مقتل الامام الحسين والقرآن الكريم من كتاب السيد المقرّم (ح 5)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وعن توجيه لدواعي السّفر يقول السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه مقتل الحسين عليه السلام: قال عليه السلام لأبي هرّة الأسدي: (إنّ بني اُميّة أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت). ولمْ يبق بمكّة أحد إلاّ حزن لمسيره، ولمّا أكثروا القول عليه أنشد أبيات أخي الأوس لمّا حذره ابن عمّه من الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. سأمضي فما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبوراً وخالف مجرما. ثم قرأ: "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا" (الاحزاب 38). وفي الثعلبيّة أتاه رجل وسأله عن قوله تعالى: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" (الاسراء 71) فقال عليه السّلام: «إمام دعا إلى هدى فأجابوا إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوا إليها، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النّار، وهو قوله تعالى: "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" (الشورى 7). وفي هذا المكان اجتمع به رجل من أهل الكوفة فقال له الحسين: (أما والله، لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل في دارنا ونزوله بالوحي على جدّي. يا أخا أهل الكوفة، من عندنا مستقى العلم، أفَعَلِموا وجهلنا؟ هذا ممّا لا يكون). وحديث بجير من أهل الثعلبية، قال مرّ الحسين بنا وأنا غلام فقال له أخي: يابن بنت رسول الله أراك في قلّة من النّاس، فأشار بالسّوط إلى حقيبة لرجل وقال: (هذه مملوءة كتباً). وفي عذيب الهجانات وافاه أربعة نفر خارجين من الكوفة على رواحلهم ويجنبون فرساً لنافع بن هلال يقال له (الكامل) وهم، عمرو بن خالد الصيداوي، وسعد مولاه، ومجمع بن عبد الله المذحجي، ونافع بن هلال، ودليلهم الطرمّاح بن عدي الطائي يقول: يا ناقتي لا تذعري من زجري * وشمّري قبل طلوع الفجر، فلمّا انتهوا إلى الحسين عليه السّلام أنشدوه الأبيات، فقال عليه السّلام: (أما والله، إنّي لأرجوا أنْ يكون خيراً ما أراد الله بنا قُتِلْنا أم ظفرنا). وسألهم الحسين عن رأي النّاس، فأخبروه بأنّ الأشراف عظمت رشوتهم وقلوب سائر النّاس معك والسّيوف عليك، ثمّ أخبروه عن قتل قيس بن مسهّر الصيداوي، فقال عليه السّلام: ("فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الاحزاب 23). اللهم اجعل لنا ولهم الجنّة، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك).
وعن ليلة عاشوراء يقول السيد المقرم: قال الضحّاك بن عبد الله المشرقي: مرّت علينا خيل ابن سعد فسمع رجل منهم الحسين عليه السلام يقرأ "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ ِلأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ" (ال عمران 178-179). فقال الرجل نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم. قال له برير: يا فاسق، أنت يجعلك الله في الطيّبين؟ هلمّ إلينا وتُب من ذنوبك العظام، فوالله لنحن الطيّبون وأنتم الخبيثون. فقال الرجل مستهزئاً: وأنا على ذلك من الشاهدين. ويقال: أنّه في هذه الليلة انضاف إلى أصحاب الحسين من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً حين رأوهم متبتّلين متهجدين عليهم سيماء الطاعة والخضوع لله تعالى.
وعن يوم عاشوراء يقول السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه: ثمّ حمل عمرو بن الحَجّاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة، وفيها قاتل مسلم بن عوسجة، فشدّ عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي، وثارت لشدّة الجلاد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إلاّ ومسلم صريع وبه رمق. فمشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين عليه السلام: (رحمك الله يا مسلم "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الاحزاب 23)). ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشِر بالجنّة. فقال بصوت ضعيف: بشّرك الله بخير. قال حبيب: لَو لَم أعلم أنّي في الأثر لأحببت أنْ توصي إليَّ بما أهمّك. فقال مسلم: اُوصيك بهذا وأشار إلى الحسين عليه السلام أنْ تموت دونه. قال: أفعل وربِّ الكعبة. وفاضت روحه بينهما. وصاحت جارية له: وآ مسلماه يا سيّداه يابن عوسجتاه فتنادى أصحاب ابن الحجاج: قتلنا مسلماً. فقال شبث بن ربعي لمَن حوله: ثكلتكم اُمّهاتكم أيقتل مثل مسلم وتفرحون لَربَّ موقف له كريم في المسلمين رأيته يوم آذربيجان، وقد قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين. ثمّ إنّ عمر بن سعد وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسين وعقروا خيولهم ولَم يبقَ مع الحسين فارس إلاّ الضحّاك بن عبد الله المشرقي يقول: لمّا رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلتُ بفرسي وأدخلتها فسطاطاً لأصحابنا. واقتتلوا أشدّ القتال. وكان كلّ مَن أراد الخروج ودّع الحسين عليه السلام بقوله: السّلام عليك يابن رسول الله. فيُجيبه الحسين عليه السلام: (وعليك السّلام، ونحن خلفك)، ثمّ يقرأ "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الاحزاب 23).
وعن مقتل علي الأكبر يقول السيد المقرم في كتابه: ولَم يتمالك الحسين عليه السّلام دون أن أرخى عينيه بالدموع وصاح بعمر بن سعد: (مالك؟ قطع الله رحمك كما قطعتَ رحمي، ولَم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وسلّط عليك من يذبحك على فراشك). ثمّ رفع شيبته المقدّسة نحو السّماء وقال: (اللهمّ اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه النّاس برسولك محمّد خَلقاًَ وخُلُقاً ومنطقاً، وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه، اللهمّ فامنعهم بركات الأرض، وفرِّقهم تفريقاً، ومزِّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترضِ الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدَوا علينا يقاتلونا)، ثمّ تلا قوله تعالى: "إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (ال عمران 33-34).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat