إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن إسلام الحديث ح25
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سم الله الرحمن الرحيم 

والصلاة والسلام على أشرف الخلائق محمد وآله الطيبين الأطهرين المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا 

 

الحلقة : الخامسة والعشرون 

بقلم : سماحة آية الله المُحقّق الشيخ محمد السند "دام ظله الشريف"

الموضوع : إسلام معية الثقلين لا إسلام المصحف منسلخاً عن الحديث

 

---------------------------

 

العنوان :

الأهمية القصوى للتراث الوحياني ولو على أدنى درجة الاحتمال الضعيف 

 

قد يتساءل عن ظاهرة قرآنية وسنة إلهية وهي ان الله تعالى يحاجج اهل الكتاب من اليهود والنصارى بالتوراة والانجيل الموجودين في عهد نزول القرآن ويمحور الاستدلال معهم بنسخ الكتابين المتوفرة آنذاك كما سيأتي نبذة عن ذلك في اﻵيات مع انها مشتملة على التحريف والدس والتزييف فهلا استدل القرآن وحاججهم بكتب من تأليف نوابغ البشر موثوقة انها من تأليف بعض علماء البشر من الفلاسفة والحكماء والعرفاء والرهبان .

 

بينما اصر القرآن على تمركز النقاش معهم والمصدرية لنسخ التوراة والانجيل الموجودة المعاصرة

 

قال تعالى : ( قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ). 

وقال : 

( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك و ما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ... ) 

 

وقال تعالى :

( وليحكم اهل الانجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)

 

فلاحظ مدى الاعتبار الذي يوليه القرآن للتوراة والانجيل الموجودين حاليا راهنا رغم شهادة القرآن نفسه بوقوع التحريف فيهما .

 

فما هو الوجه والسر والسبب وراء ذلك وكيف يعطي لهما هذا القدر من المرجعية والمصدرية فوق كل المصادر والمراجع التشريعية ؟؟.

ليس هذا من العبط والصدفة والعبثية

فماهي الهيكلة والنظام الصناعي والعلمي الذي يشير اليه القرآن ليجعل من نفسه قمة الهرم في مجموعة الكتب السماوية ومن بعده التوراة والانجيل الموجودتين بين ايدينا .

الذي يجده الفاحص الباحث المحلل ان التوراة والانجيل رغم ما ارتكب فيها من التحريف فان فيه امر محفوظ.

 

وبعبارة اخرى ماهو نظام المعادلات المعرفية والقانونية المبني في التوراة والانجيل الذي لا يتزلزل بنيانه رغم التحريفات من اليهود والنصارى الواردة المدسوسة في التوراة والانجيل ؟. وماهو البنيان المنظومي ونظام المعادلات والمعلومات في الكتابين المقدسين السماويين الذي استقر فيهما بحيث لا تطاله قدرة يد التحريف البشري مهما جمحت ومهما زاغت ومهما اجتمعت الانس الى الجن لايأتونه بتغيير .

 

في الحقيقة هذا النظام والمنظومة والبنيان هو الذي يشير اليه القرآن بصورة اعظم هيمنة محيطة في القرآن نفسه هو نظام امومة المحكمات ام الكتاب المهيمنة على الطبقات النازلة التحتانية من الكتاب من المتشابهات بل مهيمنة على التحريفات ايضا التي ربما يدسها البشر ويختلقوها . 

 

وهذه الامومة والمحورية المركزية العليا المهيمنة لام الكتاب هي بيد الله تعالى والراسخين في العلم .

 

قال تعالى : هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب و أخر متشابهات ...ومايعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم).

 

 

وامومة المحكمات التي تهيمن على بقية الكتاب وأم الكتاب يهيمن عليها الله والراسخون في العلم . فلأم الكتاب أم اخرى تؤوب وتدور حولها وهي محورية ومركزية اخرى فوقية هي الله والراسخون في العلم فالمشهد يرتسم في طبقات تعلو بعضها البعض تهيمن على بعض البعض .

 

نظير هيمنة القوانين الدستورية على القوانين البرلمانية وهيمنة القوانين البرلمانية على القوانين الوزارية والوزارية على القوانين البلدية طبقات تعلو بعضها البعض هيمنة واحاطة .

 

ونظير المعادلات الاولية العامة الكلية في كل علم تعلو وتفوق على بقية معادلات ذلك العلم التي تأتي تحتها رتبة تتوالد منها تفرعا وانشعابا. 

 

وهذا ناموس بنياني نظامي منظومي في كل العلوم واعظمها مثالا و نموذجا

هو نظام منظومة القرآن ومن بعده الكتب السماوية الاخرى .

وفي الحقيقة العلوم كذلك فوق بعضها البعض وتتوالد انحدارا من بعضها البعض .فتهيمن بعضها على البعض .

 

اذا اتضح هذا النظام الهندسي المعرفي يتضح ان الهيكل الفوقي المهيمن في التوراة والانجيل لايتزلزل بإدخال تحريفات فيهما تحتانية من طبقات نازلة إذ الاسس الفوقية محفوظة لايتزلزل بنيانها بتفاصيل مقلوبة معكوسة اذ المحاور العمادية مقومة لما دونها بل قد عرفت ان الطبقات التحتانية الصحيحة الحقيقية غير المزيفة هي متشابه تتشابه توجب الزيغ من دون تحكيم الاسس الفوقية المحكمات المهيمنة وتوجب الزيغ والفتنة . 

 

كما لابد من الالتفات الى ان عقلية البشر المحدودة مهما حاولت تزييف الحقائق والامور فان قدرتها لاتؤهلها الى الوصول والاهتداء الى زعزة الاسس أوالقدرة على تشخيصها كلها فضلا عن تغييرها .ومن ثم كان نسخ التوراة والانجيل الموجودة رغم التحريف الذي ارتكب متوفرة على امومة واصول واسس معارف وقوانيين التشريعات المنزلة من الله تعالى .

 

وهذا الذي نشاهده في احتجاج الرضا ع مع علماء اليهود والنصارى في الندوات الاديانية التي عقدها المأمون العباسي لتحدي علم آل محمد ع ، فأنه ع كان يحتج عليهم من نصوص نسخ التوراة والانجيل المتوفرة.

وبذلك يتضح ان اسس الكتاب واسس الحديث محكمات بنيوية لا يرقى الى التطاول عليها تزييفات وتحريفات عقلية البشر مهما استشاطت شيطنتهم .

 

والى هذه الهيمنة العملقية لنظام معارف وبنود قوانين الوحي في الكتاب والحديث يشير التحدي القرآني في قوله تعالى: وإن كنتم في ريب ممانزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله .

 

قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. فالعجز في الانس والجن عن الطيران الى مستوى حلقات نظام الوحي ومستوى طبقات منظومته وهذه الفوقية والهيمنية في اسس معادلات الوحي هي الإحكام في المحكمات المزيل القاشع لكل تشابه في التفاصيل الحقة التحتانية في الكتاب والحديث فضلا عن تحريفات المبطلين من الاسرائيليات او تفلسفيات البشر او تصوفنيات العرفاء او التشهونيات المادية للحداثويات او وثنيات الحس المادي للوهابية السلفية .

 

فإن كل هذه الزعاقات و الشرنقات والتشدقات لا تتصاعد لتبلغ طولا شموخ بنيان منظومة نظام الوحي في الكتاب والحديث. 

نعم القاصر فهما وفقها للوحي تلتبس عليه وتتلبد لديه الصورة وهذا ليس إلتباسا وتخليطا في الكتاب والحديث بل داءا عضالا في الباحث القاصر العاجز الضعيف.

 

ومن ثم لا يتلبد علماء الامامية في الاشراف والرعاية لتراث الحديث لدى العامة عن الضياع والتلاعب به

رغم مافيه من التحريف والدس والنقل عن اليهود والنصاب واهل النفاق . وذلك لكون المحكمات من الحديث النبوي قاشعة لكل التشابه والتحريف ومهيمنة مقومة لكل اعوجاج . بل ان اسس كثير من الحقايق في معارف اهل البيت ع يمكن ببيانهم عليهم السلام استكشافها والوقوف عليها في الصحيح من تراث الحديث لدى العامة وان غفل ولم يتنبه لحقيقتها رواة العامة فرووها ولم يطمسوها .

 

📌 فكيف بك بتراث الحديث المروي عن اهل البيت "ع" الموثق طوال ثلاثة قرون وثلث من القرن الرابع عن المعصومين "ع" .

الموضوع السابق مع سماحة السيد كمال الحيدري في مشروعه من اسلام الحديث الى اسلام القرآن (4 )

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat