أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 78)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
1601- جاء في کتاب الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ جعفر السبحاني: هل كان زيد جامعاً للقرآن؟ إنّ أبا بكر قال له: أنت رجل شاب عاقل لا نتَّهمُك قد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم فتتبّعِ القرآن فاجمعه. فقال زيد: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: هو واللّه خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الاَنصاري لم أجدها مع أحد غيره "لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ" (التوبة 128) حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفّاه اللّه تعالى، ثمّ عند عمر حياته، ثمّعند حفصة بنت عمر. يلاحظ عليه، أوّلاً: أنّ البخاري نقل انّ القرآن جمع في عصر رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، وأحد الجامعين هو زيد بن ثابت، فروى عن أنس، قال: مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، و معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه ومعه كيف يكون جامعاً للقرآن أيضاً بعد رحيله؟ ثانياً: لو صحّ ما في الخبر، و افترضنا أنّه لم يجمع القرآن في عهد الرسول، كان اللازم على الخليفة أبي بكر أن يترك جمع القرآن الكريم إلى عبد اللّه بن مسعود، الذي يروي البخاري عنه، انّه قال : واللّه الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب اللّه إلاّ أنا أعلم أين أُنزلت، ولا أُنزلت آية من كتاب اللّه إلاّأنا أعلم فيم أُنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم منّي بكتاب اللّه تبلغه الاِبل لركبت إليه. كما روى البخاري أيضاً عن مسروق: أنّه ذكر عبد اللّه بن عمرو، عبدَ اللّه بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة من: عبد اللّه بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبي بن كعب. كما روى أيضاً، انّه خطب عبد اللّه بن مسعود، وقال: واللّه لقد أخذت من في رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بضعاً وسبعين سورة، واللّه لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم انّي من أعلمهم بكتاب اللّه وما أنا بخيرهم قال شقيق: فجلست في الحِلَق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادّاً يقول غير ذلك. ومع هذه الروايات التي رواها البخاري في حق عبد اللّه بن مسعود، فمن البعيد أن يترك الخليفة ذلك المقرىَ الكبير ويلتجىَ إلى شاب أدرك من عصر الرسالة عشرة أعوام وهو بعدُ صبيّ لم يبلغ الحُلُم، ويترك عبد اللّه بن مسعود أحد السابقين في الاِسلام، أدرك رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة. كلّ ذلك يرشدنا إلى أنّجمع القرآن الكريم بعد رحيل الرسولبيد زيد ابن ثابت مزعمة لا يذعن لها العقل ولا النقل. وأعجب منه انّقاطبة المسلمين لم يحفظوا آخر آية سورة التوبة حتى زيد بن ثابت نفسه، فأخذها من أبي خزيمة أحد الصحابة. أو ليس معنى ذلك انّالمعجزة الكبرى والسند الوثيق للاِسلام، لم يصل إلى المسلمين بطريق متواتر، بل وجده الجامع عند واحد من الصحابة فأدرجه في القرآن، وهذا إنكار لتواتر القرآن وبالتالي إنكار تلك المعجزة الكبرى. وثمة نكتة جديرة بالامعان وهي: إنّ هذه الروايات مخالفة لحكم العقل، فانّ عظمة القرآن بنفسه، واهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحفظه وقراءته، واهتمام المسلمين بما يهتم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما تستوجب تلاوة القرآن من الثواب، كل ذلك يبعثنا إلى القول بأنّ القرآن جمع في عهد الرسالة، وينافي القول بجمعه على النحو المذكور في تلك الروايات. إنّ العقل الصريح يحكم بأنّ قائداً كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان واقفاً على أنّالقرآن دعامة دينه ومعجزة شريعته والمرجع الاَوّل للاَُمّة إلى يوم القيامة في العقيدة والشريعة، لا يمكن أن يترك القرآن في مهبّ الرياح مبعثراً بين الرقاع والاكتاف بين العسب وصدور الرجال، دون أن يجمعه في كتاب ويدونه كي يكون حجّة خالدة على مدى العصور. فمن زعم انّ الرسولمضى ولم يبذل عناية كافية في جمع القرآن وتدوينه وصيانته عن طروء الحوادث، فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير معنيّ بقوام شريعته وبرهان رسالته وشوَون أُمّته.أعاذنا اللّه وإيّاكم من تلك الفكرة الخاطئة. هذا هو موجز البحث عن المفخرة الاَُولى التي أثبتها أصحاب المعاجم لزيد بن ثابت وانّه الجامع للقرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المعدّة لهذا الغرض.
1602- عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: (أُتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: إنّ سعد بن معاذ قد مات. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقام أصحابه معه، فأمر بغسل سعدٍ، وهو قائم على عضادة الباب، فلمّا أن حُنِّط وكُفِّن وحُمل على سريره، تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا حذاء ولا رداء، ثمّ كان يأخذ يمنة السرير مرّة، ويسرة السرير مرّة، حتّى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى لحده، وسوَّى اللِّبن عليه، وجعل يقول: ناولوني حجرًا، ناولوني ترابًا وطينًا، يسدّ به ما بين اللِّبن، فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه، وسوىَّ قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي لأعلم أنّه سيُبلى، ويصل البلى إليه، ولكنَّ الله يحبّ عبدًا إذا عمل عملاً أحكمه. فلمّا أن سوّى التربة عليه، قالت أمّ سعد: يا سعد، هنيئًا لك الجنّة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أمّ سعد، مه، لا تجزمي على ربّك، فإنّ سعدًا قد أصابته ضمّة. فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعتَ على سعدٍ ما لم تصنعه على أحد، إنّك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسّيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرّة، ويسرة السرير مرّة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: كانت يدي في يد جبرئيل عليه السلام، آخذ حيث يأخذ. قالوا: أمرت بغسله، وصلَّيت على جنازته، ولحدته في قبره، ثمّ قلت: إنّ سعدًا قد أصابته ضمّة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، إنّه كان في خُلُقه مع أهله سوء)
1603- دعاء الإمام السجاد عليه السلام عند ختم القرآن يؤكد فيه أهمية ذكر اللهم صل على محمد وآله: اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نورا، وجعلته مهيمنا على كل كتاب أنزلته، وفضلته على كل حديث قصصته، وفرقانا فرقت به بين حلالك وحرامك، وقرآنا أعربت به عن شرائع أحكامك، وكتابا فصلته لعبادك تفصيلا، ووحيا أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه وآله تنزيلا، وجعلته نورا نهتدي من ظلم الضلالة والجهالة باتباعه، وشفاء لمن أنصت بفهم التصديق إلى استماعه، وميزان قسط لا يحيف عن الحق لسانه، ونور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه، وعلم نجاة لا يضل من أم قصد سنته، ولا تنال أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته. اللهم فإذ أفدتنا المعونة على تلاوته، وسهلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته، فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته، ويفزع إلى الإقرار بمتشابهه وموضحات بيناته. اللهم إنك أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وآله مجملا، وألهمته علم عجائبه مكملا، وورثتنا علمه مفسرا، وفضلتنا على من جهل علمه، وقويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله. اللهم فكما جعلت قلوبنا له حملة، وعرفتنا برحمتك شرفه وفضله، فصل على محمد الخطيب به وعلى آله، واجعلنا ممن يعترف بأنه من عندك، حتى لا يعارضنا الشك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه. اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوى من المتشابهات إلى حرز معقله، ويسكن في ظل جناحه، ويهتدي بضوء صباحه، ويقتدي بتبلج أسفاره، ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى في غيره. اللهم وكما نصبت به محمدا علما للدلالة عليك، وأنهجت بآله سبل الرضا إليك، فصل على محمد وآله، واجعل القرآن وسيلة لنا إلى أشرف منازل الكرامة، وسُلّماً نعرج فيه إلى محل السلامة، وسبباً نجزى به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها على نعيم دار المقامة. اللهم صل على محمد وآله، واحطط بالقرآن عنا ثقل الأوزار، وهب لنا حسن شمائل الأبرار، واقف بنا آثار الذين قاموا لك به آناء الليل وأطراف النهار، حتى تطهرنا من كل دنس بتطهيره، وتقفوا بنا آثار الذين استضاؤوا بنوره ولم يلههم الأمل عن العمل، فيقطعهم بخدع غروره. اللهم صل على محمد وآله، واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مونسا، ومن نزغات الشيطان وخطرات الوساوس حارسا، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه وزواجر أمثاله، التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله. اللهم صل على محمد وآله، وأدم بالقرآن صلاح ظاهرنا، واحجب به خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا، واغسل به درن قلوبنا وعلائق أوزارنا، واجمع به منتشر أمورنا، وارو به في موقف العرض عليك ظمأ هواجرنا، واكسنا به حلل الأمان يوم الفزع الأكبر في نشورنا. اللهم صل على محمد وآله، واجبر بالقرآن خلتنا من عدم الإملاق، وسق إلينا به رغد العيش وخصب سعة الأرزاق، وجنبنا به الضرائب المذمومة ومداني الأخلاق، واعصمنا به من هوة الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون لنا في القيامة إلى رضوانك وجنانك قائدا، ولنا في الدنيا عن سخطك وتعدي حدودك ذايدا، ولما عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدا. اللهم صل على محمد وآله، وهون بالقرآن عند الموت على أنفسنا كرب السياق وجهد الأنين وترادف الحشارج إذا بلغت النفوس التراقي، وقيل من راق، وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب، ورماها عن قوس المنايا بأسهم وحشة الفراق، وداف لها من زعاف الموت كأسا مسمومة المذاق، ودنا منا إلى الآخرة رحيل وانطلاق، وصارت الأعمال قلائد في الأعناق، وكانت القبور هي المأوى إلى ميقات يوم التلاق. اللهم صل على محمد وآله، وبارك لنا في حلول دار البلى، وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وافسح لنا برحمتك في ضيق ملاحدنا، ولا تفضحنا في حاضر يوم القيامة بموبقات آثامنا، وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذل مقامنا، وثبت به عند اضطراب جسر جهنم يوم المجاز عليها زلل أقدامنا، ونجنا به من كل كرب يوم القيامة، وشدائد أهوال يوم الطامة، وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه الظَّلَمة في يوم الحسرة والندامة، واجعل لنا في صدور المؤمنين ودا، ولا تجعل الحياة علينا نكدا. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما بلغ رسالتك، وصدع بأمرك ونصح لعبادك، اللهم اجعل نبينا صلواتك عليه وآله يوم القيامة أقرب النبيين منك مجلسا، وأمكنهم منك شفاعة، وأجلهم عندك قدرا، وأوجههم عندك جاها، اللهم صل على محمد وآل محمد، وشرف بنيانه، وعظم برهانه، وثقل ميزانه، وتقبل شفاعته، وقرب وسيلته، وبيض وجهه، وأتم نوره، وارفع درجته، وأحينا على سنته، وتوفنا على ملته، وخذ بنا منهاجه، واسلك بنا سبيله، واجعلنا من أهل طاعته، واحشرنا في زمرته، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه، اللهم صل على محمد وآله، صلاة تبلغه بها أفضل ما يأمل من خيرك وفضلك وكرامتك، إنك ذو رحمة واسعة وفضل كريم، اللهم اجزه بما بلغ من رسالاتك، وأدى من آياتك، ونصح لعبادك، وجاهد في سبيلك، افضل ما جزيت أحدا من ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين المصطفين، والسلام عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته. الصحيفة السجادية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat