منجزات الحركة التصحيحية في عهد الأب.. والابن.. وحزب البعث (1)
محمد حسن ديناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد حسن ديناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قامت الحركة التصحيحية في سورية في السادس عشر من تشرين أول ( 1970 ) بانقلاب عسكري قام به الرفيق حافظ أسد ضد رفاقه البعثيين ، يوم كان وزيرا للدفاع ، ثم رشح نفسه للرئاسة كمرشح وحيد بعد أن قذف بخصومه السياسيين من رفاقه البعثيين في غياهب السجون ، وقد حفلت فترة حكمه التي امتدت ثلاثين عاما بانجازات كثيرة ، ثم انسحب حكمه إلى ابنه بشار الذي ورث الحكم عنه بعد تعديل للدستور في عام (2000) ، وورث معه كما هائلا من الإنجازات ، ليستلم الراية من بعده ، ويتمم ( الابن ) مسيرة انجازات الحركة بعد (الأب ) .
وسنبين فيما يلى أهم هذه الإنجازات ، لأنه من الصعب بمكان الإحاطة بها وحصرها جميعا ، لما غيرت من وجه سورية الحضاري داخليا وخارجيا ، وما انعكس بدوره على دول الجوار والسياسة والتحالفات الخارجية الجديدة .
1- مجزرة حماة والتي تسمى بحق مأساة العصر : حدثت في شباط ( فبراير) 1982 في عهد الأب حافظ الأسد ، ذهب ضحيتها أربعين ألفا بحسب تقديرات منظمات حقوق الانسان ، بينما قدرتها القيادة القطرية لحزب البعث بمائة ألف ، بعد قصف المدينة بالدبابات والمدافع الثقيلة ، ودكها بالطائرات وراجمات الصواريخ لمدة عشرين يوما تقريبا ، وتم مسح أحياء كاملة من خريطة المدينة ، حولها النظام إلى حدائق ترقد فوق جثث آلاف الضحايا الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال والرضع ، ومما يجدر ذكره فقد حدثت المجازر في أغلب المدن والقرى السورية كمجزرة حماة الأولى والتي حدثت في نيسان ( أبريل ) 1981، ومجزرة حلب في حي هنانو والمشارقة صبيحة العيد ، ومجزرة جسر الشغور ، وسرمدا ..... وغيرها ..... وهذه جميعها في عهد الأب ، وما يحدث الآن من مجازر في عهد (الابن ) بشار ، في مدينة درعا الباسلة والصنمين ، ومدينة دوما وحمص وبانياس واللاذقية ، وما زالت السلسلة متواصلة لا نعلم أين ستنتهي وكيف ؟ .
2 - مجزرة تدمر: حادثة فريدة من نوعها ، حدثت في سجن تدمر الصحراوي في السادس والعشرين من شهر حزيران (يونيو ) 1980 ، في عهد الأب حافظ ، تولى تنفيذها أخوه رفعت قائد سرايا الدفاع في حينها ، حيث قام عناصره من سرايا الدفاع – باعترافاتهم المسجلة - بإطلاق النار على سجناء الرأي السياسيين من خيرة أبناء الوطن ومثقفيه ، وهم داخل السجن بعد تجميعهم داخل مهاجع واسعة ليسهل استهدافهم وذبحهم بشكل جماعي وفق خطة محكمة مدروسة ، فقتل ما يقرب من ألف ومائتي شهيد على أقل تقدير ، وقد انسحبت هذه الظاهرة المروعة في عهد الابن (بشار ) في مجزرة سجن صيدنايا في تموز( يوليو) 2008 ويشرف على تنفيذها أخيه ماهر الأسد ، ومازال الغموض – حتى هذا التاريخ - يلف تفاصيل هذه المجزرة المروعة التي راح ضحيتها العشرات .
3 – استمرار سريان قانون حالة الطوارئ : وانسحابه على عهد ( الأب والابن ) منذ انقلاب البعثيين في آذار 1963 ، وتفعيل القانون لإذلال المواطنين وامتهان كرامتهم ومصادرة حريتهم في منع التظاهر وتجريم حرية التعبير ، وحق التدخل في جميع أمور حياتهم اليومية العامة والخاصة من حق التنصت والتجسس ، ومعاملتهم كمواطنين تحت الإحتلال ، وعبيد مسخرين لخدمة مزرعة القائد وحزب البعث الحاكم .
4 – تعديل الدستور الأول في عهد الأب عام ( 1973) : وقد كان الهدف من ذلك تعديل عدة مواد ، الهدف منها التضييق على الحريات ، والإسلاميين خاصة ، وتكريس السلطات والصلاحيات أكثر مما هي عليه بيد الرئيس والحزب القائد ، وقد زج على أثر هذا التعديل عدد كبير من الإسلاميين في السجون والمعتقلات بسبب اعتراضهم ونقدهم لتلك التعديلات .
5- التعديل الثاني للدستور لتوريث الابن ( بشار ) ، من قبل مجلس الشعب بزمن قياسي عالمي لا يمكن أن ينافسه أحد في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ، وذلك بتخفيض السن القانونية لمرشح رئيس الجمهورية ، حتى يعتلي بشار سدة الحكم ، ويصبح الدستور على مقاسه تماما .
6 – حزب البعث الحاكم والذي تسلق الحكم بعد انقلاب عسكري هو الحزب القائد للدولة والمجتمع بحسب المادة (8) من الدستور ، وبشكل آخر يعني أنه حزب حاكم شمولي بعزف منفرد مهما كان نشازا ، وبتجريم التعددية الحزبية على مستوى المجتمع ، وأي نشاط سياسي مخالف أو رأي مغاير لتوجهات وإيدولوجيا الحزب القائد يجرم صاحبها تحت طائلة المسؤولية وعقوبة قانون أحوال الطوارئ السيء السمعة ومعرض للمساءلة والتحقيق والاعتقال و.... .
7 - تحالف نظام الحكم الأسدي مع إيران في عهد حافظ ( الأب ) في دولة يحكمها حزب بعث علماني ، تتبنى القومية مبدأ ، وتأخذ من الوحدة العربية شعارا لها ، في حلف استراتتجي مع إيران الفارسية الخمينية وتحت مسمى دولة دينية وبولاية الفقيه ، ضد حربها على العراق دولة الجوار العربية ، ويحكمها حزب البعث ، بنفس الأفكار والإيدولوجيا التي يحكم بها النظام السوري ، بل إن مؤسس حزب البعث ومنظريه كميشيل عفلق والياس فرح وأكرم الحوراني وشبلي العيسمي .... وغيرهم كانوا يقيمون في العراق وينظّرون لحزب البعث ، القائد للدولة والمجتمع أيضا في العراق ، مع الإشارة إلى الموقف القومي البطولي الذي قامت به العراق في حرب تشرين ( إكتوبر)1973 في عهد حافظ (الأب ) ، من دعم الجبهة السورية وتسيير جيش كامل لدعم الجيش السوري ضد إسرائيل وهو في أشد الحاجة له يومه ، مما أوقف زحف الجيش الإسرائيلي باتجاه دمشق .
8 – تأسيس سياسة توريث الحكم في نظام جمهوري ، طالما انتقد الأنظمة الملكية واتهمها بالتخلف والرجعية ، ليسن سنة سيئة في التاريخ العربي المعاصر ، شجعت من بعده على السير في هذا النهج ، والأنكى في الأمر أن ذلك تم بتعديل دستوري في ما يسمى مجلس الشعب ، بطريقة هزلية وإخراج رجعي متخلف – مخالف للدستور – في زمن قياسي لا ترقى إلى مستواه أكبر الامبراطوريات ولا يناله أولو العزم .
9 – تأسيس أقوى امبراطورية قمعية ضد الشعب في المنطقة ، وذلك بتشكيل أكبر عدد من أجهزة المخابرات والأمن في العالم مع تحليها بالكفاءة التامة للتنكيل بالمواطن الأعزل ، وقمعه بجميع الوسائل اللاإنسانية مهما بلغت من اللؤم والخسة والإجرم ، وبتغطية قانونية تحت مظلة النظام وحمايته لها ، على حساب إذلال المواطن واستعباده ومصادرة حقوقه .
10 – إعلان الحرب على القيم والدين والأخلاق : بتشجيع الفاحشة وإشاعة الرذيلة ، ومراقبة المتدينيين خاصة ، وأصحاب الأفكار والتوجهات المخالفة لإيدلوجيا الحزب القائد ، بمحاصرتهم والتضييق عليهم ووضعهم تحت المراقبة المشددة ، وتعرضهم للتحقيق والمساءلة والإعتقال تحت أية ذريعة أو وشاية ، وعدم التورع من إلصاق أية تهمة ملفقة تقود إلى إنزال أقصى العقوبات بحقهم ، وقد قام النظام في عهد الأب في عام 1979بتحويل المئات من المدرسين خارج سلك التدريس ووزارة التربية بسبب الصبغة أو المسحة الدينية ، في حين لم يتم تحويل أي مدرس علماني ولو كان يملك فكرا إلحاديا ويروجه أمام الطلاب ، أو مدرسة ساقطة منافية للقيم والعرف ولا تليق بالتربية والعلم ، وتحضر للمدرسة بلباس الراقصات أمام الطالبات في المرحلة الإبتدائية .
11 – فساد إداري ممنهج : يشجع على الروتين القاتل ، واستبعاد الكفاءات ،وسيادة المحسوبيات ، وتقريب أبناء أصحاب النفوذ والوساطات ، وتعطيل الخبرات والطاقات ، مما إدى إلى تهجيرها وهروبها إلى الخارج بحثا عن لقمة العيش ، وتوظيف الفاسدين في دوائر ومؤسسات الدولة ومراكز القرارلأسباب حزبية أو طائفية أو شللية ، ووضع العوائق أمام تسيير معاملات المواطن الضرورية ، يقود ذلك بطبيعته إلى فساد إجتماعي يتجلى في نشر السرقة للمال العام والخاص ، وإشاعة الرشوة في جميع دوائر الدولة وصلت إلى حد علني في كثير من المرافق والخدمات ووزارات الدولة ومؤسساتها ، مما انسحب بدوره إلى فساد أخلاقي بسبب الفقر والعوز وضيق ذات اليد ، التي تدفع بضعاف النفوس والمحبطين إلى الكسب غير المشروع بشتى الوسائل كالسرقة والنصب والإحتيال ، والتهريب وترويج المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض للتكسب بنشر الرذيلة وبيوت الدعارة العلنية ، أو تحت مسميات أخرى لتقوم بنفس الهدف .
محمد حسن ديناوي
12 نيسان (ابريل) 2011
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat