صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

قراءات جديدة في آيات وحديث الغدير (1)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
القراءة الأُولى
 
 
 
(النبيّ وأهل بيته أولياء لدين الله)
 
إنّ مفهوم الولاية قد انطبع في الأعصار الأخيرة بحدود ضيّقة تقتصر على صلاحية الحكم السياسي بمصطلحاته الثلاثة: القضائية والتنفيذية والتشريعية، وكذلك الحال في مفهوم حقّ الطاعة. بينما مفهوم الولاية في أصل الوضع اللغوي والاستعمال القرآني والروائي أعمّ من ذلك، أي هو في معنى يساوي الدين والديانة، كما يقتضيه التدبّر في الشواهد الآتية.
 
وعلى ضوء ذلك، فالولاية تمتدّ بامتداد سعة دائرة الدين وأبوابه، وبعبارة أُخرى: الولاية تسنّم وتقلّد صلاحية كلّ شيء بحسبه، ومن ثمّ يقال: ولاية التنفيذ وولاية القضاء وولاية التشريع وولاية الإفتاء وولاية إبلاغ الرسالة، كما سيأتي في الاستعمال القرآني. وكذلك يقال: الولاية التكوينية، وهو القدرة على التصرّفات بإذن الله تعالى.
 
 
 
وفي لسان العرب: ولي في أسماء الله تعالى ; الولي هو الناصر، وقيل: المتولّي لأُمور العالم والخلائق والقائم بها، ومن أسمائه عزّ وجلّ: الوالي، وهو مالك الأشياء جميعها المتصرّف فيها.
 
قال ابن الأثير: وكأنّ الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم يطلق عليها اسم الوالي… وعن ابن السكيت: الوِلاية بالكسر ـ السلطان. وقال سيبويه: الوَلاية بالفتح ـ المصدر، والوِلاية بالكسر ـ الاسم، مثل: الإمارة والنقابة ; لأنّه اسم لما تولّيته وقمْت به.
 
وروى ابن سلام عن يونس، قال: المولى له مواضع في كلام العرب: منها المولى في الدين وهو الوليّ، وذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ}(سورة محمّد )، أي لا وليّ لهم، ومنه قول سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): “من كنت مولاه فعليّ مولاه” أي من كنت وليّه وروي أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: “من تولاّني فليتولّى عليّاً”، معناه من نصرني فلينصره.
 
وقال الفرّاء في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الاَْرْضِ}(سورة محمّد)، أي تولّيتم أُمور الناس والخطاب لقريش ـ قال الزجّاج والفرّاء: إن تُوُلِّيتُم أي وَلِيَكُم بنو هاشم  وقوله (صلى الله عليه وآله): “اللهمّ والِ من والاه” أي أحبب من أحبّه وانصر من نصره.
 
ثمّ قال: وقد تكرّر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو الربّ والمالك والسيّد والمنعم والمعتق والناصر والمحبّ والتابع والجارّ وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمُعْتَق والمنعم عليه، قال: وأكثرها قد جاءت في الحديث، فأضاف كلّ واحد لما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليه.
 
قالوا: وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والولاء في المُعتق الموالاة من والى القوم. قال ابن الأثير: وقوله (صلى الله عليه وآله): “من كنت مولاه فعليّ مولاه” يحمل على أكثر الأسماء المذكورة. وقال الشافعي: يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ}(سورة محمّد). قال: وقول عمر لعليّ: أصبحت مولى كلّ مؤمن، أي وليّ كلّ مؤمن.
 
وقال النيسابوري في وجوه القرآن: إنّ الولي على ثمانية أوجه، وذكر أنّ أحدها بمعني الآلهة، كقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ}(سورة العنكبوت)، وقوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذَوُا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ}(سورة الشورى).
 
هذا وإنّما أطلنا في نقل كلام اللغويين روماً في إثبات أنّ معنى الولاية معنىً عام إذا أُضيف إلى الدين شمل كلّ من الإمارة وبقية الصلاحيات والمناصب في الدين.
 
وبعبارة أُخرى: إنّ للولاية معنىً جامع وأصل فارد يستعمل في الموارد العديدة، وهو الذي تنبّه إليه ابن الأثير فيما تقدّم من قوله: (إنّ الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل)، أي أنّ المعنى الجامع مفاده التمكين والقدرة على التصرّف، فإذا تقرّر ذلك يتبيّن من خلال ما مضى وسيأتي من شواهد عديدة أنّ الولاية المجعولة في الأدلّة لعليّ (عليه السلام) والأئمّة (عليهم السلام) هي ولاية كلّ الدين، بما في ذلك من الإمارة والحكومة والقيام بالأُمور السياسية في النظام الاجتماعي وكذا الولاية في التشريع والقيمومة على الدين ووساطتهم في التدين بالدين، وغير ذلك من الشؤون.
 
وهذه الآية ملحمة قرآنية لقريش بأنّها ستتولّى الأُمور وتكون سيرتها ما ذكرته الآية. وفي القراءة الثانية إن تولّت بنو هاشم الأُمور ستعاديهم قريش فتضمّنت الملحمة القرآنية نبوءة مستقبلية قد جاء بتصديقها ما وقع في الصدر الأوّل للأُمّة الإسلامية.
 
فالولاية من معاني الولاية في جميع أبواب الدين، ومن تلك الأبواب الإبلاغ عن الله تعالى ممّا أبلغه النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن الله لهم خاصّة، سواء في نشأة حياته الدنيا أو حياته الأُخرى، ولا زال النبيّ (صلى الله عليه وآله) يبلّغ الإمام القائم بالأمر(عج) عن الله تعالى، وهذه هي السفارة الإلهية وإن لم تكن من سنخ النبوّة أي السبب المتّصل بين الأرض والسماء، قال الشيخ الصدوق في الاعتقادات: وقد فوّض الله تعالى إلى نبيّه (صلى الله عليه وآله) أمر دينه، فقال عزّوجلّ: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(سورة الحشر)، وقد فوّض ذلك إلى الأئمّة (عليهم السلام).
 
 
 
فالولاية الواردة لهم (عليهم السلام) في الآيات والأحاديث كحديث الغدير ـ هي ولاية كلّ الدين عدا النبوّة، فكلّ ما كان للنبيّ (صلى الله عليه وآله) فهو ثابت لهم، وكذا وساطتهم عن الله، غاية الأمر بتوسّط النبيّ (صلى الله عليه وآله).
 
وليست ولايتهم مقصورة على الولاية السياسية والرئاسة وقيادة النظام الاجتماعي، وإن كانت هذه الولاية إحدى شعب ولايتهم في الدين، وبعبارة أُخرى، إنّ الإمامة كما تقرّر في معناها ليست مقتصرة على الرئاسة العامّة وحفظ الدين في جانب الحاكمية والتدبير، بل حدودها ومعناها أوسع من ذلك بنحو يتناول الهداية التشريعية الارائية في طول النبوّة والهداية الإيصالية للنفوس إلى الكمالات الحقيقية بتدبير ملكوتي وكلّ من الهدايتين هي من موقع تكويني لنفس وروح الإمام المعصوم، نظير ما ذكره المتكلّمون في تعريف النبوّة والنبيّ من أنّها كون النفس البشرية بحيث تسمع كلام الله، أي أنّه مقام تكويني للروح النبويّة، فكذلك الحال في الإمامة فإنّها مقام تكويني كمالي وإن اختلفت سنخاً عن النبوّة، ويتقرّر من ذلك أنّ الولاية بمعناها الوسيع الشامل تتطابق(3) مع ماهية الإمامة.
 
ويجدر هاهنا الإشارة إلى جملة من الشواهد على سعة معنى الولاية بالإضافة إلى الدين وأبوابه ومقاماته:
 
أوّلاً: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}(1)، مفاد الآية يقرّر أنّ الدعوة إلى الله وهي الهداية الأرائية هي صلاحية وولاية يعطيها الله عزّوجلّ، وهذا مؤدّى قوله (بإذنه) ; إذ إعطاء الإذن إنّما هو في حقل الولاية والملكية والقدرة والسلطنة. فيظهر من الآية أنّ إحدى محطّات الولاية وشعبها هي الدعوة إلى الله والهداية التشريعية، ونظير هذا المفاد قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلا قُلْ ءآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}(2).
 
 
 
حيث أوضحت الآية التقابل بين الفريّة من جانب والفتيا بالإذن من جانب آخر، مع أنّ المتبادر في بدو النظر أنّ المقابل للافتراء هو الصدق والمقابل للفتيا بالإذن هو الفتيا بغير إذن، فجَعْل المقابلة في الآية بين الافتراء والفتيا بالإذن يقتضي كون التحليل والتحريم وبيان الأحكام الإلهية متوقّفاً على الإذن ممّن له الولاية، وأنّها أُمور مولوية، وأنّ جهة التشريع من شعب ولايته تعالى.
 
وثانياً: إنّ الجعل التشريعي قوامه بالمولوية ومولوية المولى ; لأنّ الحكم التكليفي قوامه بالطلب المولوي، والمولوية هي ولاية الباري تعالى، كما أنّ قوام الحكم الوضعي هو بالحكم التكليفي، فيكون قوام الأحكام التشريعية بولاية المولى، والتقنين ينقسم إلى سنخين من الحكم الوضعي والتكليفي، أي ينقسم التقنين إلى قانون يقرّر المعاني كالملكية والحقوق والعقود، وإلى قانون فيه اقتضاء الفعل والإلزام به، وكلّ من الحكمين أصيل في التشريع إلاّ أنّ مآل الحكم الوضعي في التشريع إلى الحكم التكليفي، ولذلك أفرط بعض علماء الأُصول في نفي تأصيل الحكم الوضعي في التشريع، وقالوا إنّه منتزع وتابع لحدود الحكم التكليفي.
 
 
 
وعلى أيّ تقدير، فإنّ الحكم الوضعي الذي هو تقرير لمعاني الأشياء كمؤدّى اعتباري قانوني، إنّما يشرّع ويقنّن لتنظيم أفعال أفراد المجتمع، أي فيؤول الحكم الوضعي وغايته الحكم التكليفي الذي يتعلّق بفعل الفرد مباشرةً، هذا من ناحية.
 
 
 
ومن ناحية أُخرى فإنّ قوام الحكم التكليفي هو بمولوية الشارع، والمولوية قوامها بولاية المولى وحقّ الطاعة له، وبذلك يكون التشريع وصلاحيته وليدة ولاية المشرّع والمقنّن على المتدين لذلك الشرع والمتّبع لذلك التقنين.
 
ويعضد ذلك أنّ فقهاء الشريعة وفقهاء القانون الوضعي في استنباطهم وقراءتهم للنصوص الشرعية والقانونية، إنّما يستنبطون الحكم ولو كان وضعياً فيما إذا كان الشارع يعمل جهة المولوية في إنشائه للحكم، أي لا يكون بداعي الإرشاد، أي لابدّ أن يكون المقنّن من جهة سيادته وسيادة القانون يقرّر ذلك النصّ القانوني لا من باب النصيحة، والإرشاد منه، وهذا ممّا يدلّل على أنّ الحكم الوضعي في تشريعه يستند إلى ولاية الشارع وسيادته، وبالتالي يتّضح لنا أنّ الولاية تتشعّب إلى الولاية التشريعية كما تتشعّب إلى ولاية القضاء والتنفيذ والتدبير.
 
ثالثاً: إنّ مفهوم الدين والديانة هو الخضوع بالطاعة في اتّجاه من له الولاية، ومن ثمّ كانت الديانة هي الطاعة، والمطاع هو الدائن، وكذلك في مفهوم الإسلام الذي هو من التسليم والخضوع. ومن ذلك يتقرّر المطلوب من أنّ ولاية النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام)، أي وجوب طاعتهم تتّسع لكلّ حدود ودائرة الدين والديانة في طول وتبع ولاية الله تعالى وطاعته، ومن ثمّ تتبلور القراءة الصحيحة لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلاً}، وقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
 
 
 
بأنّ وجوب طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) وولايتهم ليست مقتصرة على الحاكمية السياسية، بل هي ولاية وقيمومة على هذا الدين، كما هو الحال في وجوب طاعة الله وولايته، حيث إنّها غير مقتصرة على الحاكمية السياسية والقضائية والتشريع السياسي، بل هي ولاية عامّة بحدود سعة الدين والديانة، حتّى في الأبواب العبادية، بمعنى أنّ رسم العبادة لله تعالى هو بتوسّط سنن وأوامر نبوية وسنن وأوامر ولوية كما هي مشتملة على فرائض وأوامر إلهية فقصد الأمر المأخوذ في العبادة هو إمتثال الأمر الشامل للأقسام الثلاثة من الأوامر، فبطاعتهم يُعبد الله تعالى.
 
وإلى ذلك يشير ما رواه الكليني والمفيد والطوسي في الصحيح عن محمّد بن زيد الطبري، قال: “كنت قائماً على رأس الرضا عليّ بن موسى (عليه السلام) بخراسان وعنده جماعة من بني هاشم منهم إسحاق بن العبّاس بن موسى، فقال له (عليه السلام): يا إسحاق، بلغني أنّكم تقولون: إنّا نقول: إنّ الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قلته قطّ ولا سمعته من أحد من آبائي، ولا بلغني عن أحد منهم قاله، لكنّا نقول: الناس عبيد لنا في الطاعة، موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب”.
 
وما ورد في الروايات من زيارة الإمام الرضا (عليه السلام):
 
“اللّهمّ صلِّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هادياً لمن شئت من خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديّان الدين بعدلك، وفصل قضائك بين خلقك، والمهيمن على ذلك كلّه”.
 
 
 
وورد وصف ديان الدين في الصلاة على الحسنين وعلى علي بن الحسين في الزيارة المزبورة التي ورد فيها: “اللهمّ صلِّ على عليّ ابن موسى الرضا المرتضى عبدك ووليّ دينك”، كما ورد أيضاً في زيارة آل ياسين في الناحية “السلام عليك يا باب الله وديّان دينه”، ومنها قوله تعالى تلقيناً لنبيّه (صلى الله عليه وآله): {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}(سورة الأعراف)، فإنّ إنزال الكتاب وإن كان وصفاً لاسم الجلالة، إلاّ أنّ الوصف ذكر للمناسبة مع عنوان الولي، كما هو مطّرد في الاستعمال والأدب القرآني، وإلاّ لذكر وصف آخر غير إنزال الكتاب.
 
رابعاً: ما يظهر من دلالة العديد من أدلّة ولايتهم (عليهم السلام) أنّها قيمومة على مجمل الدين في طول وتبع قيمومة الرسول وفي طول قيمومة وتبع الله عزّوجلّ، فالولاية على الدين هي بالأصالة لله عزّوجلّ، كما قال تعالى: {أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}(سورة الزمر)، وقوله تعالى: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}(سورة الأنفال)، وقوله تعالى: {الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ}(سورة الكهف)، فإن خلوص الدين لله من قبل العبد يقتضي أن لا يخضع العبد لغير الله، ولا يدين بولاية وطاعة غير الله تعالى، أي يقتضي أنّ الولاية والطاعة في الدين في كلّ شعبها مبدأها ومنتهاها وأصلها وغايتها وأقسامها واختلاف ضروبها هي لله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}(سورة آل عمران)، و: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(سورة النساء)، وغيرها من الآيات المتظافرة الدالّة على ولاية الرسول في قيمومته على دين الله التابع لولاية الله في كلّ شعبها وضروبها وأقسامها، فهي ثابتة للرسول (صلى الله عليه وآله) تبعاً لولاية الله، سواء في ولاية التشريع والحكم والقضاء والتصرّف والبيان والترخيص والنسخ والإقرار وأنّ طاعتهم باب العبادة لله تعالى… وغيرها من ضروب أنماط الولاية وحقّ الطاعة في أبواب الدين الكثيرة المتعدّدة، التي يكون ولاية الحكم السياسي بقواه الثلاثة باباً من أبوابه ; إذ الدين دائرته وملاكاته أوسع من النشأتين فضلاً عن أن ينحصر بأحكام النظام السياسي في النشأة الدنيا.
 
 
 
فتحصّل: أنّ ولايتهم الواردة في الأدلّة المتعدّدة هي الولاية على كلّ الدين في جميع أبوابه وروافده، وهذا أصل من أُصول الشريعة في المعرفة تنشعب منه قواعد عديدة من المعارف.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/26



كتابة تعليق لموضوع : قراءات جديدة في آيات وحديث الغدير (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net