هواء في شبك (خسرت كل عمرك)
عبد الله السكوتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحكى ان احد المغرورين المتغطرسين من (الافندية) كان في احد القوارب النهرية يريد العبور الى الضفة الاخرى ، ولما وصل القارب الى منتصف النهر سأل الافندي صاحب القارب (انت تعرف تقره وتكتب ؟) فقال البلام : ( لا والله عمي ... ما اعرف) فقال الافندي: (خسرت نص عمرك ) وفي تلك اللحظة اهتز القارب فانقلب بهما ، فقال صاحب الزورق : ( عمي تعرف تسبح؟) ، فقال الأفندي : ( لا والله عمي ، ما اعرف ، على بختك) ، فقال البلام : (عمي انت خسرت كل عمرك).
وهذا ديدن الحكام ، يحاولون جاهدين تجاهل جميع الدعوات التي تدعو الى اجراء اصلاحات ، وهذا نابع من تجاهلهم لقدرة الشعب على التغيير ، اذ انهم يتصورون الشعوب حين تصمت خانعة ، وهذا تفسير مغلوط ، اذ ربما تلتهب نيران شديدة يغطيها رماد الازمات والنكبات التي مرّ بها الشعب ، اضف الى ذلك هنالك المستشارون والبطانات ، ممن يزين للحكام سيرتهم غير المثالية ، مايدعوهم الى المسير للخلف فتراه يعد سنينه بعد وعود ووعود خالية من الفعل او المنجز الذي يظهر مدى مصداقية هذا الحاكم او ذاك ، بلا منجزات ملموسة ، والان وبعد انتهاء عهود التعسف وسقوط قلعة من قلاع الديكتاتورية ، على الحكام حتى بالديمقراطيات الفتية ان يأخذوا حذرهم لان الشعب جبار وحين يقرر شيئا يفعله وثورة الجياع من اقوى الثورات ، خصوصا وان القمع الذي مورس بحق الشعب العراقي في كردستان وفي جنوب العراق ، اي ان الكيمياوي اطلق فقط على الشعب العراقي ولن يطلق على غيره ، ومع هذا ومع مباركتنا للاخوان في مصر سقوط صنمهم ندعوهم الى عدم التعريض بالشعب العراقي لانه من اكثر الشعوب تضحيات على الاطلاق ، ومما افرحنا جميعا ان العرب جميعا وقفوا الى جانب الشعب المصري شعوبا وحكومات ، بعكس مافعلوا مع العراق حين اقفلت الحدود بوجه اللاجئين العراقيين في عام 1991 ، من الشرق والغرب ، فكان العراقيون امام خيارين لاثالث لهما اما الموت او الصمت ، واريد هنا ان اسأل سؤال واحد : كم مصري قطع لسانه ، او قطعت اذنه كما حدث في العراق ، وكم من المقابر الجماعية اكتشف الاخوة المصريون بعد سقوط صنمهم ليعرض ، اسامة رشدي بالعراقيين ويصفهم بان الاحتلال هو الذي ازاح النظام ، ولايعلم الاخ كم من التضحيات قدم الشعب العراقي على مذبح الحرية ، ليحظى بتغيير وجهة نظر الدول الخارجية ، نحو امكانية انقاذ هذا الشعب ، وما كتبته منظمات حقوق الانسان ، وليست الدول العربية لانها كانت متمسكة بنظام صدام ، وبعد فان الشعب العراقي سيحذو حذو اخوته في مصر وسيطالب باصلاحات ، اقلها ارجاع امواله التي سرقت للاعوام التسعة المنصرمة تحت مسميات متعددة منها المرتبات العالية والمنافع الاجتماعية وغيرها ؛ لايمكن للشعب ان يصمت تجاه تأثيث مكتب احد المسؤولين اربع او خمس مرات في العام الواحد ، ولن يصمت على الملايين التي تذهب الى جيوب النواب على شكل مرتبات ، ولن يصمت على الجوع بميزانية تتجاوز الثمانين مليار دولار ، ولن يصمت على الكهرباء العليلة ، وخرائب بغداد لم تبق مدينة في العلم كما كانت عليه منذ الستينيات الا المدن العراقية ، ولكن جل مانخشاه ان ساحة التحرير اذا ما اصبحت كميدان التحرير ، فان فتوى واحدة يمكنها ان تفرق الجموع دون نيل ادنى مطلب من مطالبهم ، لان العراق يعاني من سلطات عديدة ، اكبرها حاليا واقواها السلطة الروحية التي لايستطيع مناقشتها احد ، ومع هذا فمن الممكن ان يخسر الاخرين اعمارهم كاملة اذا ماصادروا انصاف اعمار العراقيين .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الله السكوتي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat