صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

"عيدية الموت"
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو أن أيام العراق تشابهت, فلا عيد يفترق عن يوم عادي, ولا فرح يقتطع لحظات من خارطة الحزن, المرسومة على وجوه العراقيين.
عيد الأضحى, ذلك العيد الثاني الذي جعله الله للمسلمين فرحة وسرورا وبهجة, لإكمالهم مناسك حجهم, جاء العيد هذه المرة, كسابقه من أعياد العراق المصبوغة بلون الدم, والمعطرة برائحة البارود والدخان.
في لحظات الفرح, التي حاول أبناء العراق اقتطاعها من أيام هذا الزمن المؤلم, وفي مساحات الترفيه التي تعطي النفس فسحة التأمل, كالمتنزهات والساحات والحدائق والأسواق, تجمع الناس في تلك الأماكن, في صورة لَمْ الشمل بعد طول أيام العمل وزحام الانشغال, أناس عزل ليس لهم هم إلا إخراج أنفسهم وذويهم من دائرة "الروتين" اليومي, والتمتع بلحظات استرخاء واستجمام, بصحبة الأهل والأقارب.
هؤلاء المجتمعون في تلك الأماكن, لم يدر في خلدهم أن هناك من يكره الحياة, وتأبي نفسه إلا تمزيق الأجساد, لم يدر بخلد الفرحين بالعيد, أن هناك عتاة لا يراعون لله حرمة, ولا يحترمون المقدسات, زمر تحمل الإسلام شعارا وتخالفه أفعلا, تلك الزمر كانت بالمرصاد للفرحة المرسومة على شفاه ذاك الطفل الفرح بالعيدية وتلك الشابة الممسكة بيد خطيبها, وتلك المرأة المنتشية بالتفاف أبناءها حولها, تلك الزمر كانت بحقدها وخبث سريرتها تزرع سيارات الموت في كل أماكن تواجد البسطاء, ففي باب متنزه, ومدخل حديقة, وسوق تجاري, وشوارع, وأزقة, كانت عربات الموت المفخخ, تنتظر أن تمنح "عيدية الموت" لهؤلاء المحتفلين بعيدهم.
انتشرت مفخخات الموت كانتشار قواتنا الأمنية, التي باتت خططها "لا تسمن ولا تغني من جوع", فالإرهاب يضرب أنى يشاء, وكيفما يشاء, والقوات الأمنية ليس لها يد أو سطوة عليه, وصار واجب رجالات الأمن فقط تطويق مكان الانفجار, ونقل الجرحى والشهداء للمستشفيات, والأنكى من ذلك والأمَر, أن لا أحد من مسؤولي الحكومة ورجالاتها يعترف بالتقصير أو يشخص الخلل, حتى رئيس الوزراء وهو القائد العام للقوات المسلحة اكتفى بتصريح واحد وهو يحضر حفلا في قضاء الهندية"طويريج" حيث قال "أن التفجيرات أمر مزعج"  نعم بالضبط مزعج كلسعة البعوضة فهي مزعجة أيضا لكنها لا تمزق الأجساد.
يبدو أن نصيب العراقيين من أعيادهم هو الحزن, والموت وتمزق الأشلاء, في ظل حكومة لا تشعر بمعاناتهم, ولا تنتفض لتخليصهم من يد الإرهاب, لتكون حصة العراقيين فقط "عيدية الموت" التي تحصد أرواحهم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/27



كتابة تعليق لموضوع : "عيدية الموت"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : زيد علي مهدي الشديدي ، في 2014/01/04 .

استاذ عبد الكاظم موضوع مهم على الرغم من كونه حياه نعيشها لحظه بلحظه واكثر جمله معبره فيه "زمر تحمل الاسلام شعارا وتخالفه افعالا" ففي يومنا هذا كل من اراد المال والسلطه خالف الاسلام وكانما الاسلام دين يحاك حسب طلب لابسيه...تحياتي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net