صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) – 10 /10
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
اخيراً يعترف احمد القبانجي صراحةً وعلى الملأ انه ليس هناك اثبات منطقي لنظريته !! حيث قال ان نظريته وبقية النظريات لا يمكن اثباتها بالدليل المنطقي !! اذن هو يعترف ان نظريته لا يمكن اثباتها بالمنطق وهذا يفسر لماذا كان يتهرب دائما حينما نطلب منه ان يبين لنا دليله على وجود الوجدان ودليله على ارتباطه بالله سبحانه ودليله على ان الوجدان هو اله داخل الانسان ، كان يتهرب من كل ذلك وقد اتضح الان باعترافه ان نظريته الوجدانية لا يمكن اثباتها بالمنطق وهذا يعني انها نظرية غير عقلائية ، ومع ذلك يروج لنظريته غير المنطقية ويطلب من الناس الايمان بها !! فما اشد ما يذكرني موقفه هذا بموقف ابليس يوم القيامة الذي يحكيه لنا القرآن الكريم بقوله تعالى: ((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) ، نعم احمد القبانجي ليس له سلطان ولا دليل وهو نفسه يعترف الان في الدنيا بان نظريته ليس لها اثبات منطقي فما حاله يوم القيامة الا ما يماثل ما ذكرناه في الآية المباركة !
وفي معرض مداخلة من احد الحضور حول الاعجاز الغيبي للقرآن الكريم ذكر ذلك الشخص ان من وجوه الاعجاز الغيبي للقرآن الكريم هو سورة المسد حينما اخبرت هذه السورة المباركة ان ابا لهب سيموت كافراً وسيعذب في جهنم في وقت كان يمكن بكل سهولة لأبي لهب ان يتظاهر بالاسلام ليبطل القرآن ويحاول زعزعة عقيدة المسلمين فيقول لهم هذا القرآن قال اني اموت كافراً وقد اسلمت... ، ولكن هذا لم يحصل لأن ما يقوله القرآن حق ويقيني التحقق وهو وجه من وجوه الاعجاز الغيبي له ، ولأن احمد القبانجي ينكر ويجحد اي وجه اعجازي للقرآن الكريم ، يجحده تعنتاً وبلا دليل فقد رد على هذه الحقيقة فانكر ان تكون سورة المسد نزلت في حياة ابي لهب وقال ان كلام المفسرين ليس بحجة لأنهم كتبوا تفاسيرهم بعد قرن او قرنين من نزول القرآن !! وهذا المسكين لا يعلم ان المسلمين متفقون على ان سورة المسد مكية لأنهم يعرفون انها نزلت في مكة قبل الهجرة وتوارثوا هذه المعلومات جيلا بعد آخر منذ بداية الاسلام وحتى الان ، عرفوا هذه الحقيقة ورووها قبل ان يكتب المفسرون تفاسيرهم ، توارثوها لأنها حقيقة ، اي انها فعلاً نزلت في مكة المكرمة قبل الهجرة وهم يعرفون ذلك جيداً.
حسنا لو افترضنا جدلاً ، وجدلاً فقط ، ان سورة المسد مدنية ، فهلا اخبرنا احمد القبانجي لماذا تتحدث السورة عن ابي لهب مع ان دوره قد ضعف في معارضة الاسلام بعد الهجرة المباركة ، وهو حتى لم يشارك في معركة بدر بل توفي بعدها. ولماذا لم تنزل السورة في مكة ايام ذروة عداء ومقاومة ابي لهب للاسلام ! لماذا تاخر نزولها كل تلك السنين لتنزل في وقت لم يكن لأبي لهب شأن يذكر سواء تبت يداه ام لم تتب !!؟ ألا تثير نظرية احمد القبانجي هذه اشكالات عديدة تخلو منها النظرية الاسلامية التي تثبت حقيقة نزولها قبل الهجرة.
بل لو كانت سورة المسد مدنية لظهرت اشكالات غير موجودة حالياً مثل التساؤل حول سبب النزول المفترض لهذه السورة في المدينة بعد ان ضعف دور ابي لهب في معاداة الاسلام ولم تنزل ايام قوة الدور المذكور في مكة وما هي فائدة ان تنزل سورة لتقول ان ابا لهب الكافر في النار لأننا نعرف ان جميع الكفار في النار ! اذن كل هذه الاشكالات بعيدة عن الواقع لأن سورة المسد مكية وفيها دليل اكيد على وجود الاعجاز الغيبي في القرآن الكريم.
اذن وبحسب مبدأ احمد القبانجي الذي ذكره في هذه المحاضرة وغيرها بقوله ان الناس سيختارون الاخذ بالنظرية التي تمتلك اقل اشكالات واكثر حلولاً ، اذن الناس يجب ان ياخذوا هنا بالنظرية الاسلامية لانها لا تثير اشكالات بخلاف نظرية احمد القبانجي التي تثير اشكالات ومواقف بعيدة عن المنطق !؟
وحاول احمد القبانجي ان يجد مبرراً لفكرة تنبوء القرآن بمصير ابي لهب وموته كافراً بعد ان رأى ان القول بمدنية سورة المسد لا يمكن قبوله تأريخياً ، فقال: (والانسان يعلم ان هتلر وصدام وستالين في جهنم لأنهم تمحضوا في الشر فنحن نفهم ذلك فكيف النبي لا يفهم ان هذا الانسان تمحض في الشر وانطفا نور الوجدان في قلبه فلا يهتدي ابداً) ، وكلامه هذا بعيد عن الصواب من جهتين ، الاولى ان احمد القبانجي يتصور انه لمجرد تمحض ابا لهب بالشر فهذا يعني امكانية ان نجزم بموته كافراً  متناسياً انه في ذلك العصر وجدنا العديد من المتمحضين في الشر قد اسلموا ونزعوا قيود الشر من اعناقهم وتغيرت حياتهم سواء كان تغيرهم ظاهرياً كابي سفيان او حقيقياً كغيره من بعض الصحابة ، فذاك هو زمان النبوة ومعجزاته الخالدة التي اذعنت لها عقول الناس وغيرت حياة العديد من الاشرار ، فهذا عبد الله بن الزبعري الشاعر الذي كان يهجو النبي (صلى الله عليه وآله) اشد الهجو وقد تمحض في الشر هو الاخر حتى انه وصف شره وضراوة مخاصمته للاسلام بقوله مخاطباً النبي (صلى الله عليه وآله) – كما في سبل الهدى والرشاد للصالح الشامي ص251- : (لقد عاديتك واجلبت عليك وركبت الفرس والبعير ومشيت على قدمي في عداوتك ، ثم هربت منك الى نجران وانا اريد ان لا أقر بالاسلام أبداً ، ثم ازادني الله منه بخير والقاه في قلبي وحببه الي).
وبمراجعة قصة اسلام عمر بن الخطاب وما يروى من ان النبي (صلى الله عليه وآله) دعا الله سبحانه ان يهدي احد العمرين اما عمر بن الخطاب او عمرو بن هشام (ابو جهل) نستدل على انه في ذلك العصر كان من المعتاد ان يسلم العديد من المتمحضين بالشر ولذلك نجد ان ابا جهل كان يمكن ان يكون مسلماً ولا يمكن ان يقول احد حينذاك ان فلاناً قد تمحض في الشر فلا نرجو اسلامه بدليل ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يرجو اسلام عتاة المشركين ويدعوهم للاسلام ودعوته التي شملت ابي جهل مثال واضح على ذلك. فتسقط نظرية التمحض في الشر التي ذكرها احمد القبانجي والتي مثل لها بهتلر وستالين وصدام. فليس زمانهم مثل زمان النبوة ونورها ومعجزاتها الظاهرة.
والجهة الثانية نجد ان موقف ابي لهب يختلف عن موقف هتلر وستالين وصدام اللعين ، ولو تعرض هؤلاء لمواقف يجدون فيها مصلحتهم في اظهار غير ما يضمرون من شر مطبق في داخل نفوسهم لفعلوا ذلك بلا تردد ، فلسنا نتحدث عن تمحض بالشر بل نتحدث عن خداع جبابرة الكفار للآخرين والتظاهر لهم بمظهر يختلف عن حقيقته مثل امكانية ان يتظاهر ابي لهب بالاسلام لضرب القرآن والعقيدة الاسلامية مع استمرار محض الشر في داخله بل ان تمحض الشر هو من يدفعه لأعتناق الاسلام ، وهذا ما حدث مع ابي سفيان الذي تمحض في الشر هو الاخر ولكنه اعلن اسلامه مخادعة ، وكذلك نجد ان طاغية العراق قد تلبس بالدين واطلق ما اسماه بالحملة الايمانية في التسعينيات الماضية حينما وجد ان مصلحته ومصلحة بقاء واستمرار نظامه هو في التظاهر بالتدين ، مع استمراره في نفس نهجه الدموي وتمحضه في الشر.
اذن لم يكن موت ابي لهب على الكفر يقينياً لولا ان القرآن الكريم قد اخبر به. ومعلوم ان سورة المسد لم تتحدث عن ابي لهب وحده بل تحدثت عنه وعن زوجته ام جميل حمالة الحطب وقد مات كلاهما كافران فعلاً.
وليست قصة موتهما (ابي لهب وزوجته حمالة الحطب) كافرين هو الاعجاز الغيبي الوحيد في القرآن الكريم والمتحقق واقعاً في الدنيا ، بل إنَّ هناك معجزات غيبية عديدة مثل اخباره عن انتصار الروم على الفرس في بضع سنين اي بين الثلاث والتسع. والمعجزة القرآنية العظيمة التي أكدت على ان القرآن الكريم لن يقع فيه تحريف او تغيير وانه كتاب محفوظ. ورغم محاولات اعداء الاسلام محو القرآن وطمسه او طمس معالم بعض آياته الكريمة او تبديلها فان محاولاتهم جميعاً باءت بالفشل.
فالقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في العالم الذي تحدى الجميع بأن يأتوا بمثله ولم يتمكنوا من ذلك ، وهو الكتاب الوحيد الذي قال عن نفسه انه من عند الله سبحانه وان الله يحفظه من التبديل والتغيير ، وقد حدث ذلك فعلاً منذ 1400 سنة ولحد الان فهو محفوظ من التغيير والتبديل والضياع ، والذي لم يتمكن احد من فعله طيلة تلك القرون ولحد الان لن يتمكنوا من فعله الى الابد.
ثم عاد احمد القبانجي للتحدث عن مقارنة نظريته مع الـ "نظرية الاسلامية" على حد تعبيره وقال ان نظريته تتجاوز نظريات علماء الاسلام التي تقول ان الله عنده عرش ويد وعذب الرجال والنساء !! وقد تطرقنا في الحلقة السابقة الى اشكالية الموت الجماعي للنساء والاطفال والتي يسميها احمد القبانجي خطأً بالتعذيب ! وبينا انه امر مقبول من الناحية العقلية. ومن خلال مراجعة احصائيات الوفيات العالمية وجدنا انه خلال ثلاثة اشهر فقط ماضية من هذا العام (2011م) كان عدد الوفيات اكثر من خمسة عشر مليون انسان باسباب متعددة (صحية وحوادث) ، وأيضاً وجدنا ان اكثر من مليون انسان ماتوا خلال الشهور الثلاثة الماضية ـ منذ بداية السنة ـ بسبب الامراض المنتقلة من خلال الماء على سبيل المثال ! تصوروا هذا العدد الكبير من البشر يموتون بصورة طبيعية كأن تكون ازمات صحية او حوادث وغيرها. وسواء كان هذا العدد متفرقاً في جميع بقاع الارض كما هي حقيقته او في مكان واحد كالاوبئة مثلاً كما يمكن ان نفترض في حالات مشابهة لحالات الابادة الجماعية التي تكون انتقاماً من الله سبحانه للظالمين ، فالنتيجة واحدة وهي ان الوفيات الجماعية لا تتعارض مع مفهوم عدالة الله سبحانه.
اما اعتراض احمد القبانجي على وجود العرش فمبني على رفضه للتاويل حيث ذكر علماء المسلمين ومفسروهم استناداً الى ادلة معتبرة عندهم للعرش معاني عديدة كالعلم وغيرها ، لكن احمد القبانجي يرفض التاويل ويريد ان يفهم آيات القرآن وفق نظرية غربية اسمها (الهرمنيوطيقا) وهي نظرية لعلها تصلح لفهم بعض النصوص البشرية اما النصوص الالهية فلا تصلح للتطبيق عليها ، وهذه النظرية في فهم النصوص مبنية على الفهم المجرد للفظ بدون تاويله ووفقاً لفهم وذوق وثقافة من يقوم بعملية الفهم ، وهو امر متفاوت من شخص الى آخر ! وبالتالي سيظهر لنا لكل نص عدة تفسيرات هرمنيوطيقية تبعاً لتعدد ذهنيات واذواق وثقافة من يقومون بعملية الفهم المذكورة. علماً ان هذه النظرية لا تصلح لفهم آيات القرآن الكريم ، فالتاويل حقيقة اكيدة في القرآن الكريم ، وبعض آيات القرآن الكريم لا يمكن فهمها بدون تأويل اللفظ واعطائه معنى آخر غير ما يحمله من لفظ ، فمثلاً قوله تعالى في سورة الاسراء الآية 67: ((وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراً إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراًإِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراًَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراً)) ، هذه الآية المباركة لا يمكن تفسيرها وفهمها بدون تاويل لفظ ضلّ الى معنى التغييب والاخفاء ، ولا يمكن فهمها وفق منهج الهرمنيوطيقا !؟ وليست هي الآية الوحيدة التي لا يمكن فهمها بدون تاويلها. اذن وجود العرش وتاويل معناه هو امر مقبول في الفكر الاسلامي وفي الفكر الانساني.
ايضاً نجد ان الهرمنيوطيقا لا تصلح لفهم بعض النصوص البشرية ايضاً مثل قول الشاعر:
عيون المها بين الرصافة والجسر  ... جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري
لأنه حسب هذه النظرية فان فهم احمد القبانجي لهذا الشعر سيحتم عليه ان يقول ان الشاعر يتغزل ببقرة كانت تعبر جسراً في بغداد !! لأنه يرفض التأويل ويريد الفهم وفق معنى اللفظ فقط !!
واضاف احمد القبانجي ان "الاله المطلق" غير متكلم اساساً !؟ واما صفات السميع والبصير كما في القرآن الكريم فيعترض احمد القبانجي عليها ويقول انها صفات انسانية وليست صفات الله !! فمن المؤكد ان الله سبحانه ليس بمتكلم اذا كان يقصد بالتكلم وجود اداة او آلة للتكلم كما في الانسان ، بل إنَّ عقيدتنا تقول ان الله سبحانه يخلق الكلام فهو متكلم بمعنى قدرته على ايجاد الكلام ، وهو متكلم بذاته وليس بامر خارج عنها.
اما بقية الصفات كالسميع والبصير التي زعم انها صفات انسانية فليس الامر كما توهم انما هي صفات يعرفها الانسان ويفهمها ويعرف معانيها ولكي يعرف الله سبحانه فلا بد ان يصفه بصفات يعرفها الذهن البشري وهذه القضية طبيعية ، ولكن المسلم حينما يستعمل صفة ما لوصف الله سبحانه فإنه يعطيها ابعاداً جديدة وهذا ما لم يلتفت اليه احمد القبانجي ، فحينما نقول ان الله سبحانه سميع فانما نقول انه سميع بذاته وليس بامر خارج عنها كما انه سميع منذ الازل بدون حاجة لوجود مخلوقات فهو سميع قبل الخلق وبعده. وكذلك فهو عليم بذاته وهو عليم قبل وجود الموجودات وليس كالانسان الذي لا يعلم الشيء الا بعد وجوده. كما ان الانسان لا يبصر الشيء الا بعد انعكاس الضوء عليه بينما الله سبحانه بصير منذ الازل وقبل ان يخلق الكون وقبل ان يخلق اي شيء. فلو كان القرآن صادراً عن ضمير الانسان او عن افكار انسانية لأعطى للصفات التي  يصف بها الله سبحانه ابعاداً انسانية ولكن هذا لم يحصل بل ما حصل ان صفات الله سبحانه ذات ابعاد إلاهية رغم اشتراكها اللفظي مع صفات يوصف بها الانسان احياناً.
ومن المعلوم أنَّ هناك صفات لا يصح وصف احد بها الا الله سبحانه ، مثل صفة الرحمن ، فلا يقال لشخص مثلاً كن رحمن او انت رحمن بل يقال كن رحيم او انت رحيم ، لأن صفة (الرحمن) مختصة به سبحانه وهي بمعنى انه لا تنفك عنه الرحمة.
 اذن لا بد للانسان من ان يستعمل كلمات مفهومة لذهنه لكي يتمكن من تداول المعارف !! وفي هذا الصدد يقول السيد عبد الله شبّر في كتابه (حق اليقين) في الفصل الثالث عن بيانه للصفات الثبوتية نقلا عن الشهيد الثاني (رحمه الله): (وعلى هذا فيمكن ان يقال يكفي في معرفة الله تعالى اعتقاد وجوب وجوده وقدرته وعلمه ، بل اعتقاد وجوب وجوده وبالجملة فالحق ان صفاته تعالى اعتبارات نحدثها عند عقولنا عند مقايسة ذاته تعالى الى غيرها ، ونظراً الى آثاره الصادرة عنه تعالى انه لما اوجد مقدوراً صادراً عنه تعالى اعتبر له قدرة كما في الشاهد ، وهكذا حيث وجد هناك معلوماً اعتبر له علم إلى غير ذلك وإلا فذاته المقدسة لا صفة لها زائدة عليها وإلا لزم كونها محلاً لغيره إنْ قامت به ، وقيام صفته بغيره إن لم تقم به ، وكلاهما بديهي البطلان وعدم قيامها بشيء بل بنفسها أظهر بطلاناً ، فالكل راجع الى كمال الذات المقدسة وغنائها ، لكن لما كانت عقول الخلق متفاوتة في الاستعداد حتى إنه تدرك كثرة عصمة من اطلعت على كثرة صفاته الجميلة كما هو الواقع في الشاهد لوحظت هذه الصفات والاعتبارات ليتوصل بها الخلق الى معرفة خالقهم على حسب استعدادهم ، ثم إنه قد ينكشف عليهم بسببها أنوار كبريائه عند الاحاطة بحقائقها وأنها ليست إلا اعتبارات فلا يجدون في الوجود إلا ذاتاً واحدة واجبة مقدسة كما اشار اليه امير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: (وتمام توحيده نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف وبشهادة كل موصوف انه غير الصفة) وحينئذٍ فلا حرج في اختلاف العبارات في تعداد هذه الصفات فإن الغرض منها تقريب معرفة الواحد إلى افهام التوحيد).
اذن هي صفات ذات ابعاد الاهية تليق بكمال الله وجلاله وتفرده ، وقد تعارف الحكماء والفلاسفة والعقلاء على وصف الله تعالى بصفات تليق بمجده وعظمته. بينما نجد ان احمد القبانجي يخالفهم ولكنه نفسه قال في كلام له ان العرفان يسمون "الله المطلق" على حد تعبيره بأسم "هو" مع اننا نعلم ان (هو) ضمير يعود على العاقل ويستعمله البشر للاشلرة لبعضهم البعض على نحو التحدث عن الغائب ، بينما الله سبحانه حاضر في كل مكان !! اذن العرفاء عندما استعملوا هذا الضمير فقد العطوه ابعاداً جديدة غير بشرية.
اما احمد القبانجي فماذا فعل حينما اراد ان يصف الله سبحانه ؟! لقد تناقض في وصفه مع اعتراضه فاستعمل تعبير "الله المطلق" لوصف الله عزَّ وجل ، وهذا التعبير غامض ولا يلبي الحاجة لمعرفة الله تعالى بصورة مباشرة ، لأننا سنتسائل ما معنى كونه "مطلق" ؟ مطلق باي شيء ؟ فلن تكون امامه اجابة سوى انه مطلق في قدرته وعلمه ومغفرته وحلمه ورحمته ! اذن عاد احمد القبانجي الى استعمال الصفات البشرية التي اعترض عليها فوصف الله سبحانه بصورة غير مباشرة بانه قدير وعليم وغفور وحليم !!
ان محاضرة (نقد الاعجاز القرآني) تكشف بوضوح تهافت افكار احمد القبانجي وضعفها وانها لا تصمد امام النقد. واعجب ما في المحاضرة ما ذكرناه ان احمد القبانجي نفسه يقول ان نظريته التي يروّج لها لا يمكن اثباتها بصورة منطقية !!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/15



كتابة تعليق لموضوع : الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) – 10 /10
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : س ، في 2016/05/31 .

يعطيك العافيه

• (2) - كتب : anas ، في 2012/08/12 .

الله عليك يا بطل فضحته الله يكثر من أمثالك ويقلل من أمثال الملحد الزنديق أحمد القبانجي

• (3) - كتب : المنصف ، في 2012/04/04 .

لله درك يانبيل لله درك يااصيل وهل بعد هذا البيان من بيان اعطاك ربي من العلم الوفير والبيان الغزير تقبل مروري واحترامي





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net