صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

وطن ذو رأسين؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عجائبنا لا تنتهي , وتتمادى في إبداعاتها السلبية وتفاعلاتها القاسية , التي توحي بالإنقطاع المروّع عن المكان والزمان , والتحامل على الوطن والإنسان.

 

فطبيعتنا لا تحتمل إلا أن يكون الواحد منا فحل الفحول , فنترجم رؤيتنا القائلة " وما إجتمعت بأذوادٍ فحول" , فالفحول يجب أن تتقاتل وتقضي على بعضها حتى ينفرد واحدها بنكاح جميع الأناث!!

 

وفي واقعنا الدامي تساهم الرؤوس الفحلوية بتدمير البلاد والعباد , والإمعان في المساهمة بالقفز إلى أتون الجحيمات المستعرة.

 

فنفوسنا بما فيها من ترسبات لا تستوعب ولا تتقبل أن يكون هناك , رئيس قبيلة سابق , أو رئيس عشيرة سابق , أو أي رئيس آخر سابق , كرئيس جمهورية أو رئيس وزراء  , فلا بد أن يتحقق الصراع , ولا مناص من القتال وسفك الدماء.

 

في العراق قامت ثورة الرابع عشر من تموز وقادها ضابطان في الجيش , وما تمكنا من تحقيق التفاعل الوطني المشترك , فحصل الذي حصل وقتل أحدهما زميله , ومات الآخر في حادث سقوط طائرة , وعانت البلاد الويلات الدامية بسبب هذا التفاعل السلبي بينهما ومضت على نهجهما.

 

وفي اليمن بعد توحدها صار فيها رئيس سابق لكن العقلية اليمنية لم تستوعب هذا التواجد وتحقق الإقصاء والنفي , واليوم فيها رئيس سابق لكنه ربما يساهم في إذكاء جذوة الصراعات ودفع البلاد والعباد إلى الهاوية , وكان من المفروض أن يكون أبا روحيا للشعب والوطن , بما يحمله من مسيرة منجزات وقدرات قيادية وسياسية , لكن الروح القبلية تتغلب ويُحسب لقب سابق على أنه نوع من الشتيمة والعار.

 

وفي بلد آخرهناك رئيس وزراء سابق , ويبدو أنه لا يزال يتفاعل وكأنه كما كان أو ربما أكثر ,لأن روحية نكران الذات غير متوفرة في مجتمعاتنا , وأكثرنا يميل للتبعية والطاعة العاطفية العمياء والإمعان في تضخيم الأنا المهوسة فيه.

 

وكلها سلوكيات متخلفة ممعنة بالقبلية الحمقاء والعشائرية الصفراء , فيغيب الوطن ويحترق الإنسان في نيران التلاحي والضلال والبهتان.

 

بينما المجتمعات المتقدمة علينا حضاريا , فيها العديد من الرؤساء السابقين , ونحن لا نتحمل ذلك ونسعى إلى محق ما هو سابق , لكي نتوهم بأننا نحكم أو نقود أو نستأثر بالسلطة , ونسخرها لأغراض شخصية وفئوية وتحزبية, فنقضي على الوطن والمواطنة والوطنية.

 

في دول أوربا هناك عدد من رؤساء الوزراء السابقين , وفي فرنسا وأمريكا عدد من رؤساء الجمهورية السابقين , ومعظمهم يسخرون خبراتهم وتوصيفاتهم للمساهمات الإنسانية والوطنية , التي تعزز الرحمة والمحبة والتسامح , وتقوي الإعتصام بالوحدة الوطنية والإنسانية.

 

وهذه المجتمعات تبدو أقوى وتتباهى برؤسائها السابقين الذين تجمعهم محبة الوطن وعقيدتهم الوطنية ورسالتهم الإنسانية.

 

وكل سابق عندنا عليه أن يُمحق ويُطمر ويُلغى , لكي يتمتع اللاحق بالتعبير عمّا تمليه عليه أمارة السوء التي فيه.

 

وتلك عجيبة من عجائبنا الخلاقة , فمن يحمينا من أنفسنا؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/27



كتابة تعليق لموضوع : وطن ذو رأسين؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net