صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري (( الحلقة الرابعة ))
ماجد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحديث عن أي شخصية شعرية مهما كانت عالية وسامقة .. والكلام عن أي موضوع مهما اتسم بالسمو والتألق .. ومهما استطال وتكاثر فانه لا بد أن يبعث على الملل والإشباع .. ولكن الحديث عن قمة الشعر العربي والغوص في شتى  تفاصيله عن شاعرنا الفرد المتفرد المرحوم الجواهري , كلما نتواصل بلا انقطاع عن جواهره المبدعة فإننا لا نشبع ولا نقنع من عبقها وأريجها ,  ولا ولن نرتوي من فيض عطائها الثر .. فالجواهري معشوق لكل عاشق , ومحبوب لكل محب ,  فهو حيٌ وميت ٌ ملء العيون والقلوب ,  وانه أعطر من العطر وارق من النسيم بإجماع الجميع ,  فقد التقت عليه الأفئدة ,  وتشدو بشعره كل الألسن الذواقة للروعة والإبداع وللعشق والهيام والجمال .
إن شعر الجواهري ليس أقوال تقال  , وليس كلمات تسبك,  بل انه سلسلة لؤلوية , وسبيكة ذهبية تشع انبهارا وإعجابا وانجذابا ,  فما أروعها من قريحة تضخ أمواج الإبداع والتألق والإشراق .. وأي انسان مثقف وعاشق للشعر يستغني عما طرحته هذه القريحة من درر ولآلي تظل ابد الآبدين في رحاب التاريخ والذكرى . وأعود من جديد إلى صديقي الأديب حمزة علي البدري وفي جعبتي أسئلة جديدة ومتنوعة منتظرا منه أن يزف لنا عرائس خلابة من هذا النبع الصافي والينبوع المتدفق .. وأنا على قناعة يقينية راسخة بان صديقي البدري يمتلك الخزين الهائل من الأجوبة الممغنطة عن كل سؤال اطرحه عليه ,  ويعطيني الأجوبة الشافية من رياض شاعرنا الكبير أبي فرات والذي هو فرات العراق الذي سيظل جريانه متدفقا بفيوضات الجمال والكمال والأنس والمؤانسة ,  ويغرقنا في خضم الأفكار المدهشة ,  والآراء المتألقة ,  والأشعار التي تحمل بين دفتيها أروع وأسمى الحكم والمواعظ والتجارب والعطاء .
 ويحلو لي أن افتح باب الأسئلة لصديقي كي أريح نفسي وأعصابي من منغصات الحياة ,  ومن نكد الأيام بارتشافي رشفات العذوبة والعفوية الجواهرية على لسان العاشق الولهان حمزة البدري ,  الذي بدأت أحس واشعر بان حياة هذا الرجل ( البدري ) مهندسة للاغتراف من الجدول الشعري للجواهري المخلد , وها أنا اطرح هذه الباقة  من الأسئلة  وكلي قناعة بان كل من يقرا أي حلقة من هذه الحلقات يشعر بانشداد وثيق للشعر الجواهري الأخاذ :


 هل انك جلد أمام المصائب  ..؟
 خلعتُ ثوبَ اصطبار ٍ كانَ يسترني
               وبانَ كذبُ ادعائي أنني جلدُ  ما ذا تقول عن الوطن  ..؟  ماذا يريدُ اللائمونَ فانهُ
                   وطنٌ يُحبُ وحبه ُ إيمانُ
  سنذودُ عنه ُ بعزم ِ حر ٍ صادقٍ
              منه ُ الضمير يستوي ولسانُ
لي فيكَ امالٌ وصدق ُ عزائم ٍ
                   لابدَ تنصرُ طيها الازمانُ هل صحيح أن الطيور على أشكالها تقع  ..؟إيهٍ عميدَ الدار كلُ لئيمة ٍ
                  لابدَ واجدة ٌ لئيما صاحبا  ولكلِ فاحشة ِ المتاع ِذميمةٍ
                سوقٌ تتيحُ لها ذميماً راغبا  ماذا تقول عن الصامدين بوجه الباطل  ..؟ الصامدونَ على وعورةِ دربهم
               ما مسهم ضجرٌ ولا إعياءُ
 ماذا تقول عن المستعمر وعملائه  ..؟ وقد رأى المستعمرون َ فرائساً
                 منا والقوا كلبَ صيدٍ سائبا  فتعهدوهُ فراح طوعَ بنانهم
                    يَبرَونَ أنيابا له ومخالبا متنمرينَ ينصبونَ صدورهم
            مثل السباع ضراوة وتكالبا
 ماذا تقول للمتمشدقين الأدعياء  ..؟  لا تزعجونا بالتشدق أننا
            بسوى التخلص منكم لا نقنع
 ماذا تقول عن الشريف النظيف الذي يرحل عنا  ..؟  إنا فقدناه فقدَ العين مقلتها
            أو فقد ُ ساعٍ إلى الهيجاء يمناه ُ  ودعته ُ ودموع ُ العين فائضةٌ
           والنفس ُ جياشة ٌ والقلب ُ أواه ماذا تقول إذا فلتت منك إساءة للمحبين  ..? وقد يهونُ عندَ المرءِ زلتهُ
          إحساسهُ انهُ ما بينَ إخوانِ
 بماذا ترثي الحبيب ..؟
 رثاؤكَ ما أشقَ على لساني
           ورزؤكَ ما أشد َ على جناني
 ما هو تقيمك للرجل الصريح  ..؟
 وكنتَ صريحاً في حياتك َ كُلِها
             وكانَ وما زال َ المصارح ُ نادرا
  وتجيُ بالرأي الصريحِ وانهُ
             للانَ أصعبُ ما يكونُ وأندرا ■ ما ذا قال الجواهري في رثاء أخيه الشهيد جعفر رحمه الله  ..؟
 أخي جعفراً بعهودِ الإخاءِ    
              خالِصَةً بينا أُقْسِمُ
وبالدمعِ بعدكَ لاينثني   
            وبالحُزْنِ بَعْدَكَ لايُهْزَمُ
وبالبيتِ تَغْمُرُهُ وحشـةٌ    
              كقبرِكَ يسألُ هل تقدُمُ
وبالصَّحْبِ والأهلِ يستغربونَ   
             لأنَّكَ منحرفٌ عَنْهُمُ
إذا عادني شَبَحٌ مُفْـرِحٌ  
       تَصَدّى له شَبَحٌ  مُؤْلِمُ
وأنِّيَ عودٌ بكَفِّ  الريـاحِ   
      يَسْألُ منها متى يُقْصَمُ   
 ياحمزةَ البدري أزح عنا السأم والملل بأبيات غزلية للجواهري  ..؟
 جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني   
            وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ
                من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني لا تقيسي على ملامحِ وجهي
                  وتقاطيعِه جميعَ شؤوني أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
              يتنافى ولونَ وجهي الحزين
أسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني
                 ودعي لي الخَيارَ في التعيين
 زدنا بضمامة من شعر الغزل لأبي فرات رحمه الله   ..؟
 علامَ  تجتهدينَ مُرغمة
               ان تستري ما ليس ينستر ُ
كذبَ المنافقُ لا اصطبارَ
              على قدٍ كقدك ِ حينَ يهتصرُ ومغفلٌ من راحَ يقنعهُ
             منك الحديث الحلو والسمرُ
أنا لا اخصصُ منك جارحةً
           كل ُ جوارحي لي منك ِ وطرُ
عيناي فدى قدميك سيدتي
           عيناكما أضناهما السهر ُ
إني لأسفُ أن يجورَ
            على خديك ِ خدكٌ ملئهُ الشعر
 ما هو الشي الذي يثير ألمك وسخطك   ..؟
 أحاولُ خرقاً في الحياةِ وما اجرأ
                وأسف أن امضي ولم ابقي لي ذكرى
  ويلومني فرط افتكاري بأنني
                 سأذهب لا نفعا جذبت ولا ضرا ومازلتُ ذاك المرء يوسع ُ دهره ُ
                وأصحابه ُ والناس كلهم كفرا تأمل إلى عين تجد خزرا بها
                ووجهي تشاهده عن الناس مزورا الم ترني من فرط شك وريبة
                 أري الناس حتى صاحبي نظرا شزرا 

 ماذا قال الجواهري عن اختلاس المطارحات   ..؟
 إن نيلَ الحرام أشهى من الحِل
                   وأحلى نيلاً وأعذبُ كأسا
 ماذا تقول عن فراق الاحباب   ..؟
 العيشُ مرٌ طعمهُ بعدكمُ
                 وكيفَ لا والبعدُ مرُ المذاقِ
 إذا التبست عليك الأمور ايها البدري , فماذا تقول    ..؟
 اللهُ اكبرُ رددها فان بها
              خواطراً ورموزاً ذاتَ أسرارِ          
 ما هي البلايا والرزايا التي نعاني منها إضافة للإرهاب الأسود   ..؟
 يا خليليَ والبلاءُ كثيرٌ
               في بلادي ولا كهذي البلية كلنا في النفاقِ والختلِ نبدي
               كلَ يومٍ مهارة فنية
قد لففنا كل المساويءَ فينا
             برداءٍ من نهضةٍ وطنية
ما شقينا إلا لانا حسبنا
              إن في الكذبِ جرأةً أدبية
 ما هو رأيك بالمظاهرات السلمية   ..؟
 دعوا الشعبَ للإصلاح يأخذ طريقهُ
               ولا تقفوا للمصلحين بمرصدِ  فأما حياة ٌ حرة ٌ مستقيمة ٌ
               تليقُ بشعبٍ ذي كيانٍ وسؤددِ وإما مماتٌ ينتهي الجهد عندهُ
               فتعذرُ فاختر أي ثوبيكَ ترتدي
 ماذا تقول عن الإنسان الشريف النموذج المميز    ..؟
 وتمتحنُ الرجولةُ في محكٍ
              يمازُ بها المزيف ُ والأصيلُ  خصالٌ كلها شرفٌ رفيعٌ
               ونفسٌ كلها خلقٌ نبيلُ
وطبعٌ صيغَ من أدبٍ ولطفٍ
             كعطرِ الزهرِ فواح ٌخجلُ

في هذه الطقوس المنعشة التي دغدغت مشاعرنا ,  وحركت المياه الراكدة في نفوسنا المتعبة التي أضناها السهر والقهر والانتظار وأنهكها القلق والأرق عما يتمسرح على واقعنا من أزمات وصدمات ومنغصات ومفاجئات وسلبيات تركت وما تزال تترك سحبا من الضجر والتذمر والاستياء ... ولكننا عندما نختلس سويعات نعيش بها مع تراث الجواهري الشعري تتبدد أمامنا الكثير من الهموم والغيوم  , لان شعر الجواهري يجدد أفكارنا ,  ويبعث في قلوبنا أمواج الغبطة والمرح والسرور والتأمل .
 فشعر الجواهري تضميد للجراح , وبلسم للآلام , وقناديل تشع أملا واطمئنانا وإشراقا تضيء دروب المتعبين والمقهورين والذين يرتقبون التغيير الايجابي الذي يحقق الأماني لهذا الشعب الذي عانى وما يزال يعاني الكوارث والمحن والنكبات , ولكن الأمل يكبر ويكبر بالمستقبل المشرق المتألق .. وان شاء الله إلى اللقاء في حلقة خامسة إذا بقينا أحياء .

  majidalkabi@yahoo.co.uk


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/09



كتابة تعليق لموضوع : لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري (( الحلقة الرابعة ))
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net