الإبداع والتجديد والانفتاح في العصر الحديث سمات تجدها في كافة المجالات وعلى جميع المستويات وليس غريبا على بني البشر ذلك فالكل يبحث عن التميز والتألق ويفتخر بإنجاز مالم ينجزه غيره وفي شتى المجالات ، وكذلك الحال ينطبق في المجال الإعلامي ، كونه أصبح من أهم الأجهزة التي تسهم إلى حد كبير في تجذير أو إزالة أو تعميم ثقافة أو خبر ما ، حتى أصبح الإعلام الركن الرئيس في تثبيت دعائم الحكومات القائمة أوفي تغييرها من خلال الحصول على تأييد أو سخط الرأي العام ، لكن ما يحز في النفوس ويوجد الغصة هو التقليد السائد في مجال العمل الإعلامي ولا أقول الأعمى بل التقليد للغير بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فهل عقول الغير ركبت لتبدع وتخترع وعقولنا ركبت لتقلد ؟؟ ، وهل عجزنا عن إيجاد نظرية إعلامية خاصة بنا كمسلمين سيما وأن الخطاب الاعلامي ينبثق من مفردات ثقافة الحكم ؟؟ ، ومن خلال هذين السؤالين فيما لو تحدثنا كإعلاميين إسلاميين كما يصفوننا أرى الكثير ممن يندرج تحت هذه التسمية إما أن يقف واجما لا يملك جوابا ولا يدري ماذا يصنع أو يتقول من حيث لا يشعر بما مفاده عدم وجود نظرية إعلامية إسلامية ، وكأنه يقول بطريقة غير مباشرة إن الشريعة الإسلامية لم تولي هذا الجانب في حياة الفرد والمجتمع أي أهمية تذكر، وبالتالي فكل ما نراه من تسابق محموم في وسائل إعلامنا ( الإسلامية ) عربية وغير عربية يأتي في سياق تقليد الغير بدأً من نقل الخبر صوتاً وصورتاً إلى عملية تسويق مادة ما أو أي أمر يختص به المجال الإعلامي ، وسواء كان ذلك الغير الذي نقلد مؤمن بنا وبقدراتنا أو لم يؤمن ، والسؤال الذي أرهقني كثيرا قبل الولوج في هذه السطور هو أن النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم الذي قام بتشكيل أول دولة استوفت عناصر تكوين الدولة في مفهومها الحقيقي وهي الشعب والسلطة المعترف بها من قبل الشعب والقوانين الواحدة لجميع أفراد الشعب ، فكيف كان يمارس نشاطاته السياسية والعسكرية والحال كما يصفه البعض بعدم وجود نظرة أو نظرية إعلامية في الدين الإسلامي ؟؟. إلا أنك لو أسبرت أغوار التأريخ ورحت تبحث عن الجهاز الإعلامي في الدولة المحمدية ستصل إلى حقيقة مضمونها إما أننا متقاعسين وبالتالي لا نحسن قراءة التأريخ أو أن من تصدى لهذه المسؤولية التأريخية ليس أهلا لها وبالتالي لم يكن بالمستوى المطلوب وإلا فصفحات التِأريخ تشير إلى أن ملامح دولة المصطفى (ص) واله تتكون من ، وزارة الداخلية ووقتها كانت تسمى الإدارة، ووزارة التجارة وكان اسمها الجباية المالية والضرائب ، ووزارة العدل ، و الدفاع وهكذا الاجتماعية والعلاقات الخارجية ويخبرنا التأريخ أن النبي (ص) واله بدء بتكوين جهازه الإعلامي من خلال تخصيص جماعة من الصحابة لكتابة الوحي القرآني وجماعة لكتابة الرسائل والترجمة ، وأقام مؤسسة ثقافية لتعليم القران الكريم في المدينة المنورة وتحديدا في مدخل المسجد النبوي وسميت وقتها بـ...( الصفة ) وقد سماها - الواقدي - (دار القراء) وقد تخرج من تلك المؤسسة التي اتخذت من مسجد النبي (ص) واله مقرا لها وتحت الإشراف المباشر لشخصه المبارك العشرات من الرجال الإعلاميين ( المبلغين ) الذين قاموا بحمل تعاليم الإسلام ونشرها في شتى صقاع الأرض خصوصا في فترة ( صلح الحديبية ) ولم يكن هذا الاهتمام بالجانب الإعلامي اجتهادا من قبل المصطفى (ص) واله فقط بل تطبيقا للطرح الإعلامي القرآني أيظا والذي ورد في العديد من الآيات الكريمة التي اهتمت بهذا الجانب الحيوي.عليه أرى من وجهة نظر قاصرة من أن التقول بعدم وجود نظرية إعلامية أسلامية لا يمكن تصريفه إلا ضمن باب عدم الشعور بالمسؤولية وهذا بحد ذاته يلقي بظلال مسؤولية كبيرة على عاتق جميع من اندرج تحت هذا العنوان.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat