إلى إيزابيل بنيامين ماما آشوري - أبو العلاء لم يولد سفاحا
فؤاد فاضل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قرأت بإمعان مقال الكاتبة إيزابيل بنيامين ماما آشوري , وقد شدني بقوة عنوانه وما فيه من مضامين تدفع الكثير من الباحثين بالعودة قليلا إلى الوراء ونكش الماضي السحيق وتقليب صفحات الكتب السماوية التي نزلت بحفظ الله , إلا أن البعض منها قد تعرض إلى التحريف , وما قرأته في مقال السيدة الكاتبة رغم معرفتي للكثير مما ذكرته إلا أنها جاءت لتؤكد ما لدي من معلومات حول آلية التزوير وأسبابها ودوافعها وما وراءها ليكون بذلك شاهدا على عصور التغيير التي مرت على الأمم البشرية طيلة القرون الماضية , ولعل صعوبة قول كلمة الحق في زمان ليس زماننا هو ليس بالأمر السهل , إنما الحقائق أحيانا تقال ولا تكتب وتلفظ ولا تدون , خاصة إذا كانت تتعلق بمصير امة ما قد تغير وأوغل بالتغير حتى يومنا هذا , السيدة الكاتبة إيزابيل بنيامين ماما آشوري , لا أود أن أوغل كثيرا وأخوض في قضية التزوير أو تحريف الحقائق ولكني أود أن أشكرك على شجاعة قول الحقيقة في زمان يصعب لأحد قولها في مكان كما يصعب لأحد تدوينها , ويبقى الله حافظا للجميع , ولكن أود أن أوضح أمرا ربما صار فيه لبسا حول ولادة الشاعر المعروف أبي العلاء المعري , حيث أن الرجل لم يولد سفاحا ولم يقل بيت الشعر الشهير (( هذا ما جناه عليّ أبي .. وأنا لم أجنهِ على أحدِ)) لأنه ولد سفاحا كما ذكرت في مقالك الكريم , إنما قالها لما عاناه في حياته من الآلام والعذابات والهموم وما أصابته من أمراض صاحبته حتى مماته , ولعل العمى كان من أكثر الأمراض التي كانت اشد وطأة على نفسه فكان حبيس الظلام طيلة حياته وجعلت الحزن رفيقا له حتى مات , ولعلي اذكر لجنابك الكريم بعضا يسيرا من سيرة الشاعر أبي العلاء وهي مقتبسة من احد المصادر العامة حيث يقول ,, ( لم يكن نهار يوم السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 363 هـ عادياً .. فلـقد حمل في جنباته بشـرى لـ عبد الله بن سليمان ولكل أحياء معرّة النعمان .. بشـرى بولادة شاعر عظيم وفيلسوف رائع لم تشهد الحياة مثله .. حملت البشرى للوالد ففرح فرحاً كبيراً وقرر تسميته أحمد .ولد أحمد ابن عبد الله أبو العلاء المعري التنوخي في معرّة النعمان في سوريا بين حماه وحلب ، وقد سميّت بذلك نسبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري الذي كان والياً على حمص وقنسرين .عاش أبو العلاء المعريّ سنوات من عمره هانئة .. حتى عام 376 عندما أصيب بمرض الجدري الذي سرق منه عينه اليسرى ، وغشي عينه اليمنى بياض حتى قيل أنه لم يعد يرّ من الألوان سوى الأحمـر . وكان عمره وقتذاك 3 سنوات . وفي سنته السادسة أو بداية السابعة ذهب بصـره كله ..
وقد كان أبو العلاء يحمد الله على ذلك ولم يجزع منه قط ,,, النص السابق يؤكد نسب الرجل ومن ابوه ومن اي بلد ومدينة , وكيف عاش وولد وترعرع ,, ولم يذكر التاريخ الحديث شيء حول السفاح او غيره بل تناول سيرته الذاتية بخلو كامل من هذه الشائبة , العنوان الذي توسم فيه مقالك الكريم هو , (من غرب الأحكام في الكتاب المقدس .زنا المحارم وأحكام أبن الزنا (( النغل)) ,, مما يجعل ماذكرتيه بداية المقال كشاهد على العنوان كانه دليل على ذلك , اما ما جاء في مقالك الكريم حول ان ابي العلاء مات منتحرا فهو امر غير صحيح ايضا , لان الرجل توفي عن عمر 86 عاما ودفن في منزله بمعرة النعمان , ولعل ماجاء في احد المصادر حول وفاة ابي العلاء توثيقا لكيفية مماته ,
حيث توفي أبو العلاء ليلة الجمعة، وقيل ثاني شهر ربيع الأول، وقيل ثالث عشره، سنة تسع واربعين وأربعمائة عن ستّ وثمانين سنة ,وذكر القفطي في إنباه الرواة على أنباه النحاة" عن عبد الله الأصفهاني قال: لما حضرت الشيخ أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي الوفاة، اتاه القاضي الأجل أبو محمد عبد الله التنوخي بقدح شراب فامتنع من شربه، فحلف القاضي أيماناً مؤكدة لا بد من أن يشرب ذلك القدح، وكان إسكنجبيل. فقال أبو العلاء مجيباً له عن يمينه
أعبد الله خيرٌ من حياتي وطول ذمائها مـــــوتٌ مريحُ
تعللني لتسقيني فذرني لعلـــي أستريــــح وتستريــح
وكان مرضه ثلاثة أيام، ومات في اليوم الرابع، ولم يكن عنده غير بني عمه، فقال لهم في اليوم الثالث: اكتبوا. فتناولوا الدويّ والأقلام، فأملى عليهم غير الصواب. فقال القاضي أبو محمد: أحسن الله عزاءكم في الشيخ، فإنه ميت . ولعل ماسبق ذكره الان حول تفاصيل رحيل الشاعر الكبير عن الدنيا ربما هو كافيا ولم يذكر التاريخ شيء عن انه مات منتحرا , ماعدا بعض المعلومات هنا او هناك وهي غالبا ليست دقيقة ولاتؤكد ماجاء في مقال السيدة الكريمة حول السفاح والانتحار , وليس لنا قصد بشيء سوى تبادل الحقيقة والمعلومة الصحيحة مادامت النوايا صادقة باذن الله .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
فؤاد فاضل
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat