تعالوْا نُحقق معنى الصوم الحقيقي!!

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بقلم: فراس حج محمد
17 تموز 2013
ماذا يعني الصوم في أصل الفلسفة التي ينطلق منها؟ إنها لا تنبثق بشكل قاطع من الامتناع عن شهوتي البطن والفرج، إنها أبعد من ذلك، وما الابتعاد عن تينيك الشهوتين إلا لتدريب النفس على ما هو أعظم ليتحقق مراد الصوم الحقيقي، وأجلّ معانيه هو الصبر على المكاره، وقد أشارت النصوص كلها إلى هذا المعنى.
إن شهر الصوم هو مدرسة لتعويد النفس على المشاق لتسمو الروح وتتصل بخالقها أعظم اتصال، فمن لم يصُمْ عن كل ما يخدش الإنسانية في تجلياتها الروحية، فإنه لا حاجة لأن يترك طعامه وشرابه وشهوته في معاشرة النساء.
لقد شُرع الصوم كفارة لكبريات الذنوب، وما ذاك إلا لأنه يُثير في النفس معنى الحياة، وأنها ليس كما يظن الآخرون، ففي هذه الكفارة ما يُعيد للنفس البشرية ألَقها وتوهجها لتظل متصلة بالله الواحد الأحد، وليظل التفكير الإنساني محصوراً بالله ويدور في الفلك العام المتصل بالهدف من الحياة بأنها يجب أن تكون منتظمة بقوانين إلهية لا تتغير ولا تتبدل.
فكيف لنا أن نُحقق الهدف العام من الصيام، ونحن نقضي النهار في التفكير بأطايب الطعام والشراب، وحولنا هذا الشهر إلى موسم تبتكر فيه الأخيلة أصناف الطعام مما لا يخطر على بال، لتلقانا مائدة تغص بالأطعمة لا يؤكل منها ربعها ولا حتى عشرها، ليذهب ما تبقى إلى مكبات النفيات، ولتبدأ الشراهة من جديد مع كل يوم، لنكتشف أننا قد أنفقنا في هذا الشهر أضعاف ما ننفقه في غيره..!!
فماذا علينا لو أخذنا أنفسنا بشيء من الزهد، أو على الأقل أن تظل موائدنا وتفكيرنا فيها كما هي في الأيام العادية، وماذا علينا لو أخذنا أنفسنا بشيء من التدريب على أن تكون أصفى وأنقى في رمضان ليتحقق فيها المعنى والمفهوم الحقيقي للصيام؟
ولماذا نتناسى تلك المعاني التي نعرفها ونُدركها جيداً، ولماذا نُصر على أن يذهب صيامنا هدراً دون أن نستفيد من المنحة الإلهية التي تجعلنا أقوى في مجابهة الحياة، فمن يجعل همته في الطعام والشراب، ولا يتخلص من سيطرة معدته عليه، وإن صام نهاره، إلا أنه سيخرج من رمضان أضعف مما كان عليه في مواجهة مصاعب الحياة الكبرى، ولنتذكر أن هذا الشهر كان شهر انتصارات ومعارك فاصلة، فلماذا نُصر على تحويله شهر مسلسلات وسهرات حتى الفجر، ليصيح الديك معلناً أننا قد أوقعنا أنفسنا في ما لا تُحمد عُقباه، ولتدور عجلة الشهر الفضيل، ونكتشف أننا كنا في واد وفلسفة الصيام في وادٍ آخر، ولم نستفد إلا القليل.
رحماك يا رب فإننا بعدُ ما زلنا غير قادرين على أن نكون في رمضان كما ينبغي أن نكون!!
المصدر: موقع ديوان العرب
http://diwanalarab.com/spip.php?article37659

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/29



كتابة تعليق لموضوع : تعالوْا نُحقق معنى الصوم الحقيقي!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net