صفحة الكاتب : بوقفة رؤوف

أنماط التغيير
بوقفة رؤوف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

                  تكلم الاستاذ علي شريعتي عن ضرورة معرفة نمطنا الثقافي وذكر كمثال أن : " النمط الثقافي لليونان نمط فلسفي والنمط الثقافي للرومان نمط فني وعسكري والنمط الثقافي للصين نمط صوفي - المقصود هنا الثقافة التاريخية – والهند ذات نمط ثقافي ديني ,أما النمط الثقافي عندنا فهو النمط الديني الإسلامي ." والأنماط الثقافية هي أنماط اجتماعية , وكل عملية تغيير تكون حسب النمط الثقافي للمجتمع ولا تنجح عملية التغيير إلا إذا كان نمطها نفسه النمط الثقافي للمجتمع , فإذا كان التغيير مثلا ذو نمط فلسفي في مجتمع صاحب نمط ثقافي فني عسكري فسوف يفشل التغيير وكذلك التغيير ذو النمط الصوفي في مجتمع صاحب نمط ثقافي ديني سيكون مصيره الفشل ولو بعد حين لأن النسيج الاجتماعي سيرفض الجسم الغريب و يلفظه وسيستميت في مقاومته حتى الإجهاض عليه هذه سنة اجتماعية و علمية وتاريخية والتغيير تقوم به النخبة المثقفة , فان كانت النخبة المثقفة ثقافتها لا تتشارك مع ثقافة مجتمعها , بل ربما ترى مجتمعها وثقافته بنظرة دونية و تتهم ثقافة مجتمعها بأنها سبب الوضع السيئ الذي يحتاج لتغيير فان محاولة التغيير هذه لن تتم وان تمت فلن تعمر طويلا ونمط التغيير الذي يكتب له النجاح ونحن هنا نتحدث عن الأداة لا عن المستخدم , فالشخص الذي يريد أن يدافع عن نفسه ويختار من بين الأشياء المتوفرة أمامه قارورة ماء بلاستيكية أو حذاء ويترك مثلا العصا فإننا نتهمه بالحمق أو الجنون أو عدم الصدق أو الجدية في الدفاع أو ربما حتى نشكك في نواياه ونتهمه بالخيانة و التواطؤ , وقد يختار النمط الصحيح لكن دون نتيجة وهنا ليس العيب في النمط بل في الفارس الذي استخدم السلاح فالسيف مهما كانت حدته وجودته ومدى إتقان صنعه لا يجعل من حامله فارسا ,انه أداة نصر وليس هو النصر كذلك الأمر في نمط التغيير هو أداة التغيير وليس هو التغيير لأن للتغيير معادلة ستتضح أطرافها في هذا التحليل ونمط تغير مجتمعنا هو النمط الاحساني , لأن مجتمعاتنا الإسلامية مجتمعات ذات عاطفة دينية , يحركها الدين وقد فطن لهذا الأمر واستغله كل من الحكام و الاستدمار , فيروى والعهدة على الراوي ان المعمر الفرنسي في زمن المجاعة في الجزائر يقوم ببناء قبر وهمي أو فارغ ويشيع بين الناس انه قبر ولي صالح في مزرعته المترامية الأطراف , فيتحول الأهالي من لصوص يسرقون من خيرات المزرعة إلى حراس لقبر الولي الصالح وللأرض التي يرقد فيها ويحرمون على أنفسهم ما نبت على ارضها مخافة غضب الوالي والمشكل ليس في الدين بل في استغلال العاطفة الدينية الفطرية لدى المجتمع لأجل تحقيق بها مكاسب سياسوية , كجعل بعض الحكام من الدين عامل الهاء عن المطالبة بالحقوق فيتحول الدين من مخدر يخدر الشعب بالقضاء والقدر والصبر على جور الحاكم وطغيانهم وتحوله بعض الحركات الدينية الى ثورة جارفة تهلك الحرث والنسل وتأتي على الأخضر واليابس إن الإسلام المرجع في النمطية التغيرية هو الدينامكية المتحركة بقوة تدفقية دافعة إلى الإمام الذي يسير مع الأخلاق وبالأخلاق في صالح الإنسانية جمعاء وبالتالي من العبث التعويل على نمط تغيير ي آخر كالنمط التحرري الشكلي الغربي الذي يقتصر التغيير فيه على مماثلة المظاهر الشكلية الغربية المتمثلة في الحريات الفردية . وان التغيير الإيديولوجي سيكون كذلك مصيره الفشل سواء كان الايدولوجيا الشيوعية والتي اثبت الواقع فشلها او الايدولوجيا الغربية والتي سيثبت المستقبل القريب فشلها وكذلك الايدولوجيا الدينية بداية من محاولة البعض أدلجة الإسلام وتقديمه كايدولوجيا ومحاولة فرضه على الجميع بالإغراء في جهة وبالقوة في جهات أخرى , فاسلام التغير روح ثاءرة هادئة , ليست بمدمرة ولا مخربة , انها آمنة أمينة ترتقي بالانسانية في مدارج الكمل لتخرج لنا الانسان المتكامل وتبرز منه افضل ما يملك .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بوقفة رؤوف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/07



كتابة تعليق لموضوع : أنماط التغيير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net