كلمات مختارة من القرآن الكريم (قمطريرا)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن قمطريرا "إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿الانسان 10﴾ قمطريرا صفة، القمطرير: الصعب الشديد، قمطريرا: شديداً، أشدَّ ما يكون من البلاء. أو منقبضاً لا شُحَّةَ و لا انبساطاً. و القمطرير: الشديد من الأيام، أو الشر. "عبوسا قمطريرا" أي: شديدا. ققال: قمطرير وقماطير. هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويُجْرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلا. هؤلاء كانوا في الدنيا يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله، ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيرًا، وشره فاشيًا منتشرًا على الناس، إلا مَن رحم الله، ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله. وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿الانسان 10﴾ "قمطريرا" أي صعبا شديدا عن أبي عبيدة والمبرد وقال الحسن سبحان الله ما أشد اسمه وهومن اسمه أشد وقيل القمطرير الذي يقلص الوجوه ويقبض الجباه وما بين الأعين من شدته عن قتادة.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿الانسان 10﴾ عد اليوم وهو يوم القيامة عبوسا من الاستعارة، والمراد بعبوسه ظهوره على المجرمين بكمال شدته، والقمطرير الصعب الشديد على ما قيل. والآية في مقام التعليل لقولهم المحكي: "إنما نطعمكم لوجه الله" إلخ ينبهون بقولهم هذا أن قصرهم العمل في ابتغاء وجه الله تعالى إخلاصا للعبودية لمخافتهم ذاك اليوم الشديد، ولم يكتفوا بنسبة المخافة إلى اليوم حتى نسبوه نحوا من النسبة إلى ربهم فقالوا: "نخاف من ربنا يوما" إلخ لأنهم لما لم يريدوا إلا وجه ربهم فهم لا يخافون غيره كما لا يرجون غيره وإنما يخافون ويرجون ربهم فلا يخافون يوم القيامة إلا لأنه من ربهم يحاسب فيه عباده على أعمالهم فيجزيهم بها.
عن جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿الانسان 10﴾ لا نريد مكافأة منكم ولا من غيركم، وانما نطعم ونبذل بدافع التقرب إلى اللَّه، والخوف من يوم تفحص فيه الأعمال، وتكثر فيه الأهوال. وفي كثير من التفاسير ان هذه الآيات نزلت في حق الإمام علي بن أبي طالب، ونثبت منها عبارة الرازي بنصها: "ذكر الواحدي من أصحابنا أي السنة وصاحب الكشاف من المعتزلة: ان الحسن والحسين عليه السلام مرضا فعادهما الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في أناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما ان شفاهما اللَّه تعالى أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا، فاستقرض علي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعا، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، ووضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين أطعموني، أطعمكم اللَّه من الجنة، فآثروه ولم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صائمين، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف يتيم فآثروه، وجاءهم أسير في الليلة الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلما أصبحوا أبصرهم رسول اللَّه يرتعشون كالفراخ فقال: ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم، فنزل جبريل وقال: خذها يا محمد هنأك اللَّه في أهل بيتك، فاقرأ هذه السورة".
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿الانسان 10﴾ (قمطريراً): هناك أقوال للمفسّرين في مادته، قيل هومن (القمطر)، وقيل: مشتق من مادة (قطر) ـ على وزن فرش ـ والميم زائدة، وقيل هو الشديد، وهو الأشهر. ويطرح هنا سؤال، وهو: إذا كان عمل الأبرار خالصاً لله تعالى، فلم يقولون: إنا نخاف عذاب يوم القيامة؟ وهل يتناسب دافع الخوف من عذاب يوم القيامة مع الدافع الإلهي؟ ويتضح جواب هذا السؤال بالإلتفات إلى أنّ الأبرار يسلكون السبيل على كل حال إلى الله تعالى، وإذا كانوا يخافون من عذاب يوم القيامة فإنّما هو لأنه عذاب إلهي، وهذا هوما ورد في الفقه في باب النية في العبادة من أنّ قصد القربة في العبادة لا ينافي قصد الثواب والخوف من العقاب أو حتى اكتساب المواهب المادية الدنيوية من عند الله (كصلاة الإستسقاء)، لأنّ كل ذلك يرجع إلى الله تعالى، كالداعي على الداعي، رغم أنّ أعلى مراحل الإخلاص في العبادة تكمن في عدم التعلّق بنعم الجنان أو الخوف من الجحيم، بل يكون بعنوان (حبّ الله). والتعبير بـ "إنا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريراً" شاهد على أنّ هذا الخوف من الله. والجدير بالذكر أنّ الوصف الثاني والخامس من الأوصاف الخمسة، يشيران إلى مسألة الخوف. غاية الأمر أنّ الكلام في الآية الأُولى عن الخوف من يوم القيامة، وفي الثانية الخوف من الله في يوم القيامة، ففي مورد وصف يوم القيامة في أنّ شرّهُ عظيم، ووصفه في مورد آخر بأنّه عبوس وشديد، وفي الحقيقة فإنّ أحدهما يصف عظمته وسعته والآخر شدّته وكيفيته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat