هل أنت مريض ؟ إذن أنت عراقي ..................
عامر هادي العيساوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن أي إنسان تعود التجوال او السياحة في بلاد الله الواسعة يستطيع من النظرة الأولى في وجه أي إنسان أن يحدد هوية ذلك المخلوق البشري من سحنة وجهه والعلامات الفارقة بين مختلف الشعوب فهذا ألماني مثلا بسبب طوله وشكل زرقة العيون وهذا آسيوي بسبب حجم جسمه وشكل عينه وهذا مصري لأسباب هو يعرفها أكثر مني ومن غيري ,أما إذا كان الذي أمامه من العراق وسألته عن الطريقة التي تعرف بها عن هويته بعد أن حددها بدقة تامة ومتناهية فسوف يجيبك بدون تردد (لقد عرفته من علامات المرض البادية عليه في كل مساحات خريطة جسمه المختلفة ومن لون وجهه المائل إلى الصفرة إذا شئت) .
وليس معنى ذلك أن جميع العراقيين مرضى ومن دون أي استثناء ,فإذا أردنا أن نكون منصفين وغير مجانيين للحقيقة فعلينا الاعتراف باستبعاد فئة عريضة من دائرة المرض ,وهذه الفئة تتكون من شرائح مختلفة نخشى من التصريح بأسماء بعضها ولكن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق الجديد تتربع على رأس فئة الأصحاء هذه.
إن من راقب وجوه أفراد هذه النخب الحاكمة أيام هرعت علينا من وراء الحدود عند الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وقارن بينها وبين ما هي عليه اليوم من امتلاء وارتواء يصعب عليه الربط بين الظاهرتين المتباعدتين إلى حد التناقض .وكيف لا ؟ وقد خضعت الكثير من تلك الوجوه إلى عمليات التجميل في أرقى الصالات اللندنية والباريسية بالإضافة إلى أرقى الخبطات المعدة هناك أيضا ومن أرقى المواد وأغلاها كما تفعل تماما سعاد حسني إذا كانت ما تزال حية او كما تفعل نانسي عجرم .ولقد سمعت من الكثير من العراقيين بان الأموال التي يصرفها احد نواب الشعب وهومع الأسف الشديد ممن يرتدون الزى العربي على وجهه من وسائل التجميل تكفي لإعالة مئات اليتامى ممن سقط معيلوهم في مغامرات الكتل السياسية وهي تتصارع على حصتها من الكعكة العراقية .
ان الكثير من العراقيين اليوم يتندرون على اغلب هؤلاء ويصرحون بأعلى أصواتهم بان مجرد التعرض إلى الزكام من قبل احدهم فمعناه السفر إلى نيويورك او لندن لغرض العلاج ولا يهمه بعد ذلك أن يكون غداؤه في سويسرا مثلا وعشاؤه في السويد اذا اشتاق الى أكلة ما يحبها هناك تاركين أبناء شعبهم يتمرغون في التراب تحت أقدام الأطباء وعضات مصاصي الدماء من الساسة وجرعات الهلوسة التي يقدمها لهم بعض المحسوبين ظلما على الدين .
حين يتجول المرء عصرا في اغلب محافظات العراق وفي أماكن تواجد العيادات الطبية يصيبه الذهول وهو يرى المئات او ربما الآلاف من النساء والرجال ومن مختلف الأعمار ثم يستمع الى صرخات المهم وأنينهم وهم محشو ون في زوايا تشبه الزرائب وهم ينتظرون دورهم بالفوز بالدخول على احد الأطباء , وحين يدخل احدهم على السيد الطبيب بعد دفع المقسوم سيجد نفسه وجها لوجه أمام كائن فوق بشري يتصرف وكأن الله تعالى قد منحه جزءا من صلاحياته وخاصة القدرة على إحياء الموتى والشعور بأنه خالد ولا سلطان للموت عليه ,وقبل أن يكمل المريض شكواه يكتب له ورقة لإجراء التحليلات المختلفة التي لا علاقة لها بالمرض في اغلب الأحيان في هذا المختبر القريب فيذهب المسكين وبعد أن يدفع المقسوم مرة أخرى وهو كبير جدا يقال له بان جميع التحليلات جيدة ولكن بعضها سيتأخر لمدة أسبوع فيعود الى الطبيب بعد أسبوع مرة أخرى ليدفع المقسوم مرة اخرىوهنا يتم إخباره بان جميع التحليلات جيدة ولكن عليه أن يعود بعد أسبوعين لكي يراه ويقرر تخفيض بعض أدويته ,وهكذا نجح صاحبنا في تحويل مريضه الى زبون دائم .
هل سمعتم بطبيب بيطري في كل أوربا وفي أمركا والصين قادر على معالجة مئة نعجة مريضة في يوم واحد؟!! ,ان أطباءنا البشريين يفعلون ذلك مع أكثر من مئة من البشر في ثلاث ساعات فقط في بلاد ما بين النهرين المؤمنة والكافرة بالكفار.
لقد اقسم لي احد المراجعين بأنه راجع هذا الطبيب وهو لا يشكو من أي مرض وكل ما فيه انه شك باختلال بسيط في ضغطه لأسباب نفسية يعرفها فأغرقني في جو من الرعب والخوف الدائم حيث أصبحت اشك باني ربما مصاب بعلة خبيثة تستقر في احد زوايا جسمي البدين والذي بدا يتناقص بسرعة عجيبة,وبعد شهر من عشرات التحليلات المختبرية والاشعات الملونة بمختلف الأجهزة بشرني اليوم باني لا أعاني من أي مرض .
لك الله أيها العراقي سواء أكنت تحت رحمة الطبيب او السياسي او المشعوذ من المحسوبين على رجال الدين .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عامر هادي العيساوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat