صفحة الكاتب : ليالي الفرج

الإمام الحسين(ع): نبراس الحرية، ومطاف العزة والكرامة
ليالي الفرج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بمناسبة ليلة العاشر من محرم الحرام 1435هـ

 

تمثلت مقولات المفكر الهندي المهاتما غاندي (1869 – 1948) في أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام لتكشف حجم  حضور النهضة الحسينية بين الأمم والثقافات والأديان الأخر ولتصبح الثورة الأولى في خلودها وانتشار مضامينها وتموّج إرهاصاتها.

 

إن غاندي الذي يصرح البعض بإسلامه، كما ذكر ذلك اثنان من أبرز تلاميذه، الأول هو براسات، رئيس الهند، في كتابه (عند قدمي غاندي)، والآخر هو محمد علي جناح رئيس باكستان، ويشيران إلى أن غاندي كان يخفي قضية إسلامه خوفاً من سقوط حركته، وهذا ما يذكر المرجع الديني والمفكر الإسلامي الراحل السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه، بل ويطرح قناعته بإسلام غاندي في أكثر من حديث أو كتاب.

 

بل إن غاندي الذي كان هندوسياً كان يذكر كثيراً إنه لم يكن يعرف شيئاً كثيراً في الديانة الهندوسية، وكان يشير إلى أنه يبحث في التاريخ والأديان.

 

وفي الثورة الحسينية أو النهضة الحسينية حيث يميز بعض المفكرين بين مفهومي الثورة والنهضة باعتبار أن الثورة تتوارى بعد زمن بينما النهضة هي أشمل وأوسع وتتضمن معاني الثورة والبقاء في آن واحد، فإنه ليس ببعيد أن تكون هذه النهضة منطقة التحول الفكري والعقائدي الشامل لغاندي في حركته التحريرية للهند من الاحتلال البريطاني في حركته السلمية لطرد نير الظلم والاحتلال عن بلاده عبر ما

يسمى (ساتيا جراها).

 

إن غاندي يخاطب أمته في الهند، ويقول: " أن أردنا أن ننتصر، فعلينا أن نقتدي بالحسين"، ويقول كذلك: "تعلمت من الحسين، كيف أكونُ مظلوماً، فأنتصر"، وله أيضاً: " لقد طالعت بدقة حياة الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء، فاتضح لي أن الهند إذا أرادت النصر، فلا بدّ لها من اقتفاء سيرة الحسين"، بالإضافة إلى مقولات في سياق الحياة بكرامة وعزة كما يريد الله سبحانه.

 

 

وتتجلى مقولة من أسمى ما سطرته إنجازات الأحرار في القرن الميلادي المنصرم، في فصل من أشد فصول الفصل العنصري في بريتوريا جنوب أفريقيا على يد نيلسون مانديلا الذي قاوم وسجن عشرات السنين، من أجل الحرية ليس له، وإنما للغالبية التي كانت تتحكم فيها وتحكمها في أنكى وأشد صور التمييز العنصري الذي يمكن تتبعه في الكتابات التاريخية لتلك المرحلة.

 

نيلسون مانديلا يقول: "الحرية يطلبها العبيد، ولكن يصنعها الأحرار"، وحتماً إن مقاوم وطني مثله لابد أنه قرأ الإمام الحسين عليه السلام، وتعرف على كربلاء في مسيرته قراءاته للثورات وحركة التاريخ الإنساني المقاوم.

 

وفي خاتمة القرن الماضي، كانت مسيرة الإمام الخميني رضوان الله عليه، في ثورة صدمت العالم المعاصر، والإمام الراحل قدس سره، وهو ابن الحسين عليه السلام، يشير بأن :" كل ما لدينا هو من عاشوراء".

 

إن الحرية ليست شعاراً، وإنما قيمة إنسانية وكونية، وهي منظومة وعي خلاّق، ومعين وافر العذوبة، ولكن الطريق إليه يحتاج إلى تضحيات، وهذا ما سطره مشهد الواقعة وما قبلها وما بعدها في كربلاء، ليبقى الإمام الحسين أبا التضحية والفداء من أجل الدين الإسلامي الذي أراده الله سبحانه وتعالى.

 

إن المولى أبا عبدالله الحسين هو أسطع شخصية صنعت الكرامة والعزة والحرية في الوجود بنهضته التي تكاد تمسك كل لحظة منها بمفاصل الزمن وبمقامات الشموخ والريادة.

 

إن في مقابل قيم الظالمين، فراعنة، ويزيديين، ونحوهم، نجد قيم الحسين، وكربلاء، في كل زمن تشحذ هممها بروح الطف، وأنفاس الكرامة الخالدة في كربلاء.

 

ومن أبرز من كتب بموضوعية، كانت حروفها تتأنق بل تتألق بالحسين وآل الحسين عليهم السلام، وذلك فيما كتبه الكاتب المسيحي الكبير الراحل سليمان كتاني في كتابه: " الإمام الحسين، في حلّة البرفير".

 

إن الحسين هو للإنسانية وللوجود بأكمله، بعيداً عن كل مسميات مصنوعة، وبالرغم من أن أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام هم الأكثر قرباً من قصية الإمام الحسين عليه السلام، إلا أن الكثيرين من مسلمين وغيرهم يرتادون بألم فسطاطاً أحرقته أيدي الظالمين والمنافقين في اليوم العاشر من عام إحدى وستين للهجرة، حيث روعت النساء الهاشميات، العلويات، الفاطميات، في مشهد بربري ليس أشنع منه مشهد.

 

إن الكاتب المبدع والأديب الرائع يصنع من مفرداته جسداً  يجعلك لا يمكن أن تترك سطراً من كتاباته، التي أبدعها.

 

حين نقرأ ما يقوله عن الإمام الحسين عليه السلام:

 

"ما أروع الحسين، يجمع عمره كله ويربطه بفيض من معاناته، ويجمعه إلى ذاته جمعا معمقا بالحس والفهم والإدراك، فإذا هو كله تعبير عن ملحمة قائمة بذاتها وكربلاء هي الصنيع الملحمي الكبير، وهي مركزة على ملحمة أخرى أصيلة هي التي قدمها جده العظيم ونفذها فوق الأرض وتحت السماء، فإذا هي ملحمة تنتصر بالإنسان، لا خيال فيها بل واقع إنساني محض من أول خطوة خرج بها من مكة إلى آخر خطوة خر بها صريعا في كربلاء العطشى وهي ضفة من ضفاف الفرات".

 

ونقرأ له: "أنا لا أقول إن الحسين قد تأبط أهل بيته وسار من مكة إلى كربلاء ليرميهم جميعا فوق رمال محروقة بالعطش، في حين ينساب إلى جنبها ماء الفرات، إنما جاء والمعين يجري من بين راحتيه والكلمة العزيزة ترقص مغزولة في عينيه، لقد جاء يعلم كيف تكتب الكلمة، وكيف يقرأها العز والمجد والعنفوان، لقد جاء بالمحاولة الكبرى، فإنها - إن لم تسمح الآن - سيكون لها مع كل غد وقع يلفظ الحرف ووقع يؤلف الكلمة، يكفي الصدى، بقاياه تتعبأ بها حنايا الكهوف ويستعين بها المجتمع النائم لصياغة حلمه فيفيق ويعود يبني نفسه من غبار المعمعة".

 

السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين،

تعاليت من (فلك) قطره يدور على المحور الأوسع.

 

 

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..

اللهم ارزقنا شفاعة الحسين عليه السلام يوم الورود وثبت لنا قدم صدق مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ليالي الفرج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/15



كتابة تعليق لموضوع : الإمام الحسين(ع): نبراس الحرية، ومطاف العزة والكرامة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net