عبارات قرآنية مفرحة في العيد (ح 4) (وجعلني مباركا)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
على المؤمن بل الأنسان خلال أيام العيد أن يكون وجوده مباركا فيه عظيم الخير و النفع. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) أي: وجعلني معلما للخير عن مجاهد وقيل نفاعا حيث ما توجهت والبركة نماء الخير والمبارك الذي ينتمي الخير به وقيل ثابتا دائما على الإيمان والطاعة وأصل البركة الثبوت عن الجبائي. و عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن (وجعلني مباركا) "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. ﴿مريم 31﴾ وَجَعَلَنِي: وَ حرف عطف، جَعَلَ فعل، نِي ضمير. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنتُ: آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر. وجعلني عظيم الخير والنفع حيثما وُجِدْتُ، وأوصاني بالمحافظة على الصلاة وإيتاء الزكاة ما بقيت حيًا.
ومن الأماكن المباركة التي تزار أيام العيد قبور الأنبياء وخاتمهم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام. جاء في الموسوعة الالكترونية لمدرسة اهل البيت عن زيارة القبور: قال تعالى حكاية عن قول عيسى عليه السلام: "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) وهذا يعني أن عيسى عليه السلام جعله الله عز وجل مصدر البركة و التبرك أين ما حل، فما بالك بـ خاتم الأنبياء صلی الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ومن يصلي عيسى عليه السلام خلفه عند نزوله ويكون وزيراً له. فهذه الآية من سورة مريم تناغم ما في سورة البقرة: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125). يتهم المتهمون زوار قبور الأئمة عليهم السلام بالشرك، ويقيناً أنهم لو راجعوا مضامين الزيارات إن لم يكونوا معاندين لخجلوا من هذه الفرية. لا يوجد أي شخص عاقل يعبد النبي صلی الله عليه وآله وسلم أو الأئمة عليهم السلام، بل لا تخطر بذهن أحد هذه الفكرة إطلاقاً، وجميع المؤمنين الواعين يذهبون لزيارتهم احتراماً وطلباً للشفاعة. وأغلب الزوار يذكرون (الله أكبر) مائة مرة قبل البدء بقراءة متن الزيارة، فهم على هذا يؤكدون مبدأ التوحيد مائة مرة لإبعاد أي شائبة للشرك من نفوسهم. نقول في الزيارة المعروفة بـزيارة أمين الله وأمام قبور الأئمة (أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه حتى دعاك الله إلى جواره)، أفهل هناك توحيد أكثر من هذا.
في أيام العيد يجب الابتعاد عن أفعال الشر والتشاؤم والفساد بل من صفات المؤمن أن يكون مباركا أينما حل فيه الخير والبركة. عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) وكل من ينفع الناس بجهة من الجهات فهو مبارك وميمون، وكل من يضار بواحد من الناس فضلا عن الجماعة فهو شر وشؤم وفساد. جاء في معاني القرآن الكريم: جعل: لفظ عام في الأفعال كلها، وهو أعم من فعل وصنع وسائر أخواتها.
أن المؤمن كالنحلة تعمل العسل الذي فيه شفاء للناس، وهكذا المؤمن كالنحلة تحل البركة في المكان الذي تحل فيه "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ" (مريم 31) وذلك نتيجة كلامه عندما يتحدث وفي وجوده وفي فعله. فكلما يصدر من المؤمن فهو مبارك، ففي كلامه شفاء لهموم الناس وقلوبهم. وسلوك النبي وأهل البيت عليهم السلام نموذج للمؤمن وذلك لزهدهم في الدنيا والرغبة بالآخرة. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (خالطوا الناسَ مُخالطةً إنْ متّمْ مَعَهَا بَكَوا عليكم، وإنْ عشتم حَنّوا اليكم) وهي الدرجة والمستوى المطلوب للمؤمن الوصول اليه. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) "وجعلني مباركا أينما كنت" أي: نفاعا للناس إخبار بما كتب له "وأوصاني بالصلاة والزكاة" أمرني بهما "ما دمت حيا".
جاء عن مركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث عن فلسفة العيد للشيخ عبد الله اليوسف: في معنى العيد: العيد لغة: مشتق من العود، وهو الرجوع والمعاودة، لأنه يتكرر. والعيد كل يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو جيبة، والعيد: كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه. والعيد: ما يُعاوِد مرة بعد أخرى، وخُصَّ في الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر، وكما كان ذلك اليوم مجعولاً للسرور في الشريعة صار يُستعمل العيد في كل يوم فيه مسرة، وعلى ذلك قوله تعالى: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا" (المائدة 114) والعيد كل حالة تُعاوِدُ الإنسان.
العيد اصطلاحاً: كل يوم أو ليلة دلَّ عليه دليل من الشرع، وجعله عيداً ورتب عليه آثاراً، كعيد الفطر وعيد الأضحى. إحياء يوم العيد: يوم العيد ليس كسائر الأيام، بل هو يوم متميز من جميع الجهات والأبعاد، وهو يوم جعله الله تعالى للمسلين عيداً، لذلك ينبغي إحياء هذا اليوم بما يتناسب والرؤية الإسلامية له. يوم العبادة: يوم العيد يوم للعبادة والتقرب من الله تعالى، فيستحب للإنسان الاتيان بصلاة العيد قبل الظهر، ويذهب للصلاة على وقار واتزان، وأن يغتسل قبل الصلاة، كما يستحب بعد صلاة المغرب والعشاء من ليلة عيد الفطر، وبعد صلاة الفجر من يومه، وكذا بعد صلاة عيد الفطر أن يأتي بهذه التكبيرات: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا) ويضيف في عيد الأضحى: (الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا). وقد أشار رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أن التهليل والتكبير والتحميد من الأمور التي تزين الأعياد، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلّم قوله: (زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس). فيوم العيد علينا أن نبدأه بالعادة، وبذكر الله تعالى، وبالدعاء لله سبحانه بطلب المغفرة، وقبول الصوم في الفطر، والحج في الأضحى، وطلب العفو والصفح والحصول على الأجر والثواب، فهو يوم المكافأة لمن فاز بقبول عمله، والتزم بأوامر خالقه. فالعيد يكون حقيقياً لمن أمن الوعيد، وليس لمن لبس الجديد، فلبس الجديد والفرحة بالعيد لا تعني شيئاً إذا لم تُقبل أعمال الإنسان، ولم يستثمر شهر رمضان في فعل الطاعات، والمداومة على إتيان الأعمال الصالحة.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
على المؤمن بل الأنسان خلال أيام العيد أن يكون وجوده مباركا فيه عظيم الخير و النفع. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) أي: وجعلني معلما للخير عن مجاهد وقيل نفاعا حيث ما توجهت والبركة نماء الخير والمبارك الذي ينتمي الخير به وقيل ثابتا دائما على الإيمان والطاعة وأصل البركة الثبوت عن الجبائي. و عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن (وجعلني مباركا) "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. ﴿مريم 31﴾ وَجَعَلَنِي: وَ حرف عطف، جَعَلَ فعل، نِي ضمير. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنتُ: آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر. وجعلني عظيم الخير والنفع حيثما وُجِدْتُ، وأوصاني بالمحافظة على الصلاة وإيتاء الزكاة ما بقيت حيًا.
ومن الأماكن المباركة التي تزار أيام العيد قبور الأنبياء وخاتمهم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام. جاء في الموسوعة الالكترونية لمدرسة اهل البيت عن زيارة القبور: قال تعالى حكاية عن قول عيسى عليه السلام: "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) وهذا يعني أن عيسى عليه السلام جعله الله عز وجل مصدر البركة و التبرك أين ما حل، فما بالك بـ خاتم الأنبياء صلی الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ومن يصلي عيسى عليه السلام خلفه عند نزوله ويكون وزيراً له. فهذه الآية من سورة مريم تناغم ما في سورة البقرة: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى" (البقرة 125). يتهم المتهمون زوار قبور الأئمة عليهم السلام بالشرك، ويقيناً أنهم لو راجعوا مضامين الزيارات إن لم يكونوا معاندين لخجلوا من هذه الفرية. لا يوجد أي شخص عاقل يعبد النبي صلی الله عليه وآله وسلم أو الأئمة عليهم السلام، بل لا تخطر بذهن أحد هذه الفكرة إطلاقاً، وجميع المؤمنين الواعين يذهبون لزيارتهم احتراماً وطلباً للشفاعة. وأغلب الزوار يذكرون (الله أكبر) مائة مرة قبل البدء بقراءة متن الزيارة، فهم على هذا يؤكدون مبدأ التوحيد مائة مرة لإبعاد أي شائبة للشرك من نفوسهم. نقول في الزيارة المعروفة بـزيارة أمين الله وأمام قبور الأئمة (أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه حتى دعاك الله إلى جواره)، أفهل هناك توحيد أكثر من هذا.
في أيام العيد يجب الابتعاد عن أفعال الشر والتشاؤم والفساد بل من صفات المؤمن أن يكون مباركا أينما حل فيه الخير والبركة. عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) وكل من ينفع الناس بجهة من الجهات فهو مبارك وميمون، وكل من يضار بواحد من الناس فضلا عن الجماعة فهو شر وشؤم وفساد. جاء في معاني القرآن الكريم: جعل: لفظ عام في الأفعال كلها، وهو أعم من فعل وصنع وسائر أخواتها.
أن المؤمن كالنحلة تعمل العسل الذي فيه شفاء للناس، وهكذا المؤمن كالنحلة تحل البركة في المكان الذي تحل فيه "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ" (مريم 31) وذلك نتيجة كلامه عندما يتحدث وفي وجوده وفي فعله. فكلما يصدر من المؤمن فهو مبارك، ففي كلامه شفاء لهموم الناس وقلوبهم. وسلوك النبي وأهل البيت عليهم السلام نموذج للمؤمن وذلك لزهدهم في الدنيا والرغبة بالآخرة. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (خالطوا الناسَ مُخالطةً إنْ متّمْ مَعَهَا بَكَوا عليكم، وإنْ عشتم حَنّوا اليكم) وهي الدرجة والمستوى المطلوب للمؤمن الوصول اليه. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا" (مريم 31) "وجعلني مباركا أينما كنت" أي: نفاعا للناس إخبار بما كتب له "وأوصاني بالصلاة والزكاة" أمرني بهما "ما دمت حيا".
جاء عن مركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث عن فلسفة العيد للشيخ عبد الله اليوسف: في معنى العيد: العيد لغة: مشتق من العود، وهو الرجوع والمعاودة، لأنه يتكرر. والعيد كل يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو جيبة، والعيد: كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه. والعيد: ما يُعاوِد مرة بعد أخرى، وخُصَّ في الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر، وكما كان ذلك اليوم مجعولاً للسرور في الشريعة صار يُستعمل العيد في كل يوم فيه مسرة، وعلى ذلك قوله تعالى: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا" (المائدة 114) والعيد كل حالة تُعاوِدُ الإنسان.
العيد اصطلاحاً: كل يوم أو ليلة دلَّ عليه دليل من الشرع، وجعله عيداً ورتب عليه آثاراً، كعيد الفطر وعيد الأضحى. إحياء يوم العيد: يوم العيد ليس كسائر الأيام، بل هو يوم متميز من جميع الجهات والأبعاد، وهو يوم جعله الله تعالى للمسلين عيداً، لذلك ينبغي إحياء هذا اليوم بما يتناسب والرؤية الإسلامية له. يوم العبادة: يوم العيد يوم للعبادة والتقرب من الله تعالى، فيستحب للإنسان الاتيان بصلاة العيد قبل الظهر، ويذهب للصلاة على وقار واتزان، وأن يغتسل قبل الصلاة، كما يستحب بعد صلاة المغرب والعشاء من ليلة عيد الفطر، وبعد صلاة الفجر من يومه، وكذا بعد صلاة عيد الفطر أن يأتي بهذه التكبيرات: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا) ويضيف في عيد الأضحى: (الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا). وقد أشار رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم إلى أن التهليل والتكبير والتحميد من الأمور التي تزين الأعياد، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلّم قوله: (زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس). فيوم العيد علينا أن نبدأه بالعادة، وبذكر الله تعالى، وبالدعاء لله سبحانه بطلب المغفرة، وقبول الصوم في الفطر، والحج في الأضحى، وطلب العفو والصفح والحصول على الأجر والثواب، فهو يوم المكافأة لمن فاز بقبول عمله، والتزم بأوامر خالقه. فالعيد يكون حقيقياً لمن أمن الوعيد، وليس لمن لبس الجديد، فلبس الجديد والفرحة بالعيد لا تعني شيئاً إذا لم تُقبل أعمال الإنسان، ولم يستثمر شهر رمضان في فعل الطاعات، والمداومة على إتيان الأعمال الصالحة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat