صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

سقط تمثال الطاغية , لكن افكاره حية تنبض بالحياة
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحكم الاستبدادي يعتمد على اسلوب ونهج في سلطته الطاغية على مصادرة الحريات العامة وتكميم الافواه وخنق الحياة المدنية بسلسلة من القيود والاغلال بهدف ادخال الرعب والخوف وهواجس القلق في صفوف الشعب من سبيل اطالة
عمره المتسلط على الرقاب , والسيطرة الكاملة على مفاصل ومرافق الحياة اليومية . فقد عانى الشعب من هذه القيود الويلات والمصائب والخراب الذي طال الحياة العامة . وكان سقوطه المخزي هو نهاية حتمية للفترة المظلمة , وبدأ مرحلة
النور للحياة وللحرية التي حجبت وحرم الشعب من ثمارها دون ارادته  , وكان يوما عظيما حين تهاوى تمثال المقبور في ساحة الفردوس مع زغاريد الشعب باليوم المنشود ليختم فترة مظلمة وقاسية , وان فجر الحرية بدأ يلوح في الافق
بعد مخاض عسير وان قيم العدل والحق والسلام ستكون عنوان العراق الجديد , وبثقافة وفكر حر ابرز مفاهيمها التسامح والاخاء والتعاون والسلم الاهلي الذي يعمق وشائج اللحمة الوطنية , والبدأ بمرحلة التغيير الحقيقي والتقويم السليم لكل
المشاكل والمعضلات والازمات الحياتية , وستكون الممارسات الديموقراطية اساس التعامل اليومي الرصين , وستعلو الممارسات الانسانية باحترام حقوق المواطن وصيانة كرامته وقيمته الانسانية فوق اي اعتبار . لكن ممارسات العهد الجديد
وخاصة بعض الاطراف الاسلامية التي تملك القرار السياسي وبيدها مصير ومستقبل الوطن اخذت تتصرف بتوجيهات وتعليمات تختلف تماما ما كان متوقعا حيث الخروقات الكثيرة والاساليب الظالمة , واسلوب التعامل اليومي لا يختلف كثيرا
عن اساليب ونهج الفترة المظلمة , كأن ثقافة وفكر الدكتاتورية حية تنبض بالحياة وتطبق بمهارة وكفاءة عالية . لقد اثبتت التجربة السنوت الماضية المريرة بان بعض الاطراف الاسلامية تفتقر او لا تملك ذرة من المفاهيم الديموقراطية والحياة
المدنية و لا تعير اهمية الى الدستور الذي صوت عليه الشعب بالايجاب والذي يتضمن في بنوده ويؤكد بكفالة ممارسات الحريات العامة وحق المواطن في التعبير , وواجب الدفاع وصيانة كرامته وقيمته الانسانية وحقه في اختيار الحياة ضمن
الدستور ومن يخرق هذه المحرمات يحاسب مهما بلغ شأنه او حتى من اجهزة الدولة تطالها القانون وتعاقب . لكن ممارسات وسلوك الجهات المعنية تخرج عن جادة الصواب , وتمزق الدستور الذي يصون كرامة وانسانية المواطن . ان الاجراءات
القمعية التي مارستها بعض اطراف من الاجهزة الامنية تصب في خلق الخوف والرعب والاستهتار بكرامة المواطن واذلاله دون حق شرعي . ان التعسف واجواء الارهاب في زج افواج من الجيش العراقي في ممارسات قمعية بعيدة كل البعد
عن دوره الاساسي في المحافظة عن سور الوطن وصيانة وحماية المواطن من الزمر الارهابية التي تحصد السكان الابرياء بين فترة واخرى دون رادع يردعها في جحورها مثل الجرذان , وليس مهمة قواتنا المسلحة في اعمال تخرق الدستور
وتصادر الحريات العامة وتخنق المواطن في اجراءات تعسفية بحجة الدعوة الى الحفاظ على الاخلاق العامة والقيم الاسلامية والمحافظة على الفضيلة والتقوى والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بطريقة استفزازية فجة وبالاجبار والاكراه
وبالعنف والاذلال بهدف شيوع التطرف الديني او السلفي . ان استغلال الدين كتجارة رابحة او لمأرب سياسية خبيثة , ستلحق اشد الاضرار بالمجتمع . وان هذه الاساليب تحاكي اساليب القرون الوسطى وتشبه الى حد بعيد نهج النظام
الدكتاتوري التي تعود عليها الشعب وتجرع علقمها , والان تعود من جديد بثوب جديد ولون جديد , ان هذه الاساليب الخبيثة تحرض على الفرقة واشعال الفتن الداخلية بحجة تطويع وتكييف الشعب على نهج واسلوب حياتي معين بغطاء ديني
سلفي بعيدا عن قيم الدين التي تدعو الى المحبة والاخاء ونبذ العنف . ان الممارسات الخاطئة والخبيثة جربها المفبور بحملاته الايمانية المزيفة بحجة التمسك بتعاليم الدين الاسلامي بالحفاظ على القيم والاخلاق والتقوى الى الله . لقد ارتكبت
الحكومة العراقية وبصمت المريب للبرلمان في الهجوم الشرس والبعيد عن الاخلاق والقيم الانسانية في اغلاق النوادي الاجتماعية والثقافية وتسعير بذور الحقد الشوفيني في ممارسة التطهير العرقي ضد الاقليات الدينية التي كانت اهل العراق
الاصلين الذين انشأوا حضارات العراق القديمة مثل الحضارة السومرية والاشورية والكلدانية والبابلية التي تمثل حضارة وادي الرافدين , هذه الاقليات الدينية تتعرض الى القمع والارهاب بهدف تطهير العراق من وجودهم واختيار طريق الهجرة
والابعاد القسري ( لماذا انتم هنا ؟؟؟؟ . ارحلوا الى اقاربكم في السويد واستراليا )ان هذه الاساليب الهمجية تمثل اساليب الحرب القذرة بالتطهير العرقي وتعتبر جرائم بحق الانسانية و لا تشرف العراق و لا تزيده قيمة او هيبة, بل تضر
بسمعته ومكانته في المحافل الدولية , وهي تصب في تقويض وتمزيق اللحمة الوطنية وتعمق جراح العراق وتزيد من حالة الانقسام وبالتالي تؤدي الى اشعال الفتن الداخلية وهذا ما تطمح اليه الزمر الاجرامية في العبث في الوضع الامني
ولهذا يجب الاسراع الى اطفاء هذه الحرائق الخطيرة ومحاسبة الفاعلين والمستهترين بحرية المواطن . ان على الاطراف السياسية مهمة وطنية واخلاقية في ادانة مثل هكذا تصرفات تمس كرامة و قيمة المواطن في هذا الوطن المنكوب
ومن عبث العابثين الذين يغييرون لونهم بالف لون ويغييرون جلودهم الف مرة بهدف تخريب البلاد وعودت الحقبة المظلمة مجددا في سماء العراق 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/10


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • ومضات على كتاب ( رائد الأدب المهجري المعاصر / دراسة الشاعر المغترب قصي الشيخ عسكر ) للباحثة هدى صحناوي  (قراءة في كتاب )

    • أحداث عاصفة في يوميات انتفاضة عام 1991 في رواية ( ربيع التنومة ) للأديب قصي الشيخ عسكر  (قراءة في كتاب )

    • معارضات يوسفية في الديوان الشعري ( يوسفيات ) للأديب واثق الجلبي  (قراءة في كتاب )

    • كومونة انتفاضة تشرين في الرواية القصيرة ( البركان ) للاديب حميد الحريزي  (قراءة في كتاب )

    • قصة يوسف الابن والنبي تتحول الى ملحمة فلسفية في الديوان الشعري ( يوسفيات ) للاديب واثق الجلبي  (قراءة في كتاب )



كتابة تعليق لموضوع : سقط تمثال الطاغية , لكن افكاره حية تنبض بالحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net