إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن إسلام الحديث ح13
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
( إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن إسلام الحديث)
ردود سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله) على بعض الشبهات حول كفاية القرآن الكريم وعدم الحاجة إلى الرجوع للسنة المطهرة والعترة الشريفة..
' الحلقة : الثالثة عشرة '
______________________
أجدني مضطراً لتوضيح نبذة من موازين علم الحديث وإن كانت هي ميسرة لمن طالس علم الحديث وعلم الدراية وعلم الرجال ولكن الكثير من هذه المصطلحات غائبة عن الأذهان، وهو مما يوجب طامات كوارث في النظرة إلى التراث وهو تراث ينطوي على الوحي لكون السنة للنبي(صلى الله عليه وآله) والآل (عليهم السلام) وحي، والتراث الروائي للحديث قناة نقل له، نعم آفات النقل لابد من التدقيق في معرفتها وتفاديها بدون إفراط ولا تفريط، وعلى أسس وموازين علمية لا شعارات شعرية وعناوين مغفلة، وقبل ذلك أشير للإخوة مراجعة الأجزاء الثلاثة لكتاب -مباني علم الرجال- وغيره من كتب الفوائد الرجالية..
فلنذكر بعض النقاط :
1- إن الضعيف من الحديث له معاني في علم الرجال والدراية فأكثرها استعمالاً: هو الذي لم يتم إثبات واجدية طريقه لشرائط حجية خبر الواحد، أي لم يتم لدى الباحث إحراز صفة الوثاقة لسلسلة رواته الواقعين في طريق نقل الحديث.
والمعنى الثاني للضعيف: -وهو الأقل استعمالاً- هو المدسوس والموضوع والمختلق، وهذا المعنى إنما يتصف به الحديث إذا أحرز الباحث قرائن وشواهد على الوضع والدس والاختلاق..
ومن ثم يتضح تغاير المعنى الأول عن الثاني، ولا صلة بينهما، وذلك لأن عدم توفر شرائط الحجية لا يلزم منه توفر شواهد على وضع ودس الحديث.
2- قد اختلط المعنيين على كثير فحسب إن كل حديث ضعيف هو مدسوس موضوع، فيجب أن ينقح التراث الحديثي منه، وانه يجب إزالته و.. و.. الخ، وهذا الخلط بلية طامة، وذلك لأن الضعيف بالمعنى الأول فاقد لحجية خبر الواحد وليس بالضرورة أن يكون فاقداً لحجية الخبر الموثوق به بتوسط القرائن الإنضمامية، والتي ربما تتصاعد إلى درجة الإستفاضة أو التواتر.
3- إن صحة الكتاب جهة تختلف عن صحة الحديث والطريق وقد حصل الخلط بينهما كثيراً، والمراد من الأولى: هو خلو الكتاب من الضعيف بالمعنى الثاني لا خلوه من المعنى الأول، ووجود الضعيف بالمعنى الأول لا يستلزم المعنى الثاني كما مر توضيحه.
4- إن صحة الحديث و ضعفه بكلا معنييه وصحة الكتاب وضعفه قد يكون اجتهادياً ظنياً بحسب نظر أحد أو عدة من الرجاليين وقد يكون عكسه لدى عدة آخرين، فالحكم إذا كان نظرياً ليس بديهياً لا يحسم بنظر بعض، بل المجال مفتوحاً للإستدلال، مثلا كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري ففي حين يضعف طريق نسخته الحالية بعض بمعنى عدم إحرازه لوثاقة طرقها إلا ان جماعة من أكابر الأعلام يرون صحتها وقوة الإعتماد عليها.. والحاصل إن القرائن التي يعتمد عليها الباحث -إذا كان له أهلية في علم الرجال والدراية والحديث والفقه أو المعارف بحسب مضمون الوارد فيه متن الرواية- قد تكون معتمدة لديه غير معتمدة لدى آخرين، فلا يظن القارئ ان التضعيف محسوم بل جملة من الموارد هي إختلافية بحسب الأنظار، وهذا مما ينبه الباحث ان دعوى الضعف بأي معنى في الحديث أو الطريق ليس عليها إطباق متسالم كي يتوهم منها ات حديثا ما لا مجال لإعتباره، وانه يحذف من التراث و.. و.. .
5- إن عملية التدقيق والتنقيح في التراث الروائي الشيعي قد أنجز عدة مرات في تاريخ رواة الإمامية، وذلك لإمتداد وجود المعصومين ( عليهم السلام) طوال ثلاثة قرون وربع آخر الغيبة الصغرى، ولا تجد مذهباً من مذاهب المسلمين ولا الملل ولا النحل حصل تنقيح وتدقيق وتثبت بالقدر الذي حصل في تراث الحديث المأثور من أهل البيت (عليهم السلام).
والمقام ليس يسمح باستعراض ذلك لكن الباحث الطالب للحقيقة بحياد علمي مع تضلع بوافر من الإطلاع بالمبانى والتتبع خال عن التعسف والتحامل يجد أن أصح تراث ورثته هو تراث أهل البيت (عليهم السلام). وقد انبرى الكثير من عمالقة هذا الميدان لجدولة الشواهد على خريطة وتخطيط هذا الجهد كالحر العاملي في آخر الوسائل والمجلسي في البحار وبقية كتبه والميرزا النوري في خاتمة المستدرك وتلميذه المحقق الطهراني في الذريعة -الذي أبدع تدقيقاً في هذا المجال- والأميني في أعيان الشيعة والأفندي في رياض العلماء وغيرهم كثيرون.
والحاصل إن رصانة تراث حديث أهل البيت (عليهم السلام) بلغت درجة يقول العلامة الطباطبائي عنها في معرض الجواب عن الخدشة في روايات الرجعة :
( والتواتر لا يبطل بقبول آحاد الروايات للخدشة والمناقشة ...على ان هذه القضايا التي اخبرنا بها ائمة أهل البيت (عليهم السلام) من الملاحم المتعلقة بآخر الزمان وقد أثبتها النقلة والرواة في كتب محفوظة النسخ عندنا سابقة تأليفا وكتابة على الوقوع بقرون وأزمنة طويلة نشاهد كل يوم صدق شطر منها من غير زيادة ونقيصة فلنحقق صحة جميعها وصدق جميع مضامينها ).
وكان الطباطبائي وصف المستشكل على روايات الرجعة :
وربما لحق بهم -أي بالمخالفين- في هذه الأعصار بعض المنتسبين إلى الشيعة، وعد ذلك من الدس الذي عمله اليهود وبعض المتظاهرين بالاسلام كعبدالله بن سبأ. )
فوصف بالمنتسب إلى الشيعة وملتصق بهم لا أصيل.
<<والحمد لله رب العالمين>>
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat