيًّا، تجسده حركة الإنسان الحسيني في كل مفاصل حياته، أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك، وليس على نحو الموسم وحسب،

لأنّ الخِدمة الحسينية بمقتضى الجوهر إنما هي وسام شرف ورصيد أخروي، بكل أبعادها المعنوية والعرفانية والإنسانية، وليست إظهارًا للنجومية أو سعيًا للشهرة وإبرازًا للقوى والإمكانيات! وبما أن الزيارة المليونية العالمية تمتاز كونها جماهيرية، فهذا يعني أن جميع الناس كبارًا وصغارا نساءا ورجالًا، هم في غاية الحساسية في علاقاتهم الاجتماعية على نحو الارتباط الكلامي اللغوي مع بعضهم البعض، وما للنظرة ونوع اللحن والصوت واختيار العبارات من أثر كبير في جلب الانتباه الباعث على المحبة واللطف والرفق والمداراة، ليثبّت ذلك كله أرقى شاهد على إيمان المرء الخادم والمخدوم، وما قوة الاحساس بعزة النفس وتجلّي الرفق والأحسان سوى رشحات من فيض روح سيد الشهداء وسيرته مع أهله وأصحابه وهو في أصعب الظروف وأكثرها عسرًا، وحيث الاعداء محدِقة به من كل ناحية! ورغم ذلك لم تُبقِ كربلاء درسًا إلّا وأعطته للبشرية مجانا، كما لم يبخَل الحسين"عليه السلام" بشيء من فكرةٍ وعِبرة إلّا وبيّنها مصداقًا جليّا، فضلًا عن بذل دمهِ وأغلى متعلقاته ومايملك، ليثبتَ لنا معنى الفداء وأن التضحية لاحدود لها من مكان او زمان! ثم علينا أن ندرك أنّ أصحاب الحسين وخدّامهِ الحقيقيون، هم الأحسن خلُقًا، الأفضل معاملة، الأليَنُ طبعًا، الأرقّ قلبًا، وهم مَن يتَّسموا بالوفاء ونكران الذات، ومَن يُعرَفون عند المواقف، والجدير بمَن عرف الحسين حقّا وقد فاته فضل هذه السمات والصفات، فليعرف إنما هو خادمٌ لنفسه لا للحسين عليه السلام أو ليجتهد من اليوم أن يكون خادمًا في ساحة معاني الحسين متأملًا متفهّمًا أبعادَه في مقولة تُنسَب إليه: {تركت الخلق طرا في هواكا...أجل فحب الحسين ومعرفته لربه هي سرّ الأسرار، ومنهما يتعلم الخادم  التضحية والفناء كما الحسين"عليه السلام" فإن لم تكن خدمتك من هذه الوجهة، فوجهتك هي نفسك وحسب، فلو ابصرت وِجهة الحسين، عندما ترك جسده في المدينة وحلّقَت روحه في سماء العشق قبل اليوم العاشر، لعرفت حكمة الحسين  الملكوتيّة التي صنعها لأجلنا وخدمتنا، وهو مَن عّلّمنا أهداف الخدمة وأسرارها في حياة وقدَرٍ مكتوب مسبَقًا! وحريّ بمن يَخدموا اليوم، أن يتقِنوا تقمّصَ دور العاشقين، ويُخلِصوا النوايا ويُحسِنوا الأدوار التي تُثمر ثباتًا على مدار العام إلى الحول القادم، لتنتهي بهم إلى نقطة الوصول المرتبطة بزمن الظهور المقدّس، وليس ذلك الدور  الذي لايُثمرُ سوى الأنا وعشق الأضواء.
و{لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}الصافات ٦١{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}المطففين ٢٦
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كوثر العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/09/02



كتابة تعليق لموضوع : خادمُ "الحسين" أم خادمُ نفسه؟!!..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net