قائد النهضة التجديدية الشيخ الوحيد البهبهاني
تقى محمود السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تقى محمود السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انطلقت النهضة التجديدية في الفقه وأصوله من حوزة كربلاء ، على يد المربي والمعلم الوحيد البهبهاني ، أمتدت بعده الى النجف الاشرف ،واتسعت في حوزتها افكار الوحيد البهبهاني ومبادىء مدرسته الاصولية ،
أضحت كربلاء مركز استقطاب العلماء نظرا للانشطة الدراسية والبحثية المكثفة ، ، النقلة النوعية والحركة التجديدية التي شهدتها حوزة كربلاء العلمية في عهد الوحيد البهبهاني غطاء علمي وتراث فكري زاخر / ، وشهد الكثير من المؤرخين للتطور المهم في تاريخ الشيعة الحديث بظهور الوحيد البهبهاني منهم الأب انستاس ماري الكرملي فقال "كان في القرن الثالث عشر للهجرة مدرستان للشيعة في كربلاء تتزاحمان، مدرسة الأخبارية ومدرسة الأصولية، وكان الرجحان لمدرسة الأخبارية حتى بعث الله ذلك المجدد الكبير والمصلح الشهير العلامة المعروف بالأغا باقر البهبهاني، نبغ ذلك العبقري في بهبهان وبعد أن برز فيها هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهرة في المدرسة الأصولية أسس المدرسة الأصولية الكبرى
لقد استطاع الوحيد البهبهاني ان يربي جيلاً من المجتهدين
انطلقوا في البحث والاجتهاد وفتحوا أبواباً كانت مغلقة بوجه المجتهدين، الثورة الفكرية التي فجرها الوحيد البهبهاني أثرت في جميع مناحي الحياة الشيعية. إذ بدأ الاجتهاد بهذه الثورة الاصولية عهداً جديداً بعد جمود مديد، فأخذ العلماء يستنبطون أحكاماً لم تكن موجودة وأخذوا يبحثون في أمور كانت ممنوعة عليهم. وقد امتدت هذه الثورة بآثارها السياسية والفكرية والفقهية لأكثر من قرنين بل مازالت متواصلة إلى يومنا هذا
اتّجه التفكير العلميّ إلى ناحية جديدة غير مألوفة، فانكمشت في عصره النزعة الأخباريّة على نفسها، و لم تستطع أن تثبت أمام قوّةو تحوّلت مدرسة (كربلاء) يومئذ- بعد قدوم هذين العلمين- إلى ساحة لصراع فكري ، و بشكل خاص بين هذين الشيخين الجليلين صاحب الحدائق و الوحيد البهبهاني رحمهما اللّه.
حدّث الشيخ عبّاس القمّي في (الفوائد الرضويّة) عن صاحب (التكملة) عن الحاج كريم «فرّاش الحرم الحسيني الشريف» أنّه كان يقوم بخدمة الحرم في شبابه، و ذات ليلة التقى بالشيخ يوسف البحراني و الوحيد البهبهاني داخل الحرم الحسيني الشريف و هما واقفان يتحاوران، و طال حوارهما حتّى حان وقت إغلاق أبواب الحرم فانتقلا إلى الرواق المحيط بالحرم و استمرّا في حوارهما و هما واقفان، فلمّا أراد السدنة إغلاق أبواب الرواق انتقلا إلى الصحن و هما يتحاوران، فلمّا حان وقت إغلاق أبواب الصحن انتقلا خارج الصحن من الباب الّذي ينفتح على القبلة، و استمرّا في حوارهما و هما واقفان فتركهما و ذهب إلى بيته و نام، فلمّا حلّ الفجر و رجع إلى الحرم صباح اليوم الثاني سمع صوت حوار الشيخين من بعيد، فلمّا اقترب منهما وجدهما على نفس الهيئة التي تركهما عليها في الليلة الماضية مستمرّان في الحوار و النقاش، فلمّا أذّن المؤذّن لصلاة الصبح رجع الشيخ يوسف إلىالحرم ليقيم الصلاة جماعة و رجع الوحيد البهبهاني إلى الصحن و افترش عباءته على طرف مدخل باب القبلة، و أذّن و أقام و صلّى صلاة الصبح.و لو كان الشيخ يوسف يبتغي الجدل العلمي في حواره مع الوحيد البهبهاني لطالت محنة هذه المدرسة الفقهيّة، و اتّسعت مساحة الخلاف فيها، و تعمّق فيها الخلاف، و لكن الشيخ يوسف كان يؤثر رضا اللّه و الحقّ على أيّ شيء آخر، و مكّن الوحيد البهبهاني في حركته الإصلاحيّة العلميّة.
و من غرائب ما يروى عن هذا العبد الصالح، أنّ الوحيد كان يحظر على تلاميذه حضور دروس الشيخ يوسف، و لكنّ الشيخ في المقابل كان يسمح لتلاميذه بحضور دروس الوحيد، و كان يقول كلّ يعمل بموجب تكليفه، و يعذر الوحيد في ذلك، و هو نموذج رائع من نماذج سعة الصدر و التقوي في فقهائنا الأعلام.
و نشط الوحيد البهبهاني يومئذ في التدريس و حفل درسه بفضلاء الطلبة و علماء كربلاء، و برز في مجلس درسه عدد كبير من العلماء و المحقّقين و المجتهدين ممّن تخرّجوا عليه.و لوتأملنا فروع شجرة فقهاء أهل البيت في القرن الثاني عشر و الثالث عشر و الرابع عشر وجدنا أنّهم جميعا يرجعون بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الوحيد البهبهاني و لذلك يطلق عليه (أستاذ الكلّ)رحم الله شيخنا البهبهاني
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat