الصراحة والمكاشفة اساس في تجاوز الازمة الراهنة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الطبيعي في ظلّ الأوضاع الراهنة التي لا زالت تشوبها إنعدام الثقة المتبادلة بين الأطراف الوطنية، أن لا يحصل أي تقدّم في العملية السياسية، بل إنّ توقفها وترددها لا يعني سوى التراجع والنكوص، بسبب سرعة الأحداث السياسية الموازية التي سوف تتجاوزها بدون أدنى شكّ  اولا ، وبسبب أنّ هذه الأجواء المزمنة من التأزم الداخلي، ليست بالوصفة السليمة والمناسبة للخروج منها وإستعادة زمام المبادرة  السياسية إزاء التدخلات الإقليمية والدولية ثانيا .وقد تكون العقبة الرئيسية في طريق تنقية الأجواء السياسية، هي المراوغة المستمرة والتستّر الزائف على طبيعة المصالح الحقيقية لكل طرف منها، والتمادي في إخفاء ما لم يعد في الإمكان إخفاءه، ولا من باب الحدّ الأدنى من الشعور بالمسؤولية الوطنية، عدم المجاهرة والإفصاح بالنوايا الكامنة والتوجهات المستترة التي تختفي وراء الوعود والخطابات السياسية المعلنة والغارقة في العموميات، ولعّل من أهمّ ما وسم السياسة في العراق الجديد خلال السنوات السابقة، هو إفتقارها للمكاشفة والوضوح والشفافية، وإستبعادها التّام من ميادين التجديد والإصلاح والتغيير، والعمل على الإحتفاظ بنفس الوسائل والأدوات والآليات القديمة، وما كان يصاحبها من مفاهيم ومعايير وأشكال التفكير والسلوك السائدين في نموذج السياسة التقليدية القائمة على التشكيك والإنغلاق والحكم على النوايا إزاء الخصوم السياسيين، والنظر في المخفي وغير المعلن من توجهاتهم، وإن كانت تلك النظرة صحيحة وفي مكانها أحيانا، وخاطئة وبعيدة عن واقع الأمور في أغلب الأحيان .وإذا كان صحيحا، أنّ فتح الحقل السياسي في المرحلة الجديدة، قد أدّى الى تعميم الفوضى والنزاعات بين الكتل والأطراف السياسية منذ عام 2003، ولعب ومايزال، أدوارا سلبية في سبيل التوصّل الى حفظ التوازن وضمان الإستقرار السياسي في البلاد، فمردّ ذلك، لايعود الى مبادئ التعددية والإنفتاح السياسي وإشاعة الحريات المدنية العامّة، بقدر مايعود الأمر الى غياب الضوابط والقوانين الواضحة والصريحة، والتي تمادت المؤسسات المعنية في تأجيلها، وعملت على إبقائها في حالة من الضبابية واللامرجعية، وبالتالي خضوعها الى التأويلات والإجتهادات الشخصية، رغم النداءات العديدة والمطالب المتكررة، للقوى الوطنية والديمقراطية خلال السنوات السبع الماضية، بالإسراع في وضع وتحديد الأسس القانونية لعمل وتشكيل الأحزاب والكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني عموما و في إنتظار رفع درجة التمكّن السياسي وفرض إرادة الأقوى، وهو إنتظار يفتقد بطبيعة الحال، الى الكثير من الفطنة في قراءة الأوضاع الجديدة، داخليا وإقليميا ودوليا، وسوف يمضي وقت طويل، قبل أن تعلو حدّة النبرات السياسية لطرف فيها على الأطراف الأخرى، وقبل أن تدرك أصول اللعبة وطبيعة الأدوار السياسية المرسومة ودوائر الحظر السياسي التي لا يمكن تجاوزها . وإذا كانت المصالح السياسية الكامنة، هي تعبير عن إرادة القوى الإجتماعية التي تتحدث  السياسة بإسمها ولا تكفّ عن الإدعاء بتمثيلها، أي أنها مصالح مشروعة وتكتسب شرعيتها من واقع إجتماعي داخلي قائم ومفروض، فليس هنالك ما يمنع من الإعلان عنها أمام الملأ، ويوفر على جميع الأطراف البلبلة وسوء الفهم والمقاصد، ولا يعود حينها، من المعيب ولا من المخجل، أن يجاهر السياسي بالمصلحة الإجتماعية التي يمثلها ويدافع علانية عنها، بل على العكس تماما، كل العيب والخجل والعار، هو في تجيير إرادة المجموع ومصادرتها لصالح الفرد، وعدم التمييز ما بين الخصوصي والعمومي، وصولا الى إعتبار المال العام جزءا من حافظة النقود الشخصية . وما يحددّ مشروعية أية مصلحة من المصالح السياسية، هو محتواها أولا، والأساليب التي تستخدم في سبيل تحقيقها ثانيا، ولم تستطع السياسة الحديثة، أن تصبح حقلا قابلا للقياس والمفاوضة، وتخرج من دوامة النزاعات والصراعات والحروب الأهلية والخطابات النارّية وخطط الأوكار السرّية، إلاّ بعد أن حددت وبدقّة طبيعة المصالح والدوافع والحوافز الخاصة بكل فئة إجتماعية من فئاتها المتنازعة وإعادة توزيع السلطات وحدود صلاحياتها على أساس من حفظ وحماية تلك المصالح وتوازنها . واستطاعت الدول الدبمقراطية ذات العراقة ان تدرك سر االعملية الديمقراطية وان وتساهم في اغنائها وتطويرها من خلال توسيع المشاركة الحقيقية في صنع القرار 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/27



كتابة تعليق لموضوع : الصراحة والمكاشفة اساس في تجاوز الازمة الراهنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net