صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

المقاومة أسلوب وحيد لتحرير فلسطين
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما أقول أننا لا زلنا نعيش تحت الهيمنة الغربية، سياسيا وثقافيا واقتصاديا وعسكريا، بعد أن استعمر دولها واستضعف شعوبنا، سنين طويلة متفاوتة في مُدَدِها، بحسب الأهمّية التي يكتسيها كل بلد من بلداننا، وما اقترفته جيوشه من جرائم قتل وانتهاك  جميع حقوق الشعوب المستعمَرة، في افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، هذه الهيمنة التي بدأت بتقديم دوله الغربية على أنّها حاملة مشروع انساني، من شأنه أن يحفظ حقوق الشعوب بأجناسها المختلفة، فلا تستأثر بها دولة على أخرى ولا شعب على آخر، ومن أجل الدعاية لهذا المشروع تأسست الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ومجلس الأمن الذي أصبح السلطة العليا التي أوكلت إليها مهام إصدار الأحكام وتنفيذها لكن بمحاباة وتمييز مفضوحين.

وفيما تواصل القوات الصهيونية أعمالها الإجرامية مستهدفة الفلسطينيين في قطاع غزة، من أجل انهاء مقاومة أهلها وكسر ارادتهم، تواصل حكومات الغرب تجاهلها لما يجري من إبادة ذهب ضحيتها عشرات آلاف الشهداء الذين قضوا تحت انقاض المباني المستهدفة في القطاع، ومنها المستشفيات والمدراس وبقيّة البنى التحتية، التي كانت عرضة غارات الطائرات الصهيونية ، بكافة أنواع القنابل والصواريخ الفتّاكة، مستهدفة المدنيين العزّل صغارا وكبارا نساء ورجالا، حتى المرضى والمحتمين بمدراس (الأونروا) لم يسلموا بدورهم من غدر الآلة العسكرية الصهيونية.

الحيف الغربي بمنظوماته وأدواته الحاكمة في العالم ومنها مجلس الأمن، تجلى في سياسة الكيل بمكيالين، وهي سياسة تأسست على حيف في اعتباراتها، بما أثبت انّ دعاويها في حقوق الإنسان باطلة، ولم يعد هناك مجال للشك في أنّ مقصدها من تلك الحقوق مخصوص بالإنسان الصهيوني وحده متميّزا على بقية الأجناس، وإذا سألتهم لماذا هذا التمييز، سكتوا ولم يجرّوا جوابا، كأنّ لسان حال قادتهم يقول: إنّنا نريد التكفير عن جرائم اسلافنا في الحرب الكونية الثانية بشأن اليهود.

من نسج خيوط الهولوكوست، وضخّم أحداثها وكبّر ضحاياها، هم من أحفادهم الغربيون اليوم، في السكوت على ما يقترفه الصهاينة من أعمال إبادة، مستهدفين فيها الوجود الفلسطيني برمّته من عناصر مقاومة ومدنيين في قطاع غزّة، من أجل إسكات أيّ محاولة لإبقاء حقوق الشعب الفلسطيني قائمة، من أجل استعادة أرضه وطرد الغزو الصهيوغربي عنها، فإسرائيل ليست سوى مشروع غربي خسيس، هدفه الهيمنة الكاملة على شعوب المنطقة، واستغلال مواردها كافة، وهي بمعنى آخر قاعدة متقدّمة في العمق العربي والإسلامي، تعمل على التحريض الطائفي والتمييز العرقي، وإثارة كل نعرة من شأنها أن تُضعف أي مشروع قد يقوم من أجل الوحدة بين شعوب المنطقة العربية والإسلامية.

وفيما تتمادى وسائل الإعلام الغربية متجاهلة أبسط حقوق الشعب الفلسطيني- في التحرر من غاصبي أرضه، باعتماد أسلوب المقاومة المسلحة- انسجاما مع قادة دولها، وسياساتهم المنحازة للكيان الغاصب، حيث أدرجتها على قائمة الحركات إرهابية، يجب محاربتها بكل الوسائل، فلم تتأخر تلك الدول في تقديم جميع وسائل بقائه مهيمنا وغاصبا ومستأثرا بحقوق الشعب الفلسطيني، إلى حدّ عماها عمّا يقترفه الكيان الصهيوني من جرائم، مصنّفة في القانون الدولي جرائم حرب يُعاقَبُ عليها، كيان غاصب يرى في أعين من أسّسه ودعّمه دولة معترف بها دوليا، ولها مقعد في الأمم المتحدة، وشعب شُرّد من ارضه وانتهكت مقدّساته، وسُلِبَ من جميع حقوقه، فلم يبقى له من أمل في أن يستعيد أرضه بغير المقاومة، بعدما أسقط من أياديه مسخرة حل الدولتين، وقد تبيّن له أنّها كانت مجرّد خطّة خبيثة، سقط فيها من سقط من قادة فتح.

ما ناسف عليه اليوم كما احزنتنا مؤشراته بالأمس، قيام سلطة (محمود عباس) بشنّ حملة أمنية شرسة على عناصر المقاومة في جنين، واصفة إيّاهم  بأنهم مارقون ضالون يجب إعتقالهم، في مواقف سياسية أمنيّة ليست جديدة لسلطة عباس، فمنذ ثلاثة عقود مضت، مارست أدواتها القمعية أنواعا من التضييق والتشدّد مع كل من ينتسب إلى حركة حماس والجهاد، أو ايّ حركة مقاومة فلسطينية أخرى ترى الحلّ الوحيد الباقي لكل حرّ فلسطيني، في أن يستنقذ أرضه من غاصبيه نوّاب الغرب الاستعماري، هو المقاومة ولا شيء غير المقاومة، بإمكانه أن يعيد الأرض، وينقذ المقدسات والعرض.

ويبدو أن عباس وسلطته قد فقدوا مصداقيتهم منذ زمن، فلم يعد لهم دور يحفظونه، ولا بقي لهم ماء وجه يسترهم، بعدما برهنوا خلال السنوات الفارطة وهذه السنة، على سقوط فادح، لم يُعْرَف زمن ياسر عرفات، وكأنّ عبّاس فقد عقله، فلم يعد يفكّر بعقل رجل رشيد، لم يعد يرى بغير العين الصهيونية، وخدمة أهداف المشروع الصهيوني في إنهاء أي حركة مقاومة، ولو كانت هناك مصلحة واحدة تدفعه في سلوكه العدواني، الذي دأبت سلطته على ممارسته منذ سنوات عديدة، لأعذره الفلسطينيون على ذلك، ولكن أخبار قمع عناصره وسجنه الذي حشر فيه من قبضوا عليه بتهمة معارضة سياسة عباس، فان لم يسلموه شخصا إلى الإستخبارات الصهيونية، أودعوا اسمه مضمّنة بمعلومات أخرى عن شخصه، لتتولى القوات العسكرية والأمنية الصهيوني مهمّة اعتقاله أو اغتياله.

بل لقد قامت هذه السلطة البائسة منذ طوفان الأقصى ( أكتوبر 2023) بقتل 13 مقاوما من الضفة الغربية وقامت باعتقال 150 آخرين، جميعهم مطلوبين من الأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني، تنسيق أمني مارسته السلطة ضدّ الشعب الفلسطيني، كأنّها غريبة عن فلسطين، بل لقد أثبتت أنّ سياستها منسجمة في مجال مطاردة المقاومين الفلسطينيين مع الكيان الصهيوني، فمن عجزت عنه السلطة تكفّلت به الأجهزة الصهيونية، في تعاون أمني تامّ، أقلّ ما يقال عنه بأنّه يمثّل عارا لا ينمحي، من سلطة خانت مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية (فتح)، وقامت من خلال ممارساتها بتدنيس تاريخ حافل بمقاومة العدوّ الصهيوني.  
دور سلطة عباس لا يختلف عن دور جيش لحد في جنوب لبنان، ولا أراه مختلفا أيضا عن دور الجولاني في سوريا، ولا دور عبد الله الثاني في الأردن، ولا دور السيسي في مصر، في محاصرة غزّة من جهة الغرب، فكل واحد من هؤلاء الخونة، أوكلت له مهمّة واعتمد دورا، في إطار انهاء أيّ شكل من أشكال مقاومة العدوّ الصهيوني، ومع ذلك تستمرّ المقاومة دون أن يعتريها ضعف، واعدة في أدائها بأنّ النصر يأتي فقط من طريقها الذي سلكته، رغم أنوف الصهاينة وعملائهم عربان السلطة وعرّابي تطبيع الخليج. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/27



كتابة تعليق لموضوع : المقاومة أسلوب وحيد لتحرير فلسطين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net