صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

سوريا ما بعد بشار .. كيف ستكون؟
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن أي نظام استبد بحقوق شعبه،ج

وكبت حريته وأذاقه الأمرين، قضت السنن الالهية أن لا يبقى، وحقيق على أحرار شعوبه أن تعمل على إسقاطه بأي صورة كانت، وعلى مر التاريخ راينا انظمة قامت ثم تجبرت بحق شعبها كيف آلت في نهاية المطاف إلى السقوط المدوي بل إلى مزبلة التاريخ، سقط صدام ببعثه، وجاء اليوم 8/12/24 دور بشار ببعثه، ويبدو أنه لم يوجد أسوا من حزب البعث في تاريخ العرب المعاصر.

لقد عرفنا فيما مضى، كيف قمع صدام البعثي العراقي شعبه، بصورة غير مسبوقة من قبل، يكفي أن نذكر المقابر الجماعية التي أحصتها المنظمات الحقوقية بالعراق، من بعد رحيله السيء الذكر، والتي فاقت 267 مقبرة جماعية، جمع فيها جلاوزته ضحايا قمعه وبطشه، وجد فيها عشرات آلاف العراقيين المدنيين نساء وأطفالا ورجالا، لم يرحموا فيها صغيرا ولا كبيرا.

أما البعث السوري، فتاريخه لا يقل بشاعة عن العراقي، يكفي هنا أن نذكر بمجزرة حماه، وما استتبعها من إكراهات مارسها النظام على الشعب السوري، الذي تحملها بأثقالها على مضض، خوفا من بطش وقمع أدوات النظام، التي كانت لا تتوانى حتى مع من يعرب عن تبرمه من الوضع وتوجيه إصبع الإتهام للدولة، المتسبب الرئيسي في تدني مستوى عيشه، إلى درجة لا يمكن تحملها، ومع ذلك تحملها عامة الشعب السوري طوال السنين الخوالي، وها هو اليوم يتنفس بملئ رئتيه الصعداء، إنها الحرية التي افتقدها طويلا، رزح قبلها تحت ثقل الخوف والرهبة، ومن كان يتكلم عن النظام قبل هذا اليوم؟ يوم تحرر حقيقي، وفرحة عارمة لم يفرحها الشعب من قبل، لكن هذا لا يجب ان ينسي افراده الانضباط، وتحمل المسؤولية في الالتزام بالواجبات الملقاة عليهم كمواطنين صالحين .

سقط نظام البعث العفلقي السوري، وذهب معه بشار الى غير رجعة غير مأسوف عليه، من طرف كل من عرف حقيقة نظامين بعثيين عراقيين وسوريين، أسسهما تباعا ميشيل عفلق، ليبتلي بهما شعبين عزيزين كريمين، هنيئا لأحرار سوريا بهذا الإنتصار الباهر المستحق، الذي تحقق بعد طول معاناة وصبر.

ننتظر من الشعب السوري أن يضطلع بمسؤولياته التاريخية والوطنية ليواكب دوره الريادي الحقيقي، وليس الصوري الذي كان يتباهى به النظام المنهار من قبل، اليوم استحقاقات حقيقية تنتظر سوريا، وهي قادرة على القيام بها احسن قيام، ومنها تحرير الجولان من العدو الصهيوني، والإلتزام الحقيقي والفعلي بقضية فلسطين، فلا أمن ولا أمان في ظل كيان صهيوني عنصري، يحمل مشروع قضم الأراضي والتوسع على حساب شعوب المنطقة، ويتطلع لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

أعتقد أن الشعب السوري – وهو أهل لرفع التحدي- سيكون في مستوى تطلعات أشقائه، فلن يتكرر نظام فاسد بعد اليوم بإمكانه أن يحكمه، ولن يخذل التزاماته الإقليمية، ومنها فلسطين العزيزة، التي احتضن أهلها ودافع عن حقوقها، وتحمل من أجلها ما لم يتحمله شعب غيره، دور سوريا القادم سوف يتوضح، خصوصا وأن القوات الصهيونية توغلت في القنيطرة اليوم، ثم عادت إلى داخل الجولان المحتل بعد تنفيذ مهامها.

البيان الذي أصدره المجلس الإنتقالي السوري الجديد، مطمئن لجميع الطوائف السورية، ويبشر بغد جديد، لبلد عانى من كبت الحريات زمنا، وفي ظني أن الشعب السوري سيبرهن على وعي ومسؤولية، ويخوض عصرا جديدا كله أمل بغد مشرق أفضل بقلوب شعبه الطيبة.

أخير أقول إن سوريا بلد نفطي وغازي، ومع ذلك بقي النظام المنتهي متكتما على تلك الموارد بدير الزور، مستغلا لها من دون الشعب، ونتيجة لخذلانه ومخادعته، تسلطت عليه القوات الأمريكية لتستغله غصبا، استحقاق الشعب السوري في الاستفادة من موارده ضرورة أكيدة، بها سيتمكن من تسريع نموه.

سوريا اليوم متفائلة ومختلفة عن سوريا الأمس، تلتلحق بركب الشعوب الحرة وترنو بنظرة كلها يقين بأن المستقبل سيكون حتما أفضل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/26



كتابة تعليق لموضوع : سوريا ما بعد بشار .. كيف ستكون؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net