ضرر الفساد في أمثلة (نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) (ح 34)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فساد بمادة الترشيح: عكورة أي أطيان مياه نهر ازالت نصفها أحواض الترسيب الفيزيائية، ثم ازالت أحواض ترسيب مع شب نصف العكورة الداخل لها من أحواض الترسيب الثانوية، ثم ازالت أحواض الترشيح الرملية 90% من العكورة الداخلة لها من احواض ترسيب الشب. ما هي نسبة العكورة المتبقية للشرب بعد الترشيح؟ مع العلم العكورة المطلوبة 2.5% حسب المواصفات الفنية. و أن المهندس استخدم احواض ترشيح تزيل 50% من العكورة الداخلة لها من احواض ترسيب الشب.
الجواب: عكورة أو الطين قبل دخوله محطة التصفية = 1/1 يصبح بعد الترسيب الطبيعي 1/1 - 1/2 = 1/2 يصبح بعد الترسيب بالشب 1/1 - 1/2 في 1/2 = 1/4 يصبح بعد الترشيح الرملي 1/10 في 1/4 = 1/40 = 2.5% وهو المطلوب. ولكن المهندس استخدم احواض ترشيح تزيل 50% من العكورة الداخلة لها من احواض ترسيب الشب، أي يصبح الطين بعد الترشيح الرملي 5/10 في 1/4 = 5/40 = 12.5% أي 5 مرات عكورة او الطين أكثر من المواصفات في ماء الشرب.
كانت نفوس القرية 2000 التي تشرب الماء هذا وبعد سنة وجد أن 10% منهم أصيبوا بألم في الكلى نتيجة أطيان ماء الشرب أي 200 شخص مريض كلفت الدولة مبالغ العلاج وقد توفي 10% من هؤلاء المرضى أي 20 مريض بعد 5 سنوات حيث اكتشف الفساد. حصل اكتشاف الفساد بعد تلك الفترة كون عدم مراقبة في القرى. فهذا المهندس تسبب بموت 20 بريء في تلك القرية. فما هي عقوبته؟
عن تفسير الميسر: قوله تعالى عن الفساد "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83) فسادا اسم، تلك الدار الآخرة نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرًا عن الحق في الأرض ولا فسادًا فيها. والعاقبة المحمودة -وهي الجنة- لمن اتقى عذاب الله وعمل الطاعات، وترك المحرمات. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن الفساد "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83) "تلك الدار الآخرة" أي الجنة "نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض" بالبغي "ولا فسادا" بعمل المعاصي، "والعاقبة" المحمودة "للمتقين" عقاب الله، بعمل الطاعات.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن الفساد "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83) وقوله: "تلك الدار الآخرة" الإشارة إليها بلفظ البعيد للدلالة على شرفها وبهائها وعلو مكانتها وهو الشاهد على أن المراد بها الدار الآخرة السعيدة ولذا فسروها بالجنة. وقوله: "نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا" أي نختصها بهم وإرادة العلو هو الاستعلاء والاستكبار على عباد الله وإرادة الفساد فيها ابتغاء معاصي الله تعالى فإن الله بنى شرائعه التي هي تكاليف للإنسان على مقتضيات فطرته وخلقته ولا تقتضي فطرته إلا ما يوافق النظام الأحسن الجاري في الحياة الإنسانية الأرضية فكل معصية تقضي إلى فساد في الأرض بلا واسطة أو بواسطة، قال تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41). ومن هنا ظهر أن إرادة العلو من مصاديق إرادة الفساد وإنما أفردت وخصت بالذكر اعتناء بأمرها، ومحصل المعنى: تلك الدار الآخرة السعيدة تخصها بالذين لا يريدون فسادا في الأرض بالعلو على عباد الله ولا بأي معصية أخرى. والآية عامة يخصصها قوله تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا" (النساء 31). وقوله: "والعاقبة للمتقين" أي العاقبة المحمودة الجميلة وهي الدار الآخرة السعيدة أو العاقبة السعيدة في الدنيا والآخرة لكن سياق الآيتين يؤيد الأول. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن الفساد "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83) العلو في الأرض التعالي والتعاظم، وإرادة التسلط على الناس بغير حق، والفساد الظلم والعدوان، والفسق والفجور، والمعنى ان من تعالى وتعاظم على الناس، أو اعتدى على شيء من حقوقهم فقد حرم اللَّه عليه الجنة ومأواه جهنم وساءت مصيرا.
من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام و المعروفة بالشقشقية (فَمَا رَاعَنِي إِلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ، يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الغَنَمِ، فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ، وَمَرَقَتْ أُخْرَى، وَقَسَطَ آخَرُونَ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: "تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الْأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83)).
جاء في کتاب مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق عليه السلام: في الفساد: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام فَسَادُ الظَّاهِرِ مِنْ فَسَادِ الْبَاطِنِ وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ فِي السِّرِّ لَمْ يَهْتِكِ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَنْ خَانَ اللَّهَ فِي السِّرِّ هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَ أَعْظَمُ الْفَسَادِ أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ بِالْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ هَذَا الْفَسَادُ يَتَوَلَّدُ مِنْ طُولِ الْأَمَلِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكِبْرِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ قَارُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى "وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77) وَ قَوْلِهِ تَعَالَى "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً" (القصص 83) إِلَى آخِرِهَا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat