صفحة الكاتب : فوزي صادق

حرامي زمان !
فوزي صادق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 أنا محدثكم حرامي من أيام زمان ، وقد أعلنتها توبة لوجه الله منذ عشر سنوات ، ولقد أجرى معي الكاتب قصتي :
بالماضي ، وأقصد بها أيام الطين والبيوت الشعبية ، وهذا قبل عقود مضت ، كان سر مهنتي أن أدهن جسمي بالسدر والبيض وأخرج بالليل والناس نيام ، وأكون شبه عريان مع وضع الكحل أو الصبغ بوجهي كي أغير ملامحي ، ومن يحاول الإمساك بي سيعود بخفي حنين كما يقال ، لأني سأتملص منه كما يتملص اللسان من صاحبه أثناء الغضب، وعادة أخرج بصيد وفير من التمر والخبز وبعض النقود أن وجدت ، كريالات الفضة وبعض الذهب ، لكن مع الأسف الناس في حالة تقشف والفقر المدقع بكل مكان ، فنادراً أجد ما يسرق من النفائس .
في هذا العصر ، وقد أخذ مني الزمان مأخذا ، وتضاريس عضلاتي قد تأثرت بتقدم العمر وتقلبات الحياة ، وأسناني تناثرت هنا وهناك داخلي كهف فمي ، وقبل أن أتوب وألبس الثوب الأبيض ، قلت لنفسي لأجرب وأعمل شركة سرقة ليميتيد ، وبسواعد وطنية مئة بالمائة ، أو عصابة محلية كما تسمى لدى الشرفاء ، فجمعت عدد من الشباب العاطل عن العمل ، " وما أكثرهم حين تعدهم وتريدهم " و من أهملوهم أولياء أمورهم ، و ن ُهم في عازه للمال ولديهم مصاريف لا تنتهي ، المهم أصبح العدد مناسب بعد أغرائهم وإعطائهم الوعود الصادقة ، أما بالنسبة لأعمارهم ، فهم بين العاشرة حتى الثلاثين سنة ، لكن معظمهم من المراهقين .
تـتـنوع السرقات وتصنف هنا كغيرنا من البلدان ، فهي في وفرة والحمد لله طيلة العام ، فأنواع السرقات ثلاث : منها سرقة المنازل أو السـيارات أو المحلات ، فسرقة المنازل تزدهر أيام العطل الأسبوعية والرسمية والأعياد ، كون الناس تهجر بيوتـها وترحل إلي مدن أخرى داخل وخارج البلاد ، أو مما يزيد رزقنا غفلة كثير من الناس بإعطاء علامات أن بيوتهم غير مسكونة ، وأما بالنسبة لسرقة المحلات ، فصيدنا عادة على  المحلات التي تقع بشوارع غير رئيسية أو بمناطق وقرى نائية أو بعيدة عن عيون الشرطة ، أما سرقة السيارات ، فتعتمد على غباء وبلاهة أصحابها ، فمتى وجدنا سيارة في حالة التشغيل والأبواب مفتوحة، وصاحبها يتسوق بالمحل ، فما عليك إلا أن تقودها بهدوء وترحل .
الحمد لله أني تبت توبة نصوحة ويشهد الله على ذلك ، ولم أعد أعمل بالسرقة بعد سلمت نفسي وتلقيت جزائي ، وقضيت ثمان سنوات من عمري بالسجن ، لكن عندما سألني الكاتب عن سرقة هذا الزمان ، فقلت وحسب خبرتي : لقد أصبح الناس أكثر غباءً مع احترامي لهم من ذي قبل ، والآن إشارات السرقة أفضل من ذي قبل ، فالرسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الإلكتروني بأنواعها ، تعج بأخبار البيوت الخاصة ، والتي تخبر بسفر هؤلاء أو خروج أولئك من البيت ، أو أن يخبر أحد أبنائهم الشريك بلعبة مع بعض العصابات عن موقع بيتهم ، ومتى سيسافرون ، فيوضع بيتهم في القائمة ، أتذكر بالماضي أننا سرقنا بيت بعد خروج أصحابه لأربع ساعات فقط ، ولقد أخبر صاحب المنزل عامل البقالة المجاورة بذلك ، واتصالاتنا حصلت على الخبر بعلبة سجائر .
أتذكر كيف نجتمع نحن أفراد العصابة ، وندعو الله أن يكثر من أعداد الأغبياء بالمجتمع ، وخاصة سائقي السيارات ، وأن يتركوا سياراتهم مفتوحة وهي تعمل وبها بضاعة ، وأعداد هؤلاء الأغبياء في ازدياد ، لكن أحياناً يحرمونا من سرقتها ، وخاصة بوجود أطفال ونساء بها ، فمهما يكن نحمل بعض الإنسانية . فكرتي من طرح قصتي للجمهور ، أن أضعها نصيحة كحلقة بأذن كل إنسان ، وهي أن يكون الإنسان حذر طيلة الوقت ، وأن لا يأخذ الأمور ببساطة ولا مبالاة ، أو بسذاجة ، وخاصة في الخصوصيات العائلية والشخصية ، وأن لا تتركوا منازلكم عرضة للسرقة ، أو تترك البيوت والسيارات مفتوحة ، أو بوضع جهاز ثمين كالجوال وغيره أمام اللصوص بالسيارة ، ويقول المثل الشعبي " المال السايب يعلم السرقة " ، ولقد تنوعت وتعددت السرقات هذه الأيام، فظهرت سرقة الحسابات الإلكترونية ، والحسابات البنكية ، وسرقة الأسهم ، وتزييف الأموال ، وكل هذا لم نعيشه بزماننا والحمد لله .
نسيت أخباركم عن مهمة صغير السن بالعصابة، فعادة يكون نحيف وخفيف الحركة ، فهو مفتاح السرقات ، وخاصة المنازل ، لأننا ندخله بجوف صندوق التكيف خلف البيت بعد رميه إلي الداخل  ، ثم يفتح الصبي لنا أي باب ندخل منه ، فاتقوا الله في أبنائكم ، واجعلوهم تحت عيونكم ، وخاصة بزمانكم ، زمن أنقلب فيه الليل نهار والنهار أصبح للنوم ، ولم يعد ينفع سدر وبيض في زمانكم العصري ، وبالمناسبة ! أين دوريات الشرطة التي كنا نراها من قبل تجوب الشوارع ؟ لقد نفقـت ! ألم تلاحظوا ذلك .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فوزي صادق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/02



كتابة تعليق لموضوع : حرامي زمان !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net