صفحة الكاتب : صفاء ابراهيم

شعلة بوعزيزي
صفاء ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد بوعزيزي شاب تونسي في ربيعه السادس والعشرين , طوى شهادته الجامعية عندما لم تسعفه بعمل يكفل له رزقه ورزق عائلته وطفق يطوف شوارع مدينته سيدي بوزيد بعربة الخضار التي يدفعها بقوة ساعديه الفتيتينبوعزيزي الذي ضل العوز والفقر يلازمانه لسنوات خلت أقدم على إشعال النار بنفسه احتجاجا على مصادرة السلطات البلدية لمصدر رزقه الوحيد(عربته) بحجة عدم حصوله على ترخيص للعمل ولكنه لم يكن يعلم انه بعمله هذا قد أشعل النار بجسد الدكتاتورية البغيضة التي تتسلط على تونس الخضراء وشعبها منذ أكثر من نصف قرن , بل وأشعل النار بالدكتاتور نفسه الشرارة التي أثارتها نهاية ذلك الشاب المأساوية امتدت بشكل مظاهرات واحتجاجات شعبية طالت كل أنحاء الجمهورية التونسية وسقط فيها عشرات الضحايا الذين استقبلوا بصدورهم العارية رصاص أعوان الطاغية المهزوم الشعب التونسي ومنذ الاستقلال عام 1956 وهو يرزح تحت نير الدكتاتورية والاستبداد والتسلط ومحاولات مسخ هويته العربية والاسلامية وإبدالها بهوية هجينة لاتمت لتاريخه ولا لحاضره بصله تحت غطاء الحداثة والتجديد وبغية التقرب من الغرب وأوربا تونس بورقيبة ومن بعده بن علي كانت بعيدة كل البعد عن محيطها العربي والإسلامي وكانت تحكم بقبضة حديدية لاتأخذ تطلعات الشعب وهمومه بالاعتبار, الفقر مستشري والبطالة في أعلى مستوياتها وأجهزة الأمن القمعية تراقب حركات الناس وسكناتهم وأحرار تونس ومفكرها اما أن تكون السجون قد غيبتهم وأما أن يكونوا قد فروا من جحيم الدكتاتورية إلى امكان أكثر أمنا في بلاد الله العريضة القيم العربية والاسلامية غيبتها نزعة الانفتاح التي جعلت  تونس يزورها من السائحين سنويا أكثر من عدد سكانها مع وجود تركيبة عجيبة من القوانين الوضعية الخاصة بالاستثمار والتملك الأجنبي وحتى الأحوال الشخصية لا تتناسب أبدا مع هوية تونس الحقيقة وهوية شعبها العربي المسلم لايمكن أن يجتمع الرخاء مع الدكتاتورية في مكان واحد أبدا , فحيثما حلت الدكتاتورية والتسلط والاستبداد حل الفقر والخراب وليست تونس استثناءا من ذلك ولهذا نجد البطالة والفقر وانعدام فرص العمل وتردي الخدمات الأساسية وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من أهم مشاكل تونس وشعبها وبسبب ذلك كان الشباب التونسي الباحث عن عمل يرتحل بكثافة وأحيانا بشكل غير مشروع إلى دول جنوب أوربا والمشرق العربي  من اجل 
توفير لقمة العيش لعوائلهم المعدمة الفقيرة
 زين العابدين بن علي ضابط مغمور قربه الحبيب بورقيبة حتى سلمه رئاسة المخابرات التونسية ومن ثم رئاسة الحكومة فكان أن رد له الجزاء وانقلب عليه بالاتفاق مع أركان حكومته الآخرين عام 1987 وأعلن نفسه رئيسا للبلاد ووضعه تحت الإقامة الجبرية ليتركه يموت حسرة وكمدا على كرسيه المسلوب بعد ذلك بثلاثة عشر عاما ومنذ ذلك الوقت ضل بن علي ممسكا بالسلطة بأسنانه وبأصابعه العشرين وضل منذ ذلك الحين ينظم الانتخابات الرئاسية التي لايسمح لغيره أن ينافسه فيها ( نسخة طبق الاصل من يوم الزحف العظيم كما يسميه صدام حسين) 
ولأن بن علي حاكم عربي ولان الحكام العرب لا يتركون كراسيهم الفاخرة إلا بانقلاب عسكري و(سحل بالشوارع) أو بانقلاب ابيض يدبره أبناؤهم أو إخوانهم أو أقرباؤهم أورؤساء مخابراتهم إثناء قضاء الأوقات ألجميله مع الحسناوات على شواطئ الرفيرا اوميامي أو هاواي  أو يتركونها بسبب غزو أجنبي أو انتفاضات شعبية عارمة فقد بقي بن علي قابعا في كرسيه حتى اقتلعه الشعب لقد فر بن علي بعائلته وبما استطاع من أموال تونس وشعبها بعد أن وجد أن إصرار الشعب 
على التغييرلا حدود له ومن كل الأنظمة لم يجد من يستقبله إلا نظاما لايقل عن نظامه استبدادا وتسلطا ودموية ودكتاتورية , نظام مازال يحكم بشريعة الغاب مدعيا أنها مستقاة من الشريعة الإسلامية ومقدما الحاكم الجلاد على انه ولي الأمر وضل الله في أرضه 
وأنا اراهن أن ليلة هروب بن علي كانت ليلة ليلاء كالحة على كل الطغاة العرب المتسلطين على رقاب شعوبهم المسكينة وكانت ضربة موجعة لا تترك مجالا للشك أن هذا هو ما سيكون مصيرهم واحدا تلو الآخر ان إرادة الشعب التي أشار إليها أبو القاسم الشابي في قصيدته المشهورة (إذا الشعب يوما أراد الحياة) قد فعلت فعلها هنا ومن غريب المصادفات ان الشابي نفسه كان تونسيا هو الآخرفي الوقت الذي نشاطر فيه شعب تونس البطل فرحته بالخلاص من الدكتاتورية فإننا نتمنى 
ان تشرق شمس الحرية والانعتاق على كل ربوع وطننا العربي الحبيب وان يتساقط حكامه الطغاة المتسلطون على مقدراته كتساقط أوراق الخريف ونتمنى ذلك لكل بقاع الأرض التي مازالت تعيش ظلمات الاستبداد والعبودية 
نتمنى لتونس البطلة ولشعبها الشجاع الأمن والأمان والرخاء  وان يتغمد أرواح الشهداء الجنة ويمن على ذويهم بالصبر والأجر ونسأل الله لمحمد عزيزي ان يغفر ذنبه ويتجاوز عن خطيئته برحمته التي وسعت كل شيء

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/17



كتابة تعليق لموضوع : شعلة بوعزيزي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net