صفحة الكاتب : جاسم المعموري

الثورة الليبية واحتمالية المؤامرة
جاسم المعموري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو ان هناك احتمالا واردا تدعمه الوقائع اليومية للثورة الليبية , وما يحيط بها من احداث متسارعة , ومواقف دولية ذات مغزى خطير يدعو الى الشك القوي بمؤامرة كبيرة ربما تكون نتائجها وخيمة على الشعب في ليبيا , وما يتصل بثورته من تأثيرات على التحرك الثوري العربي الشعبي الواسع النطاق , ففي الوقت الذي قرر فيه مجلس الامن امكانية استخدام القوة ضد نظام الحكم هناك رفض بعض قادة العالم كروسيا والصين هذا التوجه ,  فيما تؤكد الجماهير العربية الثائرة رفضها القاطع للتدخل الاجنبي ,ألمحت الولايات المتحدة الى التدخل العسكري , واذا اردنا ان نتأمل في الامر مليا , فاننا سنجد ان التحرك قد تبلور لاسباب عديدة منها ان الشعور بالخطر على حكام المنطقة بدأ ياخذ حيزا اكبر من اهتمامات الادارة الامريكية وحلفائها في اوربا والشرق الاوسط , الذين كانوا في ارتباك شديد , وصدمة عنيفة بعد سقوط نظام حسني مبارك , فاضطروا الى تاييد الثورة في مصر على امل ان يكسبوا شيئا خير من ان يخسروا كل شيء دفعة واحدة , ولكنهم عندما رأوا ان نطاق الثورة العربية بدأ يتسع اكثر ليشمل حلفائهم المخضرمين المهمين في المنطقة , وهو توقع صحيح وممكن واكيد , سارعوا  بتنفيذ الخطة التي بدأت اليوم الاول من اذار 2011 , وذلك بالايعاز للقذافي بالهجوم على معاقل الثورة , فيما ستقوم امريكا بالتدخل العسكري , وهذا سيناريو سيكلف الشعب الليبي الكثير من التضحيات إن كان سيحدث ويصبح حقيقة واقعة  , وذلك من اجل ردع الجماهير العربية في البلدان الاخرى , وايقاف ثورتها , وزرع روح الياس بين صفوف الثوار , ومن جهة اخرى فإنهم ايضا يريدون بعد ذلك ان يقولوا انهم اصحاب الفضل في تحرير ليبيا , ولكن بعد احالتها الى تراب كما فعل صدام في العراق , والرسالة التي تريد الادارة الامريكية وحلفائها ايصالها الى الشعب العربي هي : عليكم ان تتوقفوا , او ان مصيركم سيكون كمصير الشعب الليبي .
      ولكي اضع القاريء الكريم في الصورة يجب علي ان اقول اننا نتعلم من التاريخ ما يغنينا عن الحيرة والضياع والارتباك , ومما لاشك فيه ان الشعب العراقي اسقط النظام الصدامي في عام 1991 , واسقط شرعيته في انتفاضته العارمة , الا ان الولايات المتحدة , وحكام المنطقة , خاصة ال سعود كانوا وراء قمعها واجهاضها , والطلب من صدام ان لايغادر العراق حين كان على وشك ان يفعل , ويقال ان ملك ال سعود آنذاك فهد بن عبد العزيز قال " ابيع عباءتي ولن ادع الشيعة يحكمون العراق " . كما ان هناك امر يبدو غير ملحوظ للوهلة الاولى , وهو امر يدعو الى الاستغراب والتعجب , وهو لماذا لم يكتب الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش الاب مذكراته حتى الان ؟!!  أو هو كتبها ولكن لم ينشرها .. لماذا ياترى .. ؟!! رغم ان الفترة التي حكم فيها كانت من اهم الفترات التي تدعوا الى كتابة المذكرات لأهميتها التاريخية , ولتحقيق الولايات المتحدة نصرا تاريخيا مهما , وهو تحرير دولة محتلة , حيث استقبل الجنود الامريكان استقبال الابطال في عام 1991 .. ان السبب وراء ذلك هو موقف الادارة الامريكية من انتفاضتنا في العراق في ذلك الحين , ذلك الموقف الخاطيء المشين , والعار الشنيع , والجريمة الكبرى التي سببت كارثة لم تنتهي اثارها حتى هذه اللحظة على شعب العراق المظلوم , ذلك الموقف والمؤامرة المخجلة التي كان يقف وراءها حكام ال سعود بكل مايملكون من قوة , وبتخويف امريكا وحلفاءها من قيام دولة اسلامية كتلك التي في ايران , حتى انصاعوا لهم , ولقد كان الشيطان معلما قبل نشوء دولة ال سعود , اما الان فهو تلميذ غبي متواضع يجلس في الصفوف الاخيرة في مدرسة تلك الدولة .    
    ان خوف الحكام من التغيير في العراق في ذلك الوقت كانت له اسبابه الوجيهة عندهم , فهم يعتقدون ان شعوبهم ستنتفض عليهم ايضا ان نجحت الانتفاضة في العراق , وحققت اهدافها في اسقاط نظام الطاغوت , وبناء دولة ديمقراطية حرة ومتقدمة , ونظام حكم عادل يضمن حقوق الجميع ويدافع عنهم , وبالتالي يكون العراق دولة قوية تدعم تطلعات الجماهير العربية للثورة والتغيير , وفي الوقت الذي كانت فيه طائرات صدام تقصف الجماهير المنتفضة كان العالم كله في صمت وسكون , وكأن لاشيء يحدث في العراق , فلم تكن الانتفاضة قد نالت من التغطية الاعلامية شيئا يذكر , ثم جعلوا من شمال العراق منطقة محرمة على الطيران , ومنعوا النظام من الاقتراب منه , واخذ يحكم نفسه بنفسه منذ ذلك الحين , فيما كان اهل الجنوب يعانون اشد المعاناة من بطش النظام , ولكي تتضح الصورة اكثر , هم ارادوا ان يكون العراق منطقتين منعزلتين , او ان يكون الشمال دولة شبه مستقلة , لقد وصلت الرسالة الى شعوب المنطقة وهي ان لاتثوروا على حكامكم والا سيكون حالكم كحال العراق , ثم تكررت الرسالة نفسها بعد عام 2003 ومفادها ان الديمقراطية كارثة كبرى على العراق لانها جلبت عليهم الارهاب والفساد والطائفية والتقسيم الخ ..في الوقت الذي يعملون هم على تأزيم الحالة فيه , وادخال الارهاب اليه , والحث على الطائفية فيه , والمساهمة في إفساد مؤسساته .
   اننا نرفض التدخل الخارجي في ليبيا رفضا قاطعا , ونشجب الفقرة التي وردت في قرار مجلس الامن الخاصة بمنع القذافي واسرته وحاشيته من السفر , لانها تعطي حافزا وذريعة اكبر للنظام هناك كي يوغل في جرائمه , ويواجه الجماهير بكل ما يملك من قوة , فهذه الفقرة تغلق باب الهروب بوجهه , ان لم يكن القصد منها الامر ببقاءه لقمع الثورة .
       نعم , ستصبح ليبيا شرقية بقيادة الثوار , وغربية بقيادة الديكتاتور , وسيأخذ الارهاب والفساد الاداري مكانا مهما في ليبيا بقيادة ال سعود , وان تغيير هذه المعادلة , وافشال هذا السيناريو بيد الشعب الليبي , واقدامه الشجاع والسريع لحسم معركة المصير لصالحه , وتحقيق النصر المؤزر , والا فلا ثورة بعد فشل الثورة في ليبيا , ولا ديكتاتورية بعد نجاحها في المنطقة .  
في 1 \ 3 \ 2011      

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جاسم المعموري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/03



كتابة تعليق لموضوع : الثورة الليبية واحتمالية المؤامرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net