صفحة الكاتب : صادق مهدي حسن

عندما يفتي بعضهم
صادق مهدي حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا ريب أن لكل علم وفن ذوي اختصاص يقومون بمهامه، فالنجار لا يأخذ مكان الطبيب والمدرس لا يقوم بعمل الطيار والمهندس لا يجيد أعمال القصابين .. وهكذا دواليك. ولعل الأحكام الشرعية وما يتعلق بها تعتبر من أوسع وأخطر العلوم لتعلقها بشريعة الله.. ولكـن!
إن من أعجب الأعاجيب المنتشرة في المجتمع هو قلة الاكتراث بالمسائل الشرعية وعدم الرجوع إلى العلماء المختصين في هذا الأمر، فمنهم من أسسوا مدارسهم العلمية الخاصة بهم يفتون كما يشتهون،ويقيسون حكماً شرعياً على آخر، ويستحسنون أحكاماً ويتركون أُخرى كيفما تقتضي أهواؤهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض دون أن يفرقوا بين حلال أو حرام،بل إن منهم من يحرص على المستحبات ويترك الواجبات ويلتزم بترك المكروه ولا يجتنب عن الحرام.. يقولون في الدين بآرائهم رجماً بالغيب دون وازع ٍمن تقوى الله ..
وقد يهون الخطب لو أنه اقتصر على بسطاء الناس وعامتهم، ولكن حتى بعض (المثقفين من أصحاب الشهادات الأكاديمية) وهم ليس إلا أخماس بل أعشار متعلمين لهم أرائهم في هذا الشأن، واليك صدىً لبعض أصواتهم ..
يقول أحد هؤلاء المتفقهين : أنا لا أقلد أي فقيهٍ أبداً ،بل أستند إلى القرآن والأحاديث النبوية في أعمالي العبادية وجميع تعاملاتي الأخرى،فيخبط خبط عشواء مفسراً كتاب الله وسنة نبيه دون أن يمتلك مثقال ذرّةًٍ من علم.
أمّا الآخر فله بعض الاستنتاجات التي يقيس بها حكماً شرعياً على حكم غيره وكأنّه أحاط بكل شيءٍ علماً !.. ومنها قوله : بما أن صيام أول أيام الفطر والأضحى حرام ، فيكون صيام يوم الغدير حراماً كذلك و لا يؤمن باستحباب صيام هذا اليوم الكريم باعتباره من أعظم الأعياد.. كما أنّه لا يحبذ صيام الخامس عشر من شعبان باعتباره يوم فرحةً كبرى وهي ولادة الإمام المهدي(عج) فأسمع وأعجب وعلى هذه فقس ما سواها .. وقد سمعتُ الكثيرين وهم يهزؤون ببعض الأحكام ويعترضون على الفقهاء ويناقشون آراءهم وفتاواهم (بأدلةٍ) لا تدل على شيء سوى جهلهم المطبق!
قال تعالى ((ولا تقفُ ما ليسَ لكَ به علم ، إنَّ السمعَ و البصرَ والفؤاد كل أُولئكَ كان عنه مسؤولا)) وقال جلَّ من قائل: ((ولا تقولوا لما تصفُ ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنَّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)).. إنّ مسألة التخصص في الأحكام الشرعية فقهاً وأصولاً وما يتعلق بهما تتطلب دراسة معمقة ومكثفة وطويلة الأمد لكثير من العلوم القرآنية واللغوية والعقائدية والفلسفية و.... و..الخ لكي يكون المتصدي لذلك الاختصاص - بعد توفيق الله وتسديده - فقيهاً يمكن العمل بفتواه.ومن جانب آخر، فإن الأحكام الشرعية لا تخضع للاستحسان والقياس ، بل هي أحكام تعبدية توقيفية صدرت من رب الحكمة الذي يعرف مصالح الأمور..و لا يحق حتى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يشرع حكماً من عنده لأنّهُ ( وما ينطق عن الهوى ،إن ْ هو إلا وحيٌ يوحى).. فمن آمن بالله وحكمته وحسن تدبيره ، أدرك أن لكل تشريع حكمة بالغة هي أكبر من أن يدركها العقل البشري القاصر..
فكيف يعطي البعض لأنفسهم الحق بان يفتوا ويعترضوا ويناقشوا دون علم متناسين قول النبي الأكرم : (من أفتى بغير علم ٍ فليتبوأ مقعده من النار)
 
 
صادق مهدي حسن
بابل - ناحية الكفل
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق مهدي حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/27



كتابة تعليق لموضوع : عندما يفتي بعضهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : حسن فليح حسن ، في 2012/05/16 .

نعم مشكلة كبرى لكن كيف نميز بين الفتوى وبين الفـــــــــــــــــــــــــ

• (2) - كتب : احمدالشكري ابن الكوفه ، في 2011/11/04 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان كل ماتناوله الاستاذ صادق بهذا المقال الجميل والرائع هو عباره عن حقيقه وللاسف موجوده في مجتمعا بكثره والكثير من الناس تقوم بالافتاء بدون الرجوع الى المراجع الدين العظام ادام الله ظلهم وحفظم واعتقد بان السبب هو عدم فهم بعض الناس للتقليد وشروط التقليد هذا رائي واستغر الله لي ولكم والسلام عليكم

• (3) - كتب : حيدر محمد الوائلي من : العراق ، بعنوان : لك مني تحية ونقد في 2011/02/10 .

السلام عليكم الأخ العزيز صادق مهدي حسن ... وبعد
قرأت ردك طالباً مني الرأي في ما قلت ، وما قلته حسن وجميل وفيه وجهة نظر ... والدين كما قلت إختصاص ودراسة في حدود تفصيل الأحكام وتعقيداتها ولكن الدين ليس مهنة !! أكيداً يمتهنها رجل فالكثير يعلمون في أمور الدين ما لا يرفه دارس علوم دينية وحوزة وخطيب وقارئ ، فالعلم يأتي من الدراسة والبحث العلمي والتحقيق وكثرة الأطلاع ...

مسألة الفتوى هي إختصاص لعلماء ومراجع دين يتحروا الفتوى وسبب تشريعها والحكم فيها وهذا صحيح ما دام المتلقي جاهل بالحكم وليس له عهداً بعلم ولا دراسة ولا إطلاع على الأحكم ولا على الفتاوى للعلماء .

والحقيقة أن قولك هذا يكون مصداقاً (للأسف) على بعض خطباء المنبر الحسيني وخطباء بعض الجهات الدينية السياسية والذين وقفوا عند ما ليس به علم ولا فم ولا دراية تامة فيحكمون ويفتون ويتحكمون بالمستمعين والأتباع الجهلة والمتجاهلين وييضحكون عليهم بأسم الدين المزيف فكانوا مصداقاً لقوله تعالى الذي أوردته : ((ولا تقفُ ما ليسَ لكَ به علم ، إنَّ السمعَ و البصرَ والفؤاد كل أُولئكَ كان عنه مسؤولا))

تحياتي لك ولمقالك الموفق وأتمنى أن تستمر بالكتابة ولك مني خالص التقدير والأحترام والأمتنان ...
وفقك الله لكل خير ومعروف ...
وتذكر دائماً قول النبي الأكرم (ص) : (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة )
وقول الشاعر :
وما من كاتب الا سيفنى ... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيءٍ ... يسرك في القيامة أن تراه

تحياتي لك
أخوك الأصغر : حيدر محمد الوائلي






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net