صفحة الكاتب : القاضي منير حداد

البابا الصالح يستقيل والموظف الفاسد باق
القاضي منير حداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

قال رسول الله محمد.. صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله امرئً عرف قدر نفسه" لأن معرفة الذات تمكن الانسان من استكناه العالم المحيط به؛ فيؤدي واجبه إزاءه بفاعلية جادة.

اما التمسك بمغريات الدنيا، إقحاما للذات في غير ما يلائمها، عنوة، فهو سفح للذات اولا، وتفريط بالمنصب الذي يتبوأه الفرد في المجتمع.

وهذا ما ادركه البابا بنديكتوس السادس عشر، وطبق حديث الرسول محمد، تلقائيا.. ربما من دون اطلاع عليه؛ لأن الديانات المنزلة، والفلسفات الوضعية، تلتقي عند جوهر الخير والصلاح، من دون اتفاق ارضي مسبق، فلقاؤها عند باعث الانبياء والمرسلين.

أعلن البابا استقالتة من منصبه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في خطاب القاه باللاتينية خلال مجمع الكرادلة في الفاتيكان، وهو في الخامسة والثمانين من العمر، عن قناعة بان التقدم في السن يعيقه عن القيام بماهم عمله.. كاملة دقيقة.. على رأس الكنيسة.

ترى هل يجرؤ موظف عراقي، مهما علا او تدنى منصبه، على تقديم الاستقالة، اذا ما وجد نفسه لا يحسن إشغاله بأجادة في الاداء تعزز ايمانه؟ ام انهم يوظفون الاستعراض الايماني.. تدينا زائفا في تحقيق مكاسب غير مشروعة!؟

السؤال ليس بحاجة لأجابة، قدر ما نحن كمجتمع بحاجة لتصحيح ذواتنا، وتقويم سلوكنا ازاء المغانم التي تتهافت عليها النفس الأمارة بالسوء، الا ما رحم ربي.

صقل وتنظيف المجسات التي نتعاطى بها مع العالم المحيط بنا، يبدأ من الذات، كمرحلة اولية، تربط جهلنا المرتبك بحكمة الوجود المستقر.. يحيطنا، وتلك هي فلسفة وجودنا النسبي كأفراد، وسط المجتمع العام.. مطلقا.

والمطلق هو سر انتمائنا الى الله، اما النسبي، فهو النفس العراقية التي تهفو الى ما يلبي شهوتها للمال والوجاهة، شرهة  نهمة لا ترتوي.

لكن الاقتداء بشخصية عظيمة كالبابا بنديكتوس السادس عشر، من شأنه ان يعزز احترامنا لذواتنا التي سفحناها في محراب التهافت على المغريات، فيعيد احترامنا لذواتنا، ويهبنا انتماء لله والدين والوطن والمجتمع، ويعيد الينا.. بالحلال.. ما فرطنا به، لأنه حرام.

فمن يتقِ الله يجعل له الله مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.

والبابا بنديكت عين على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العام 2005 خلفا للبابا يوحنا بولص الثاني، بعد وفاته،  وكان اسمه انذاك الكاردينال جوزيف راتزينغر، وهو الالماني الاول الذي يتبوأ هذه المنزلة في تاريخ المسيحية.
غادر بندكت عائدا الى جوزيف، ليلاقي بهذا الاسم ربه، بعد عمر طويل ان شاء الله، تاركا الكنيسة وراءه محملة بالأسئلة؛ فهي لم تشهد موقفا مماثلا منذ قرون عديدة.

فهل ثمة من يستهل تاريخا جديدا في عراق يمور بالقاصرين عن اداء واجبات مناصبهم، باستقالة ترتقي بشخصه الى رفعة بندكت في وجدان العراقيين، الذين سيرحبون بخطوة كهذه من اي مسؤول سياسي او موظف كبير، على اعتبارها نوعا من عزاء في تردي الخدمات وانهيار مؤسسات الدولة، قبل الشروع بتشكيلها.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


القاضي منير حداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/18



كتابة تعليق لموضوع : البابا الصالح يستقيل والموظف الفاسد باق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net