صفحة الكاتب : د . رافد علاء الخزاعي

رمضانيات عراقية (الحلقة الأولى)
د . رافد علاء الخزاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الصيام رياضة الروح

ان الصيام هو رياضة روحية لترويض الإنسان وتغير طباعه وسلوكه وهو مدرسة تربوية ,سلوكية ,علاجية وصحية لتنقية النفس وتجديد خلايا الجسد المتعب من الأدران ومحامله العقل من آهات .إنه محطة سنوية نتوقف عندها لنكون أمام الرب في تواصل وتحت الرقابة الربانية المباشرة على الشروط والواجبات المطلوب إتمامها من خلال تلك العبادة.
الصوم لغويا مطلق الإمساك عن الشيء، فإذا أمسك شخص عن الكلام، أو الطعام فلم يتكلم، ولم يأكل، يقال له في اللغة: صائم، ومن ذلك قول القرآن الكريم (إني نذرت للرحمن صوماً) أي صمتاً وإمساكاً عن الكلام، وأما معناه في اصطلاح المشرع فهو الإمساك عن المقطرات يوماً كاملاً، منذ طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس، بالشروط التي وضعها الفقهاء وهذا التعريف متفق عليه بين الحنفية؛ والحنابلة، أما المالكية والشافعية والشيعة فإنهم يزيدون في آخره كلمة "بنيّة" فالنية محل خلاف. فرض صوم رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية من هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله)إلى المدينة.

كانت تجربتي الأولى في الصوم وعمري تسع سنوات في عام 1973 وكانت في شهر أب اللهاب (يصادف رمضان عام1393 ه )  وكان في وقتها في العراق نعتمد في التبريد على المروحة السقفية ومبردة الهواء لان مكيفات الهواء غير منتشرة وقتها ولكن حرارة الجو لم تكن بالمستوى والإحساس الحالي واعتقد ذلك لتكيفنا مع الجو ومع ما توفره ظروف عوائلنا  من وسائل الرفاهية وكان هنالك قناة تلفزيونية واحدة تبدءا في الساعة الرابعة وتنتهي في الساعة الثانية عشر في اتذكر ا ن أمي وأبي وجيراننا استقبلوا رمضان وهم يراقبون الهلال على السطح وفي الساحات الموجودة  لتعطي فضاء أوسع للرؤيا  وكان سحورنا الأول جبن عرب مع بيض مسلوق وطماطم مقطعة  ورقي كان معد ومبرد في الثلاجة المعدنية التي كان ابي يضع فيها يوميا نصف قالب ثلج لان الثلاجات وقتها لم تكن متاحة للجميع وقد صعدت أمي مبكرا لسطح المنزل لترشه بالماء وتفرش الفراش على الأسرة المعدنية الموجودة على سطح المنزل كان الجو جميلا والسماء صافية وبدء نسائم ريح  عذبة تدغدغ أجسادنا ونحن نستمع لإذاعة صوت العرب من القاهرة من مذياعنا المتوسط الناشينول الذي  اعطانياه هدية جدي عند عودته من الحج من السعودية في أحاديث دينية وأغنية وحي وحي وحيوه  وأغاني ام كلثوم وابي يتكلم لنا عن الصوم وإحكامه واهميته وكيف كانوا يصومون في الأيام الماضية في اهوار ميسان ونحن واخي الشهيد محمد الذي يصغرني بسنة (رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته) نسال  بكثرة هل عند النسيان يبطل الصوم ومن يراقبنا فاجاب أبي ان الصوم هو مبني على الثقة لان ه بين العبد وربه وهكذا غفونا ليوقضنا أبي ونحن نسمع دقات الطبل التي للمسحراتي وهو يجوب طرقات منطقتنا وهو يردد ياصائم ياصائم انهض واحمد الدائم وفي بعض الاحيان يطرق ابواب بعض البيوت ليردد اسمائهم  انهض ابو فلان حان وقت السحور وكان الجو جميلا رغم كنا في فصل الصيف ليسقينا كل واحد منا كوب من الماء ونحن نعاس  ويشربنا بتدلل وهكذا استيقضنا في اليوم التالي لنعرف انه اليوم الاول الذي لم نتناول الفطور والغداء ولنذهب ونلعب مع اصدقائنا الشطرنج والطاولي ونقراء بعض القصص والمجلات ونحن نتباهى باننا صائمين وهكذا في وقت الظهيرة احسسنا بالعطش الشديد والجوع والاعياء ولكن في العصر مر الوقت سريعا ونحن ننتظر المدفع من تلفزيون العراق ليعلن الفطور مع تردد الأذان  من المساجد القريبة لنسرع لناكل حلوى التمر المقلية بالزيت والمغمسة بالسمسم ونشرب اللبن  وننتظر ابي بعد ان يتم صلاته  لنكال بنهم الدولمة وكانها وجبة لم نذقها من قبل وبعدها علمنا والدي الصلاة  ونخرج مع أصدقائنا ونتجمع ويقودنا علي الذي يكبرنا بسنتين وهو يدور على البيوت مرددين تنطونا لو نروح فكان بعضهم يعطينا الكليجة وبعضهم يرش علينا الماء وبعضهم يعطينا الحلوى وكان ابو غائب وام غائب أكرمهم وهي تعطينا الزلابية الطاطلي وتعطينا عصير قمر الدين وهكذا كان يوما مميزا لنا لا ننساه أبدا ولعد كل يوم يمر نحس برمضان  ونتعلم منه الصبر والكرم ونرى أمنا وجيراننا نتبادل الطعام لتكون المائدة متنوعة بإطباق ونكهات وتجعلنا نعلق على الطبخ الجيد والمميز ومن خلاله نعرف من جيراننا طباخة ماهرة وذواقة وهكذا تتعمق علاقتنا مع الأصدقاء كأننا عائلة واحدة لنتعلم فضائل مبنية على التسامح  وهكذا نسمع صوت عبد الباسط عبد الصمد وابو العنينين وغيرهم من القراء ولكن كان صوت عبد الباسط  متميزا يلامس اذننا ونحن نتابع الترتيل منتظرين ظهور المدفع هكذا كنا نسمع أسماء وقصص كثيرة للأنبياء والأوصياء ونتعلم الكثير من إحكام الدين والأخلاق والفضائل ولنعرف بعدها هنالك اجر كبيرا لنا ونحن نحسب ايام رمضان انتظارا للعيد لشراء ملابس جديدة والعاب كثيرة نرسم من خلالها أحلامنا وأمنياتنا ومنتظرين عيدنا وهديتنا الكبرى بالقبول من رب العالمين يوم العيد الأكبر بالقبول والرضا قال رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين" : من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه. (رواه أبو هريرة)
كل عمل ابن اّدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلاّ الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به. يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل : إني امرؤ صائم. روى عن أبو هريرة ان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فقد قال رسول الله- -"أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر" من الآراء التي ذكرت في حكمة الصيام.

عام وانتم الى الله أقرب وعلى طاعته أدوم
مبارك عليكم حلول الشهر الكريم رمضان الخير
اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام
والتوفيق لما تحبه لنا وترضى.... كل عام وانتم بألف خير

1 رمضان 1433 هجرية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رافد علاء الخزاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/22



كتابة تعليق لموضوع : رمضانيات عراقية (الحلقة الأولى)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net