في رحاب شعبان -٤- ولادة الحقوق والمبادئ بيوم ولادة السجاد
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الأيام التي يفخر بها المسلمون ما لها علاقة بولادة أحد قادتها؛ لاتخاذهم انطلاقة نحو تجدد العهد معهم، والسير على منهجهم، والتعلُّم منهم ما كتبوه على صفحات التاريخ بأحرف من نور.
وفي خامس شعبان سطع قمر آخر من تلك الأقمار الاثني عشر في مدار فلك الإنسانية، إنه حفيد سيد الوصيين الإمام علي السجاد "عليهما السلام".
لقد ولد في زمن مضطرب جدًّا بالخيانات والغدر والقتل لآل محمد "عليهم السلام"، وكانت ذروته ذلك ما حدث يوم عاشوراء وما بعده من السبي والأسر، فكان أحد شهوده الأحياء الذين رأوا مآسيه وبقيت معه إلى آخر عمره ..
ولكنَّ ذلك لم يكن حاجزًا لتلك الروح العظيمة في أداء رسالتها، رسالة الرحمة العالمين التي صدح القرآن بها مخاطبًا جدَّه المصطفى وهم امتداده، لقد صدح السجاد في الأمة مبينًا حقوقًا عظيمة لم تكن تألف مثل ذلك، إلا في تراث الثقلين؛ لأنَّ منبعهما واحد وهو السماء ..
لقد تحدث عن حقوق متعددة في جوانب الفرد من حيث الروح والبدن من جهة ليتكامل الإنسان بها، وجوانب الأسرة كذلك، وفي جوانب الأمة حيث العلاقات العامة من جهة أخرى لتتكامل الإنسانية بها ..
وُلِدت بمولده تلك الحقوق والمبادئ الإنسانية الإسلامية العظيمة، ليبيِّن تارة، ويؤسس تارة أخرى ..
يذكِّر الإنسان👈🏻 بحقيقة وجوده في هذا العالم بأنه مخلوق وللخالق حقوق تجاهه عليه تأديتها، ويؤكد عليه بأنه عبد مهما كانت منزلته ولا بد أنْ يذعن للمعبود ويؤدي حقوق العبودية بالطاعة، وهذه هي حياة الروح حيث تسمو مع العالم الذي تنتمي إليه، فكان: (حق الله الأكبر أنْ تعبده لا تشرك به شيئًا) ..
ثم حقوق النعم الإلهية العظيمة👈🏻 في بدن الإنسان الدالة على عظمة الخالق وإعجازه وإبداعه وإتقانه، حيث تقف علوم البشرية عاجزة أنْ تخلق عضوًا واحدًا، أو جزءًا منه ولو اجتمعوا فكان بعضهم لبعض ظهيرًا، فاستمع إليه بقلبك وهو يتحدث عن حق اللسان، والسمع، والبصر، واليدين، والرجلين، والبطن، والفرج .. فأين العلماء ليتأملوا في ذلك البيان العظيم والفريد لحقوق هذه الأعضاء!! فتأمل بقوله في حق البطن مثلًا: (فإنَّ الشبع المنتهي بصاحبه إلى التخم مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كُلِّ بِرٍّ وكرمٍ)!!
وبعد ذلك👈🏻 حق الأسرة وأفرادها في الإسلام، وعظمة هذا البناء الذي أكد على مقامها النظام الإسلامي، فالأب، والأم، والزوجة، والولد الذين هم أساس الأسرة وعمادها، يرسم السجاد "عليه السلام" بريشته النبوية التي هو أهلها معالمها العظيمة، التي تحيِّر الألباب حقوقها، فما أعظم رسالته في الحقوق الزوجية (فأنْ تعلم أنَّ الله جعلها لك سَكَنًا ومستراحًا وأُنسًا وواقيةً).
ثم يعرِّج على👈🏻 حقوق الأمة فيؤكد معنى النظام، ولا بد للأمة من حقوق تراعيها لحفظ نظامها العام، وتحقيق تكاملها وسعادتها، فهذه هي رسالة الإسلام الكاملة، حيث حق السلطان مع الرعية، وتبادل أداء الحقوق بينهما، ولا يجعل السلطان رعيته عبيدًا له يسوقهم حيث يشاء!! فما أروع قوله: (فأما حق سائسك بالسلطان فأنْ تعلم أنك جُعِلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك)، فأين حُكَّام العالم ليتأمَّلوا في هذا الحق، وهذا الابتلاء؟!!
ثم المعلم والمتعلم👈🏻 ورابطة العلم المقدسة بينهما، وما في ذلك من آثار كبيرة في بناء مجتمعٍ واعٍ يبني حضارته على أسس علمية، لا على الجهل والخرافات، فالعلم والمعلم لهما قدسية في الإسلام، ولا بد من الحفاظ على قدسية ذلك بحفظ الحقوق!!
أخيرًا أيها المسلمون وغيرهم🔍
- هل هناك أعظم من هذه الأمثلة لحقوق (الفرد والأسرة والأمة)، وما فيها من آثار عظيمة في صلاحها وكمالها وسعادتها🕯️!!
- وهل تعلم الأمة ماذا ضيَّعت عندما اتخذت غير صراط آل محمدًا طريقًا!!
أم فقط تمرُّ علينا الذكريات بلا تأمل في تراث أهلها الذين خدموا البشرية والإنسانية!!💔 ..
والسلام
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat