لماذا حسم الأمويين معركتهم بالحجارة؟
العلامة المنار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الملاحِظ لسلوك الجيش الاموي في المعركة هو انه حسم معركته مع مسلم بن عقيل بالحجارة ، وحسم معركته مع الحسين (ع) بالحجارة.
فما قصة هذه الجيوش الجرارة التي تحسم القتال مع فرد مقابل جيش بالحجارة؟
أليس هذا غريبا؟

- السؤال مفتوح لكل من يفكر ويجد تحليلا لهذه الظاهرة النشاز .

🔸تحليلي الشخصي هو ما يلي :
لقد كان معروفا ان بني هاشم لهم اماكن سرية للتدريب على تقنيات القتال العالية ، التي يستطيع فيها المقاتل من السيطرة على عدوه، وهي تقنية لو توفرت لجميع مقاتلة المسلمين لما وقف أمامهم بلد إطلاقا ، ولهذا فان النبي و الامام علي وبعض اهل البيت صلوات الله عليهم كانوا بمفردهم يعادلون جيوشا كاملة ويسيطرون على المعارك .
ولكن بما ان الدولة الاسلامية تحولت الى قوة غاشمة بيد اعداء اهل البيت (ع) ، فان اهل البيت (ع) لم يمنحوا هذه التقنيات لغيرهم ، ونعما فعلوا ، فان هذه التقنيات خطيرة لا يجوز شرعا تعليمها لقوة غاشمة لا تمتلك ادنى شرف وشرعية .

ان هذه التقنيات حين توصف لهي اقرب الى تقنيات الاديرة الصينية واليابانية التي ظهرت اخيرا للعلن، في برامجها وحركاتها ، وبفلسفتها في مكامن القوة والضعف ، وفي استغلال فيزياء الكون لتكون قوة مضاعفة تطيح باكبر جبل بشري.

🔸فكان اعتماد جيوس بني امية على الكثرة والسهام والغدر والضرب من الخلف وما شابه ذلك من وسائل بسيطة وغير محترمة في القتال تفتقر الى ابسط قواعد التدريب القتالي الحقيقي ، وهو امر لم يكن يحضى باحترام وانما يدعو للخوف والرهبة من الوحشية المفرطة.
غير ان تقنية اهل البيت كانت تفوقهم قوة ، فقد كان مقاتلهم لا يمكن السيطرة عليه حتى ان وصف وحشي للامام علي (ع) يدل على انه في معركة احد لم يجد له ثغرة لأنه متحرك بحيث يكون دائما امامك ، يتقيك ويتفاعل معك بسيف سريع خطير .
هذه التقنية واجههوها مع مسلم بن عقيل ، فلم يكن منهم الا ان هبطوا الى مستوى الوحوش ، فقرروا قذفه بالحجارة وصب الماء الحار عليه من السطوح ، وما ما شابه ذلك من وسائل خسيسة في القتال ، لا تقوم بها أي من الجيوش المحترمة التي تفضل الموت والهزيمة على استعمال هذه الأساليب الخسيسة التي لا تدل على أي شرف في الجندية.
فان الجندي الذي يستعمل الحجارة من السطوح والماء الحار وما شابه ذلك لا يعتبر جنديا بل هو غوغائي يفتقر الى أبسط لياقات العسكرية ،
ولهذا فحينما جابهوا العباس (ع) ، كان قتالهم معه من بعيد بالحجارة والسهام ، واستخدام الكمين للغدر به ، والاتيان له من الخلف ، لأن منطقة القتال كان فيها اشجار ونخيل ، حيث كمنوا له حين حاول الوصول الى الماء ليسقي عطاشا اهل البيت (ع) لهفي عليهم. فضربوه من الخلف غدرا ، وهذا النوع من القتال هو من الخسة بحيث لا يقبل أي جيش ان يدونه في مذكراته لأنه عار على هذا الجيش .

🔸واما الامام الحسين (ع) فقد كان يقاتل في ارض مكشوفة ، فلم يستطيعوا أن يواجهوا قوته القتالية وبأسه الشديد ، لما يمتلك من تقنيات ، فلهذا فان الخسيس امر بالخسة ، فان الامام الحسين (ع)تنبأ ان يكشف بقتله لهم هوانهم : (قال أبو مخنف - حدثني الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم قال :.... ، قال : وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع ، يتقى الرمية ، ويفترص العورة ، ويشد على الخيل ، وهو يقول أعلى قتلى تحاثون ؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني ، وأيم الله اني لارجو أن يكرمني الله بهوانكم)

ولهذا قال عمر بن سعد لقومه : الويل لكم ، اتدرون من تبارزون ؟ هذا ابن الانزع البطين ، هذا ابن قتال العرب ، فاحملوا عليه من كل جانب ، فحملوا بالطعن مأة وثمانين واربعة آلاف بالسهام . لكن الحسين (ع) كان مدربا على توقي السهام او التقليل من اثرها رغم أن دروعه اصبحت كالقنفذ من كثرة السهام ، فما كان منهم إلا أن رموه بالاحجار كالمطر ، وحين أصيب بحجر حلت الكارثة ، لانه ينبغي ان يتقي الدم على عينه ، وينبغي أن يمسحه ، فبانت منه نقطة ضعف قتالية ، فرموه بالسهم المثلث المسموم.

🔸إن قتل الامام الحسين (ع)بالحجارة يعتبر عارا كبيرا على جيوش المسلمين ، فهو يكشف الهمجية واسلوب الغابة ، ويكشف الضعف الحقيقي في تدريب المقاتلين ، بل قد لا يكونوا مقاتلين اصلا ، إنما هو تجميع سفلة الشوارع لتكوين جيش ، وانا اجمع بين الصورتين لأنهم جيش حقيقي منظم، ولكنهم مجموعون من سفلة الشوارع وغير مدربين على تقنيات القتال الحقيقية.
وانه جيش لا يعرف قيم القتال ولا أخلاقيات الفارس النبيل ، ليس لديه أي قوانين للاشتباك ، وليس له أي حدود وخطوط حمراء للإجرام أو الإرهاب . انه لا يمكن تصنيفه كجيش محترم بكل المقاييس ، انما هو حركة وحشية بربرية منحت اسم جيش .

🔸وبهذا الموقف كشف الامام الحسين (ع) ، لماذا يثور على هؤلاء ؟

اولا: لأنهم مجموعة من سفلة الخلق ، تملك زمام اعظم دين سماوي .

ثانيا: لأنهم في اخلاقهم لا يشابهون ابسط الامم حولهم ، فهم يمتلكون جيشا يحسم امر قتاله بالحجارة والسهام وصب الماء الحار من بعيد.

ثالثا: لأنهم لا يعرفون الشرعية الدينية والانسانية ، ولهذا فان عدم النهضة ضدهم يعتبر امضاء اجتماعيا ، لهذا الهبوط الديني الذي سيؤدي الى انقلاب الدين الى ضده .

🔸ويبقى السر الاساس في ثورة الامام الحسين (ع) كما عرفناها بالسبر هو : ان الاسلام كان في دائرة قرار الزوال ، ولكن ثورة الامام الحسين (ع)وما تلاها من تداعيات ، أوقفت كل هذه المشاريع وخوفت الظلمة من التحرش باصل الاسلام وكيانه الاساسي .

🔸ولهذا فان من غباء السلفية الحالية ان يدافعوا عن يزيد وعن افعاله ، لانه اعلن انه يريد ان يأخذ بثارات بدر من المسلمين وهذا الاعلان بعد مقتل الحسين علنا وقبله سرا يحدد خارطة الاحداث المرسومة ، فما يقوم به السلفية هو ليس دفاعا عن رمز سني كما يعتقدون وانما هو دفاع عن محاولة القضاء على الإسلام وعلى القيم العليا والمبادئ الشريفة .

ان الدفاع عن يزيد وفعلته انما هو دعوة صريحة للقضاء على أصول الإسلام وجذوره بل حتى اسمه ، وهذا لا يريده السلفيون ولا يريدون الوصول اليه لأنهم سيكونون كمن ضيع رأس ماله ، ولكنهم يتحركون من دون تفكير ولا يرون مقدار انعكاس الهمجية والوحشية في سلوك يزيد وجيشه على مجمل الفكر الاسلامي بما يظهره رجوعا الى التخلف آلاف السنين الى قيم الغابة ومناوشة الضباع .

🔸ان تحليلي هذا قد لا يكون هو الأفضل للتفكير في هذه الحقيقة المرة ، وهي ان جيشا عرمرما يحسم قتاله مع أفراد قلائل من الفرسان النبلاء بالحجارة والسهام من بعيد.!!!!! ولهذا قد نجد تحليلات اخرى .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


العلامة المنار

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/27



كتابة تعليق لموضوع : لماذا حسم الأمويين معركتهم بالحجارة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net