أمام أنظار الحكومة .. صندوق إعالة عوائل شهداء الثقافة والصحافة العراقية
ماجد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تنظر عوائل شهداء الثقافة والصحافة العراقية بعين ملؤها العتب والسؤال الصعب الذي لا إجابة عليه .. ترى لماذا لاتؤسس الدولة صندوقا لدعم وإعالة شهداء الثقافة العراقية الذين دفعوا حياتهم من اجل ابقاء سارية الإبداع العراقي مرفوعة إلى الأبد .. إنهم فتية وهبوا العراق أغلى ما عندهم ـ حياتهم ـ التي أجادوا بها إعلاء لكلمة الثقافة الخالدة ، ثقافة الأرض الموغلة في تاريخ مسطر بالملاحم والشعر وكتابة القصائد وكتبوا نشيد الإنشاد العراقي الباعث على التمسك بكل ما هو عراقي خالد ..
انهم فتية كانوا فروعا وأغصانا لأولئك الذين كتبوا التاريخ على الطين ووضعوه في أروقة الزمن البهي ، الثقافة العراقية تدفع الثمن إذن ؟
يا لهول ما يجري .. أي دولة في الكون تدفع قوافلا تتلوها القوافل من مفكرين وأدباء وصحفيين وفنانين على طريق الحرية كما عانوا من غياهب الظلمة وهم يرنون بالخلاص من اعتى نظام شمولي باغي حرق واتلف كل المعايير الثقافية الرصينة وصارت الثقافة في عهده مطاردة وتدفع الثمن الغالي دائما ؟ هل لان المثقفين هم من يعتزون بوطنهم وبإبداعهم الذي لا يضاهيه إبداع ولو كره الحاقدون !!
الثقافة تدفع الثمن وهذا له معنى كبير وثاقب ، ان الثقافة العراقية أسمى وارفع وأنبل من كل ضغائن وحقد المتنمردين القتلة الباحثين عن خراب الدار والأهل والبلاد ..
هل نحزن أم نقول إنها ضريبة على كل مثقف عراقي غيور ؟
حسنا إذن انهم ماتوا ورحلوا ولكن إبداعهم ظل ويظل خالدا كاسحا ماحقا لكل محاولات طمسه أو تهميشه ..
انه الإبداع الذي تجذر مع كل موروث العراق منذ موغلات التاريخ وبطون الحفائر وألواح الخلود .. ألا يستحق هؤلاء الراحلون ان نكرمهم في رحيلهم ؟
الأمر منوط بالحكومة والجهات الثقافية مجتمعة .. ألا يمكن للحكومة أن تؤسس صندوقا لإعانة ورعاية عوائل كل شهداء الثقافة والصحافة والفنون العراقية واعتبارهم ثروة وطنية خالدة تظل تدر على المشهد الثقافة إبداعا وأدبا وثقافة لا يمكن ان تبور او تنضب مهما تقادمت بها الأيام والسنين ؟. صندوق إعالة وإعانة شهداء الثقافة العراقية .. هل الأمر صعب ومستحيل على الحكومة أم انها لم تتلق اقتراحا أو رأيا من جهة ثقافية بإقامة هذا الصندوق ؟ ولا نعتقد بان أحدا يمكن ان يقول بان الصندوق لا يمكن تاسيسة لدواعي أمنية أو سياسية أو فئوية ..
انه صندوق عراقي من الوريد إلى الوريد وتغذيه أموال العراق التي لم يحظ المثقفون باي مورد منها عندما كانوا أحياءا مثل كل المنضوين ألان تحت راية الثقافة والصحافة العراقية والذين يعانون من سياسة الإقصاء واللامبالاة الا في لحظة رحيلهم فأنهم سوف يحظون ببعض الأهمية لأيام لاغيرها ومن ثم يصبحون في عداد التاريخ ..
سألني مرة احد الأصدقاء الأدباء من دولة عربية مجاورة حينما كنت ضيفا عليه .. كم تخصص الحكومة لكل عائلة أديب ( مقتول ) ؟ كنت كمن يبتلع غصة وأنا أحاول أن ارفع من شان دولتي وحكومتي ولا سيما انها كانت في معركة عصيبة وصعبة مع الإرهاب الوافد لنا من دول الإخوة والأشقاء .. قلت له لاشيء يدفع .. لا احد يستلم !!
تعجب الرجل وفغر فاه مرعوبا من جوابي وعرفت ماالذي سيقوله وخمنت كل كلمة سينطق بها ، اعرف انه سيقول إنكم بلد من أغنى العالم وفيه ثروة يسال لها اللعاب ، اعرف ذلك تماما .. هذا ما يعتقده كل المثقفين والصحفيين خارج العراق وهو تصور ينبع من نعمة وثروة وخيرات البلاد الهائلة والتي تدهش كل صديق وعدو .. ان عملية اغتيال أي مثقف هو اغتيال لكل المثقفين العراقيين من أدباء وصحفيين وفنانين ومفكرين وقد ظل المثقف العراقي في أول قائمة الإرهابيين الذين لا يمكن أن يتركوا لإبداعه أن يساهم في نهضة البلاد .
الا يستحق المثقف الحي أن ترعاه دولته وهو الباني والرائد في الفكر والأدب والثقافة والفن وعزاؤنا أن إبداع المثقف لايموت وإنما يبقى خالدا لان ما نفعله لأنفسنا سيموت حتما معنا وما نفعله للآخرين سيقى خالدا على المدى ..
إنها مجرد تساؤلات أجد من الضروري أن تتناولها الحكومة العراقية تناولا يرتقى لمستوى مكانة كل الراحلين الذين تركوا لنا شموعا وقادة تضيء المشهد العراقي والإنساني وسجلوا في سجل الخالدين ..
majidalkabi@yahoo.co.uk