صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

ضريبة تحرير فلسطين ستكون عالية والأجمل قادم
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هل إنّ قدرنا - نحن الشعوب العربية خصوصا والإسلامية عموما- أن نكون دائما في ذيل شعوب العالم الناهض، خاملين متقاعسين حتى في أبسط الواجبات؟ أم إنّ الحقيقة هي غير الذي يتعذّر به أهلنا وحكامنا؟ وهل رضينا بهذا الانحطاط الفظيع الذي أصبحنا فيها، وقنعنا بأن نكون فيه تبّعا لقوى ودول غربية، لا ترى فينا سوى مغنم لمصالحها، يجب أن تحافظ عليه بكل الطرق الخبيثة، التي عادة ما تستعملها تلك القوى، وقد عبّرت مرارا وتكرارا، بمختلف أنواع التعابير أنّها عدوّة لديننا، ولا تريد لنا أن ننهض من كبوتنا، ونستعيد زمام أمورنا، في عالم بدأت شعوبه تصارع بقوة وعزيمة، من أجل نيل حرّيتها الحقيقية، بعدما اكتشفت زيف الحرّية والديمقراطية التي عملت دول الغرب على أن نلبسها بكل أدرانها السيئة.

بعد قصف مشفى المعمداني بغزة(1) المحاصرة برا وبحرا وجوا بواسطة القوات الصهيونية بأحدث الطائرات الأمريكية وقنابلها المتطورة شديدة التدمير، لم يعد هناك مجال لاحترام الحكومة الأمريكية وكل من يقف معها، هؤلاء أكّدوا مرّة أخرى أنهم أعداء هذه الأمّة، ولا يتورّعون في ارتكاب أي جريمة ضدّ شعوبنا، أمريكا ودول الغرب المصطفة إلى جانبها، في الدفاع عن كيان صهيوني غاصب زرعوه بالمكر والخديعة، وأباحوا له القيام بأي جريمة تخطر على بال قادته، بعنوان الدفاع عن نفسه، متجاوزا القوانين الدولية، ومتجاهلا أنّها جرائم حرب يعاقب عليه القانون الدولي، مطمئنّا تماما بأنه كيان فوق المساءلة والعقوبة، مع وجود دول غربية عمياء صمّاء ذات نزعة عنصرية صهيونية تتزعمها أكبرهم شرّا وفسادا في الأرض أمريكا التي أطلق عليها الإمام الخميني لقب (الشيطان الأكبر) وقد صدق في ذلك، وبانت شيطنتها أنها ضد كل حقوق الشعوب، خصوصا تلك التي لم تتمكن من غوايتها لتكون في صفها الخبيث.

شعوبنا العربية والإسلامية تمرّ اليوم بلحظات فارقة، ومن ردود أفعالها سيتقرّر مصيرها، أما أن تكون حرّة بحقّ - وليست الحريّة المزيفة التي قدّمها لنا دول الغرب الإستعمارية - وتباشر حلّ قضاياها بنفسها، وأوّلها مسألة الحكم التي يجب أن تكون نابعة من صلب الشعوب، دون أي تأثير خارجي - انقلاب ونحوه من دعم العملاء - لقد انتهى شعبيّا زمن العملاء المؤتمرين بأوامر دول الغرب الثلاثة أمريكا بريطانيا فرنسا (2)، فكل الحماقات التي ارتكبتها هذه الدول في كفّة، وقصف مشفى المعمداني بغزة وحده في كفّة، إنّها منتهى النذالة والخسّة والوضاعة التي يمكن أن تتصف بها أمريكا، وهذه الدول التي لم تخجل في أن تكون شريكة الكيان الصهيوني في جريمته الأخيرة، بعدما عبرت من قبلُ على مساندتها له ووقوفه إلى جانبه، فهل بعد هذه التعابير الصادرة من أعلى هرم السلط في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، دليل آخر على تورّطها فيما يجري على أرض من قتل ودمار وعدوان؟

لم يعد هناك مكان لمتخاذل أو عميل أو حتى ساكت بيننا، لأنّ الساكت على الحق شيطان أخرس، وما الذي يُرْجى من ساكت لا يحرّك لسانه، وهو من أضعف الإيمان؟ وأوّل الواجبات على شعوبنا العربية والإسلامية تقويم اعوجاج سلطات بلدانها، تلك التي لا تزال تأمل خيرا في دول الغرب، وتتعامل معها على انّها دول صديقة، وهي عدوّة في حقيقتها التي تحاول اخفاءها، وظهورها اليوم بعد الذي حصل في غزّة برهن على أنها لا تريد لشعوبنا الخير أبدا، وعبّرت في عديد المرات والمناسبات على ذلك الإنحياز المفضوح الغير مبرّر والدّال على ما تضمره لنا تلك الدّول من شرّ.

نحن أحرار الشعوب العربية والإسلامية، نرفض أن تكون لنا علاقات مع الدول الغربية، لا يسودها التكافؤ والإحترام، ونريد أن نقطع مع الحقبة الإستعمارية، التي لا تزال متواصلة بأشكال وانماط متعددة، كمنظمة الدول الفرنكوفونية (3) ومنظمة دول الكومنولث(54) بتأثيراتها المباشرة على سياسات بلداننا، والتي أضرّت بقضايانا المصيرية، وفي مقدّمتها قضية فلسطين،

وما يجب أن يصحح في هذا الإطار التخلّص من الجامعة العربية، لعقم وسواد تاريخها من التأسيس إلى اليوم، مقابل ذلك يجب العمل على مستوى طلائع الشعوب من أجل تأسيس وإقامة جامعة الشعوب العربية، شبهات الجامعة الحالية أوضح مما قد يتصوره أحد، فضلا على عمالة بعض الأنظمة لأمريكا ودول الغرب المتحكمة في قراراتها، التي غالبا ما كانت سلبية غير ذات جدوى أو تاثير، بين الشجب والاستنكار والتنديد، وشتى التعابير التي عبّرت منذ أن حُرّرت، عن عجز تام في فعل شيء ينفع العرب والمسلمين وقضاياهم المصيرية، فاذا كانت ميزانية هذه الجامعة مستخلصة من مقدّرات شعوبنا فنحن نرفض أن تمنح قرشا واحدا، وإذا كانت ممنوحة من أمريكا ودول الغرب وعملاؤهم فتلك إدانة أخرى، ودليل يساق على تورط الجامعة العربية وتواطئها مع العدوّ.

الزمن زمن مقاومة، ولن يعود إلى الوراء مثلما يريد الغرب وأذنابه من المطبعين، ومحور المقاومة تأسس وأمسك بزمام أمره، وعمره اليوم يقارب الأربعين عاما وقد بلغ أشده، ولم يعد في مقدور أحد أن ينهيه أو يزيله عن أهدافه، مهما تحالف عليه أعداؤه وخططوا له، ما تسعى إليه الدول الغربية وبكل وقاحة، تفكيك هذا المحور والعمل على إنهائه، لأجل عيون الكيان الصهيوني الذي يحقّق لها هيمنة جديدة غير مباشرة على شعوب المنطقة بسيطرة صهيونية هي أسوأ احتلال في تاريخ المنطقة، والقبول بهذا الوضع المهين من سابع المستحيلات بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية، وعيش الذّل مرفوض في ديننا الإسلامي ولن يقبل به حر أبدا، ومن هنا يبدأ الوعي الشعبي كمقدّمة لتحرير الأرض، وتخليص الشعب الفلسطيني من دنس كيان عنصري فاسد بكلّ معاني الفساد، ردّات الفعل الشعبية العربية والإسلامية مبشّرة بكل خير، وهي تباشير النصر القادم، وما عداها من جانب العدوّ ارتباك كامل وجبن واجرام، وما قصف المشافي بغزة سوى دليل على بداية تخبط، لن يخرج منه الكيان الصهيوني سالما.

المراجع

1 – شاهد .. لحظة قصف المستشفى المعمداني بقطاع غزة.. مجزرة كبيرة

https://arabic.rt.com/world/1504620-

2 – بين مؤيّد للعملية ومستنكر لها تتباين المواقف الغربية والعربية حول طوفان الأقصى

https://www.mc-doualiya.com/20231010-

3 – المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية https://ar.wikipedia.org/wiki/

4 – دول الكومنولث https://ar.wikipedia.org/wiki/


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/10/18



كتابة تعليق لموضوع : ضريبة تحرير فلسطين ستكون عالية والأجمل قادم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net